أكدت دائرة التمكين الحكومي في أبوظبي، أنه في عالم الذكاء التعاوني المتطور، يجب على الجهات إعادة التفكير في دور الخبراء واعتماد نهج تعاوني متعدد التخصصات، ليشمل زرع ثقافة تقدر المعرفة المتخصصة، إضافة إلى القدرة على تركيب المعلومات عبر المجالات المختلفة واستخلاص رؤى دقيقة من البيانات الواسعة، ولضمان المنافسة والمرونة في مواجهة التغيرات العالمية السريعة، يجب على الجهات أيضاً دمج أنظمة تحليل المعلومات الآلية واستخدام إنشاء المعرفة التعاونية.
ذكرت الدائرة في تقريرها الاستشرافي للاتجاهات الناشئة في إدارة المواهب (2024 -2040)، أنه وفقاً لمنصة (futures platform) يُعرف هذا المؤشر ب «تغير مفهوم الخبرة»، في حين أن الخبرة ستبقى عاملاً أساسياً في المستقبل، فإن التركيز على الخبراء الفرديين خاصةً أولئك الذين يُنظر إليهم كمرجعيات عُليا، سيقل تدريجياً، ويعود ذلك إلى انتشار المعرفة الجماعية، والاعتماد المتزايد على البيانات الضخمة والتحليلات المتقدمة.
وأوضح التقرير أن منظومة الخبرة تشهد تحولاً جذرياً نتيجة لعدة عوامل رئيسية، أولها أن النمو السريع في إنتاج المعلومات يؤدي إلى صعوبة بقاء أي خبير على اطلاع شامل، وثانياً توفر البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي أساليب جديدة للوصول إلى المعلومات وتحليلها، وثالثاً أن وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية تُحدث تحولاً في كيفية إنتاج المعرفة والتحقق منها ومشاركتها، وهو ما يقلل من الاعتماد على الخبراء الأفراد.
أكد التقرير أنه في تأثير الاتجاه في المستقبل، ستتوحد الأنظمة الآلية لجمع المعلومات وتحليلها، مع إنشاء المعرفة التعاونية، والأدوار التقليدية للخبراء في مجالات التعليم، والبحث، والاستشارات، ووسائل الإعلام، ومع تزايد توافر المعلومات وتقلص خصوصية المعرفة المتخصصة، ستصبح القدرة على تحليل المعلومات وتركيبها عبر مختلف المجالات أكثر قيمة، وسيكون هذا النهج التفاعلي متعدد التخصصات مهماً للتعامل مع تعقيدات المشهد العالمي سريع التطور.
كما تطرق التقرير إلى اتجاه «الخبراء متعددو التخصصات (المتخصص الشامل الجديد)» مؤكداً تمتع كل فرد بالقدرة على القيام بدور المتخصص الشامل الجديد، عبر الجمع بين التخصص والمعرفة العامة الواسعة لإتقان مجالات متعددة، ويمكن لظهور هؤلاء المتخصصين الشموليين داخل الجهات أن يسهم في خلق بيئة عمل أكثر تعاوناً ومرونة، حيث تلتقي الخبرة الواسعة بالرؤى متعددة التخصصات لمواجهة التحديات المعقدة، ومن خلال دمج مجالات المعرفة المختلفة، سيكون لهؤلاء الموظفين متعددي المهارات دور محوري في تحفيز الابتكار وتعزيز قدرات حل المشكلات.
ونوه بأن مصطلح «الخبراء متعددو التخصصات» يشير إلى الأفراد الذين يجمعون بين الخبرة المتعمقة والمعرفة الواسعة في مجالات متعددة، ويتميزون بحماستهم للتعلم، وقدرتهم على التكيف، ومهارتهم في التنقل بين المجالات المتخصصة ودمجها، حيث يستكشف كينيث ميكلسن وريتشارد مارتن في كتابهما «المتخصص الشامل الجديد.. حيث تذهب هو أنت»، سمات هؤلاء المحترفين المتكيفين.
التسارع المتزايد
يرتبط ظهور المتخصصين الشموليين الجدد بالتسارع المتزايد في حجم المعلومات، والتأثير الكبير للذكاء الاصطناعي في المهام التي كانت في السابق حكراً على المتخصصين التقليديين، ومع تراجع الدور التقليدي لحراس المعرفة، يبرز «خبراء المعرفة»، الذين يساعدون الأفراد على التنقل في بحر واسع من المعلومات والخبرات، وغالباً ما يبدأ هؤلاء المحترفون كمتخصصين، لكنهم يوسعون نطاق خبراتهم لاكتساب رؤية شمولية تعزز قدرتهم على التعاون بفاعلية.
نهج متخصص
تسلط الأبحاث الضوء على فوائد نهج المتخصص الشامل الجديد في مختلف المجالات، ومن بينها الأعمال والفن والعلوم والرياضة، وتعد السمات مثل الفضول، والمهارات متعددة التخصصات، والقدرة على الانتقال بين التخصص والتعميم، شائعة بين أولئك الذين يوسعون فهمنا ويقدمون وجهات نظر جديدة.
0 تعليق