السوق العقاري يتوسع في آلية التقسيط طويل الأجل

البورصة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

يشهد السوق العقاري ، حاليا، توجهًا متزايدًا من المطورين العقاريين لطرح مشروعات بأنظمة سداد طويلة الأجل، تتجاوز في بعض الحالات 10 سنوات ، في محاولة لتنشيط المبيعات واستقطاب شرائح أكبر من العملاء، وسط منافسة قوية بين الشركات.

العادلي: مد فترات السداد ينعش المبيعات بشرط وجود إدارة مخاطر قوية

قال المهندس رياض العادلي، رئيس مجلس إدارة شركة نكست دور للتسويق العقاري، إن أنظمة السداد الطويلة أصبحت من أبرز الأدوات التي يلجأ إليها المطورون العقاريون مؤخرًا، في ظل التباطؤ الذي قد يصيب حركة المبيعات من وقت لآخر نتيجة الظروف الاقتصادية أو تغير أنماط الطلب.

أضاف لـ «البورصة» أن الفكرة في جوهرها تقوم على إتاحة فرصة أكبر للعملاء للشراء عن طريق خفض قيمة القسط الشهري، حتى لو كان ذلك مقابل مد فترة السداد لسنوات طويلة، موضحا أن العميل في النهاية ينظر إلى ما سيدفعه شهريًا، وإذا كانت القيمة في متناول قدرته المالية، يصبح القرار الشرائي أسهل بكثير، وهذا ما ينعكس إيجابًا على السوق.

أشار العادلي، إلى أن مد فترات السداد يتم استخدامه كأداة تنشيطية للسوق، ويكون أكثر فعالية في أوقات الهدوء النسبي أو تراجع الطلب، إذ يمنح العملاء مساحة أوسع لاتخاذ القرار دون ضغط مالي كبير.

وأضاف أن المطورين العقاريين لا يطرحون مدد سداد طويلة بشكل عشوائي، وإنما بعد دراسة متأنية للظروف المحيطة بالسوق، وطبيعة المشروع، والشرائح المستهدفة، فضلًا عن قدرة الشركة على تمويل نفسها خلال فترة التحصيل الممتدة.

ولفت إلى أن قوة المطور العقاري تلعب دورًا أساسيًا في نجاح هذا النوع من العروض، موضحًا أن الشركات ذات الملاءة المالية القوية يمكنها تحمل تأجيل التدفقات النقدية لفترات أطول، عكس الشركات الصغيرة التي قد تجد صعوبة في ذلك.

وتابع:«عندما تكون الشركة قوية، يمكنها الصبر على تحصيل الأقساط لسنوات، وفي المقابل تستفيد من زيادة حجم المبيعات ودخول شرائح جديدة من العملاء».

أكد العادلي أن طول فترة السداد يسهم في إنعاش السوق بشكل واضح، إذ يحافظ على دوران حركة البيع والشراء، ويمنع حدوث ركود، موضحًا أن السوق العقارية حساسة لأي تغييرات في القدرة الشرائية، وعندما يتم منح العملاء فترة أطول للسداد، تصبح لديهم مرونة أكبر في إدارة التزاماتهم المالية، وهذا يخلق حالة من النشاط المستمر.

و شدد على أن هناك مخاطر يجب الانتباه إليها، وعلى رأسها احتمالية تعثر بعض العملاء في السداد على المدى الطويل، خاصة إذا طرأت تغييرات اقتصادية تؤثر على دخولهم.

وفي تلك الخطوة تأتي أهمية إدارة المخاطر، من خلال ضمانات قوية مثل الشيكات المسبقة، والشروط الجزائية التي تلزم العميل بالالتزام، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة للمدفوعات.

وهذا النوع من أنظمة السداد قد يفتح الباب أمام دخول شرائح جديدة من السوق، بعضها كان مستبعدًا سابقًا بسبب ارتفاع الأقساط .. لكن هذه الشرائح قد تكون أكثر عرضة للتعثر مستقبلًا.

لفت العادلي إلى أن بعض العملاء يعتبرون أنظمة السداد الطويلة بمثابة فرصة استثمارية، إذ يشترون وحدات بهدف إعادة بيعها قبل الاستلام، محققين أرباحًا نتيجة ارتفاع الأسعار بمرور الوقت .. وهذا السلوك موجود بكثرة في السوق، ويؤدي أحيانًا إلى زيادة الطلب على المشروعات الجديدة.

وفيما يتعلق باستمرارية هذه السياسة، يرى العادلي أنها أداة مهمة لكنها ليست حلًا دائمًا، لأن استمرارها لفترات طويلة قد يرهق المطورين، موضحاً أن الاعتماد المفرط على السداد الطويل يضغط على التدفقات النقدية للشركات، وقد يؤثر على جداول التنفيذ ومواعيد التسليم، لذلك يجب أن تُستخدم هذه الأداة بذكاء وفي التوقيتات المناسبة.

