على مدى العقد الماضي، عززت الولايات المتحدة سمعتها كمركز عالمي لتكوين الثروات، بفضل تفوق سوق أسهمها وتحقيقها عوائد تفوق بثلاثة أضعاف متوسط العوائد في بقية العالم. إلا أن أحدث البيانات تكشف أن هذا التفوق، رغم قوته، لا يعني احتكار أمريكا لمصادر الثروة، إذ برزت أسواق دولية عديدة كمحركات رئيسية للنمو والثراء.
فمن التصنيع في الهند إلى مناجم المعادن في كندا وعقود الدفاع في أوروبا، مروراً بالصناعات المدعومة حكومياً في الصين، تتنوع مصادر الثروة خارج الولايات المتحدة. ويظل الاعتقاد بأفضلية أمريكا مدعوماً بهوس التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حيث تتركز الثروات الكبرى في وادي السيليكون، ما جعل 8 من أغنى 10 أشخاص في العالم أمريكيين، و8 من أكبر 10 شركات من حيث القيمة السوقية أمريكية أيضاً.
لكن خارج هذه القمة الضيقة، تنتج دول عدة شركات عملاقة تحقق نمواً لافتاً. فمنذ عام 2015، ظهرت 444 شركة حول العالم بعوائد سنوية تفوق 15% وقيمة سوقية تتجاوز 10 مليارات دولار، منها 248 شركة خارج الولايات المتحدة. وتتصدر الصين والهند القائمة، إذ أنتجت الهند وحدها نحو 40 شركة، معظمها في قطاعات التصنيع والتكنولوجيا والتمويل.
كما تحتفظ أوروبا بحصة معتبرة في قطاعات غير تكنولوجية، بأكثر من 50 شركة بارزة، بينما تشهد القارة نهضة في ريادة الأعمال مع تضاعف عدد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا أربع مرات خلال عقد. وإلى جانب ذلك، يظهر سبعة من كل عشرة مليارديرات جدد خارج الولايات المتحدة، خاصة في الصين والهند وكندا وإيطاليا، مع ثروات شخصية تتجاوز 10 مليارات دولار.
ويمتد خلق الثروة عالمياً أيضاً إلى الأسواق الخاصة، حيث يوجد ما يقرب من نصف الأصول الخاصة البالغة 13 تريليون دولار خارج الولايات المتحدة، إضافة إلى أن 40 من أكبر 100 شركة "يونيكورن" عالمية غير أمريكية.
ورغم الأداء الأمريكي الاستثنائي في السنوات الماضية، فإن تركّز الثروة في القمة يثير مخاوف متزايدة من عدم المساواة. وتشير المؤشرات الحالية إلى أن العقد المقبل قد يعيد التوازن بين الأسواق، مؤكداً أن تكوين الثروة ليس حكراً على دولة واحدة، بل هو سباق عالمي مفتوح.
0 تعليق