تتهيأ السلطات الإسبانية السلطات بجزر الكناري لإطلاق مشروع كابل بحري من الألياف البصرية يصل بين الجزيرة وميناء طرفاية بالمغرب، بهدف نقل البيانات بسرعات فائقة وتعزيز موقع الأرخبيل كنقطة محورية للاتصال بين ثلاث قارات.
ويأتي المشروع بمبادرة من شركة "كانالينك" التي حصلت على تمويل أوروبي بقيمة 7,5 ملايين يورو لبدء الأشغال خلال سنة 2025، بدعم من مجلس جزيرة تينيريفي، مع تطلع لجلب مساهمة من الحكومة المحلية والدولة الإسبانية.
كما يمثل هذا الربط البحري جزأً من استراتيجية تكنولوجية أوسع، تروم تنويع مسارات نقل البيانات، وتحسين مرونة الشبكات، وخلق فرص جديدة للاستثمار الرقمي. غير أن مسار الكابل أثار جدلاً سياسياً، لكونه سيمر عبر مياه قريبة من الصحراء المغربية، وهو ما يضعه في سياق نقاشات دولية من طرف "المتربصين" بالسيادة المغربية على هذه المنطقة.
وتعتمد البنية التقنية للكابل على ألياف زجاجية دقيقة مكسوة بطبقات حماية معدنية وعوازل قادرة على تحمل ضغط الأعماق البحرية، لنقل مليارات النبضات الضوئية في الثانية، ما يتيح تمرير المكالمات الصوتية والفيديو والبيانات المالية والعلمية دون انقطاع. وينضم هذا الخط إلى شبكة الروابط البحرية التي تربط الأرخبيل بالعالم، مثل "ACE" و"WACS" و"2Africa"، ما يعزز مكانته كمحور رئيسي للاتصالات العالمية.
ويمنح المشروع ميزة "التكرار" أو المسارات البديلة في حالة انقطاع أحد الخطوط، وهو عنصر حيوي لجزر تعتمد اقتصادياً على استقرار خدمات الإنترنت في قطاعات مثل السياحة والبحث العلمي. ويواكب إطلاقه الطلب العالمي المتزايد على سعة الإنترنت، بفعل توسع خدمات السحابة الرقمية، ومنصات البث، وانتشار الأجهزة الذكية، وصعود تطبيقات الذكاء الاصطناعي، في وقت تنقل فيه الكابلات البحرية أكثر من 95% من بيانات الإنترنت عالمياً.
وتسعى السلطات إلى إنهاء المشروع ودخوله الخدمة بحلول 2026، وسط تحضيرات لدمج تمويلات إضافية وضمان تنفيذ الأشغال في الآجال المحددة.
ويُرتقب أن يفتح هذا الربط آفاقاً واسعة أمام القطاع الخاص في مجالات مثل مراكز البيانات، والخدمات المالية فائقة السرعة، وتوزيع المحتوى الرقمي، وأنظمة المراقبة البيئية. وبهذا، يعيد الأرخبيل إحياء دوره التاريخي كمفترق طرق، لكن هذه المرة تحت مياه الأطلسي، حيث تنقل الألياف الضوئية نبض العالم الرقمي بدل القوافل والبضائع.
0 تعليق