تعيش مدينة الصخيرات منذ سنوات على وقع إشكال معقد، عنوانه العريض عبور مئات الشاحنات العملاقة القادمة من مقالع الصخر الواقعة بتراب جماعة سيدي يحيى زعير، وما يترتب عن ذلك من أضرار على الأرواح والبيئة والممتلكات والبنية التحتية.
هذه الشاحنات، التي يقدر عددها اليومي بحوالي 1000 شاحنة، تسببت في عدة حوادث سير مميتة أو خطيرة، كان ضحاياها في الغالب أطفالاً وتلاميذ ومسنين، فضلاً عن الضغط الكبير على الطريق الرئيسي الذي أعيد تأهيله قبل سنتين بكلفة مالية كبيرة، وهو اليوم مهدد بالتآكل مجدداً بفعل الحمولة الثقيلة وحركة المرور الكثيفة. كما يخلف مرور هذه الشاحنات أضراراً بيئية واضحة، من غبار متطاير وضجيج متصاعد، إلى اختناق مروري يعيق السير العادي داخل المدينة.
اللافت في الموضوع أن المجلس الجماعي للصخيرات كان قد صادق بالإجماع خلال الولاية السابقة على قرار يمنع مرور هذه الشاحنات عبر مركز المدينة، لكن القرار لم يُفعّل، في وقت اختفت فيه علامات التشوير التي كانت تفرض هذا المنع، وهو ما يثير تساؤلات حول دور السلطات المحلية والمصالح الأمنية في ضمان تنفيذ القرارات الجماعية وحماية المصلحة العامة للساكنة.
وفي مواجهة هذا الوضع، برزت مقترحات من فعاليات محلية تدعو إلى إعادة النظر في التقطيع الترابي، بعد أن اقترحت ضم جماعة صباح –التي تراجع عدد سكانها إلى نحو 3000 نسمة على أبعد تقدير بعد عمليات إعادة الإسكان– إلى الصخيرات، مع إعادة إدراج مقالع سيدي يحيى ضمن هذا التقطيع الجديد، مما يسمح بتوجيه مواردها الضريبية نحو تنمية الصخيرات، باعتبار هذه الأخيرة المتضرر الوحيد من مرور هذه الشاحنات.
هذا الطرح يرى فيه متابعون حلاً عملياً يوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية وحماية السكان، في انتظار شق طريق جديد يربط هذه المقالع مباشرة بالطريق السيار، لكنه يظل رهين إرادة سياسية وإدارية جادة، قادرة على التنسيق بين الجماعات المعنية والسلطات الإقليمية لضمان تنفيذ القرارات وحماية البنية التحتية.
ملف شاحنات المقالع بالصخيرات يضع جميع الأطراف أمام مسؤوليات واضحة: من الجماعات الترابية إلى السلطات الأمنية والوصية، ويبقى التحدي الحقيقي في الانتقال من مرحلة تشخيص الأضرار إلى تبني حلول قابلة للتطبيق، تحفظ للمدينة أمنها البيئي وسلامة سكانها، وتضمن في الوقت نفسه استمرار الأنشطة الاقتصادية بشكل منظم ومسؤول.
0 تعليق