المنشاوي : الشركة التي لا تقدم تسهيلات منافسة قد تخسر شريحة كبيرة من العملاء

واعتبر المهندس رضا المنشاوي، مدير قطاع التسويق والمبيعات بشركة ديارنا العقارية، المنافسة الحالية بين المطورين العقاريين ، وصلت إلى مستويات غير مسبوقة .. الأمر الذي جعل العديد من الشركات تقدم أنظمة سداد طويلة الأجل تصل إلى 10 سنوات أو أكثر، في محاولة لجذب أكبر شريحة ممكنة من العملاء، مؤكدا أن العميل اليوم أمامه عشرات العروض، والشركة التي لا تقدم تسهيلات منافسة قد تخسر شريحة كبيرة من السوق.

وأوضح أن تحديد مدد السداد لا يتم وفقًا لرغبة عميل بعينه، بل هو انعكاس لسياسة السوق والمنافسة بين الشركات.

أضاف، أنه حينما تقدم إحدى الشركات عرضًا بمدد سداد طويلة، تجد بقية الشركات مضطرة إلى مجاراتها أو حتى تقديم عروض أطول، بشرط أن يتحمل هيكلها المالي ذلك، مُشيرًا إلى أن الأسعار في هذه الحالات يتم تعديلها بما يتناسب مع طول فترة السداد، حيث تُضاف زيادة محسوبة على السعر النهائي لتعويض المطور عن تأجيل التحصيل.

أكد المنشاوي، أن هذه الزيادة عادة تحسب وفق أسعار الفائدة المعلنة من البنك المركزي، وتوزع على سنوات السداد، بحيث تعوض الشركة عن فارق القيمة بمرور الوقت.

وأوضح أن هناك فئة من العملاء تستغل هذه الأنظمة كفرصة استثمارية، إذ تشتري وحدات على فترات سداد طويلة وتعيد بيعها قبل الاستلام، محققة أرباحًا من فرق الأسعار. وهذا النوع من العملاء يسهم في تحريك السوق .. لكنه لا يمثل قاعدة الاستهلاك الفعلي للوحدات.

أضاف أن هذه السياسة ليست دائمة، لأنها تفرض أعباء على المطورين من حيث التدفقات النقدية وجداول التنفيذ، مشيرًا إلى أنها أداة مرحلية تُستخدم في أوقات المنافسة الشديدة أو تباطؤ الطلب، وليست استراتيجية مستمرة.

الشيخ: المطورون أصبحوا الممول الرئيسي بسبب إحجام البنوك عن التمويل المباشر

وقال علاء الشيخ، رئيس مجلس إدارة شركة “أسيت تاب” للتسويق العقاري، إن اتجاه المطورين العقاريين مؤخرًا لطرح مشروعات بأنظمة سداد طويلة الأجل يرجع في جزء كبير منه إلى موقف البنوك التي لم تعد ترغب في الدخول كممول مباشر للعملاء أمام المطورين، الأمر الذي دفع الشركات العقارية لتولي هذا الدور بنفسها.

وأوضح لـ «البورصة» أن المطورين باتوا في هذه الحالة بمثابة الممولين الرئيسيين للعملاء، إذ يقدمون لهم تسهيلات سداد تمتد لسنوات طويلة، بهدف تيسير عملية الشراء واستقطاب شرائح جديدة، خاصة من العملاء ذوي القدرة الشرائية المحدودة أو من لا تتوافر لديهم الشروط البنكية التقليدية للحصول على تمويل.

وأضاف الشيخ، أن الشركات تضمن حقوقها من خلال إلزام العملاء بالتوقيع على شيكات تغطي كامل قيمة الوحدة، وهي بمثابة ضمان قانوني في حالة التعثر عن السداد.

وحالة احتاج المطور إلى سيولة عاجلة، يمكنه اللجوء للبنوك لتسييل هذه الشيكات أو ما يُعرف بعملية التوريق، إذ تحصل البنوك على قيمة الشيكات مقدمًا وتتولى هي مهمة تحصيل الأقساط من العملاء مباشرة.

وهذه الآلية تمنح الشركات مرونة مالية كبيرة، إذ تساعدها على استمرار النشاط وتنفيذ مشروعاتها دون توقف، وفي الوقت نفسه تمنح العملاء فرصة حقيقية للدخول إلى السوق العقارية، خصوصا من لم يكن بإمكانهم التعامل مع شروط البنوك أو تحمل دفعات كبيرة في بداية التعاقد.

وأكد أن الهدف الأساسي من هذه التسهيلات هو إيجاد حلول تمويلية مبتكرة تخدم الطرفين؛ فمن ناحية يحقق المطور على مبيعات أكبر وتدفقات نقدية يمكن إدارتها بمرونة، ومن ناحية أخرى يحصل العميل على فرصة لتملك وحدة عقارية بشروط سداد تتناسب مع إمكانياته.

ولفت الشيخ إلى أن هذه السياسة أسهمت في تنشيط السوق العقارية خلال السنوات القليلة الماضية، لكنها في الوقت نفسه تحتاج لإدارة مالية دقيقة من قبل المطورين، خاصة في ظل طول فترة التحصيل والمخاطر المحتملة للتعثر.

أخبار ذات صلة

0 تعليق