لم تعد محو الأمية مجرد شعار في سوهاج. بل مشروع وطني ضخم تقوده الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار. ويقوده ميدانيًا من يُلقبه الأهالي بـ"عدو الأمية الأول" في سوهاج. محمد السيد الدالي. رئيس فرع الهيئة منذ عام 2022. الذي تحدث لـ "الجمهورية أون لاين" عن تفاصيل الخطة. وإنجازاتها. والتحديات. و"محطات الفخر" التي تحققت في قري حياة كريمة.

منذ توليه رئاسة فرع الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار بسوهاج عام 2022. استطاع محمد السيد الدالي أن يحوّل ملف الأمية في المحافظة إلي قصة نجاح وطنية تستحق أن تُروي. فمن خلال خطة محكمة. ودعم مؤسسي شامل. تجاوزت نسب النجاح في محو أمية الفئات المستهدفة التوقعات. حيث وصلت ? بحسب تقارير الهيئة العامة - إلي نسبة  174%. وهي نسبة غير مسبوقة علي مستوي الجمهورية.

أرجع الدالي هذا النجاح اللافت إلي تفعيل بروتوكولات التعاون مع المؤسسات الفاعلة. علي رأسها جامعة سوهاج. التي اشترطت منذ عام 2014 علي طلابها محو أمية 4 أشخاص من محيطهم الاجتماعي كشرط للحصول علي شهادة التخرج. مقابل حوافز تشمل الإعفاء من المصروفات والسكن الجامعي المجاني. ويشمل هذا البروتوكول كليات: الآداب. العلوم. التربية. النوعية. الألسن. التجارة. الحقوق. الآثار. والتربية الرياضية.

هذا التعاون المثمر أثمر عن حصول جامعة سوهاج علي المراكز الثلاثة الأولي في تقييم الهيئة العامة خلال الثلاث سنوات الأخيرة. ما دعا الدكتور عيد عبد الواحد. رئيس الهيئة. لزيارة الجامعة مطلع العام الجاري. وإطلاق مبادرة "أسرة سوهاجية خالية من الأمية" بالتعاون مع رئيس الجامعة الدكتور حسان النعماني.

قري "حياة كريمة".. القاطرة الحقيقية للتغيير

وأكد الدالي أن القري الواقعة تحت مظلة المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" والبالغ عددها 181 قرية. تمثل حجر الزاوية في الخطة التنفيذية لمحو الأمية بسوهاج. تلك القري الواقعة في مراكز: طما. المراغة. المنشاة. جرجا. البلينا. ساقلتة. ودار السلام. شهدت افتتاح أكثر من 46,165 فصلاً دراسيًا منذ عام 2020. وحققت نسبة نجاح بلغت 137.46%. لتحصل علي المركز الأول في تقييم الهيئة علي مستوي الجمهورية.

التطوير الرقمي.. مناهج تواكب العصر

في إطار خطة الهيئة 2030. يعمل فرع سوهاج علي رقمنة مناهج محو الأمية وتوظيف تقنيات التعلم عن بعد. بما في ذلك تدريب وتأهيل أكثر من 120 معلمًا ومعلمة بمراكز تعليم الكبار علي أدوات التعليم الإلكتروني. بالشراكة مع مؤسسات الدولة والأحزاب.
كما تم إنشاء وحدة محو أمية لذوي الإعاقة. تعد الأولي من نوعها في قرية نيدة بمركز أخميم. لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة باستخدام طريقة "برايل" للمكفوفين بالتعاون مع مركز رؤية. وتم بالفعل تسليم شهادات لـ 13 شخصًا من ذوي الإعاقة ممن تجاوزوا سن 13 عامًا بعد اجتيازهم اختبارات محو الأمية.

أرقام تعكس الجهد.. وإنجاز يستحق الاحتفاء

بحلول نهاية 2024 والربع الأول من العام الحالي. وصل عدد فصول محو الأمية بسوهاج إلي 19,497 فصلًا دراسيًا. 

وأوضح الدالي أن نسبة الأمية بسوهاج في الفئة العمرية من 15 عامًا فأكثر تبلغ  25.2%. ولكن الجهود المستمرة أثمرت عن محو أمية 74,544 مواطنًا خلال عام واحد فقط بنسبة نجاح بلغت 173.08%.

أشار الدالي إلي أن الخطة لا تقتصر علي محو الأمية فحسب. بل تمتد إلي ضمان التعليم المستمر لمن تم محو أميتهم. من خلال برامج تعليمية مناسبة لمراحلهم العمرية. وتشجيعهم علي مواصلة التعليم النظامي.

كما يتم التركيز علي سَدّ منابع الأمية من الأساس. من خلال التوسع في بناء المدارس والمؤسسات التعليمية. وتحسين جودة التعليم. واستيعاب جميع الأطفال في سن التعليم الإلزامي.

واختتم الدالي حديثه بالإشارة إلي "محطات الفخر" التي توّجت هذا الجهد الوطني. مثل "نورا موسي" خريجة فصول محو الأمية من مركز المنشاة. التي حصلت علي بكالوريوس التربية وتواصل الآن دراستها العليا وطلاب في كلية الآثار هم بالأصل خريجو فصول محو الأمية.
أحد كبار المحامين في طهطا والمراغة. بدأ رحلته من فصل لمحو الأمية وصيدلانية معروفة بسوهاج كانت أيضًا من خريجات فصول الهيئة.

هؤلاء وغيرهم. بحسب الدالي. هم ثمرات صادقة لدعم الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي. الذي جعل محو الأمية جزءًا أصيلًا من استراتيجية بناء الجمهورية الجديدة.

ما يحدث في سوهاج  ليس مجرد حملة لمحو الأمية. بل هو مشروع وطني لبناء الإنسان. وإعادة تشكيل مستقبل الصعيد علي أسس الوعي والتعليم والمعرفة. فهل تتكرر هذه التجربة الملهمة في باقي محافظات مصر؟ الوقت كفيل بالإجابة. لكن الأكيد أن سوهاج تمضي بثقة في طريقها نحو صفر أمية 2030.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل