نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف يواجه عمالقة التكنولوجيا جوع الذكاء الاصطناعي للطاقة؟, اليوم الجمعة 8 أغسطس 2025 11:42 صباحاً
- يتربع عمالقة التكنولوجيا في أمريكا على عرش العالم الرقمي، ويحكمون قبضتهم عليه، بيد أن رهاناتهم الفلكية على الذكاء الاصطناعي تصطدم اليوم بعقبات مادية ملموسة.
- تواجه طموحات هؤلاء العمالقة الجامحة قيودًا في عالم الواقع؛ ما بين شُحّ الرقائق الإلكترونية ومعدات مراكز البيانات، كالمحولات وأجهزة التبديل، الذي يسفر عن ارتفاع صاروخي في الأسعار وفترات انتظار مديدة.
- ولا يقل عن ذلك إلحاحًا صعوبة الحصول على الطاقة، في ظل عجز شبكات الكهرباء التقليدية عن مواكبة الطلب المتصاعد من وادي السيليكون.
- بلغ الأمر حدًّا دفع الرئيس دونالد ترامب في 24 يوليو إلى نشر "خطة عمل للذكاء الاصطناعي"، معتبرًا أن تراجع قدرة أمريكا على إنتاج الطاقة يمثل تهديدًا مباشرًا "لهيمنة البلاد في مجال الذكاء الاصطناعي".
- فكيف تتأقلم كبرى شركات التكنولوجيا مع أزمة الطاقة المتفاقمة هذه التي تهدد بإطفاء شعلة ثورتها القادمة؟
تشخيص الأزمة: شهية بلا حدود
- يتصاعد الطلب على الطاقة بشكل متزايد، تقوده خطط عمالقة الحوسبة السحابية؛ مثل ألفابت، وأمازون، ومايكروسوفت، وميتا.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- ففي 23 يوليو، أعلنت ألفابت عن زيادة إنفاقها الرأسمالي لعام 2025 بعشرة مليارات دولار، ليصل إجمالي إنفاق العمالقة الأربعة المتوقع هذا العام إلى 322 مليار دولار، في قفزة مذهلة مقارنة بـ 125 مليار دولار قبل أربع سنوات فقط.
- يُترجم هذا البذخ إلى بناء مراكز بيانات أضخم وأكثر إفراطًا في استهلاك الطاقة، مثل مشروع "بروميثيوس" الذي كشف عنه مارك زوكربيرج في لويزيانا، وهو مجمع يغطي مساحة تناهز حجم مانهاتن.
- ولا يخفى على أحد أن هذه القلاع الرقمية تستهلك الكهرباء بمعدلات غير مسبوقة؛ فخزانة خوادم واحدة، مكدسة برقائق الذكاء الاصطناعي، تستهلك طاقة تزيد بعشرة أضعاف عن نظيرتها قبل بضع سنوات.
- ويُتوقع أن يقفز استهلاك مراكز البيانات في أمريكا وحدها إلى ما يعادل 12% من إجمالي استهلاك البلاد بحلول عام 2028، مما يضع ضغطًا هائلاً على شبكات لم تُصمم لهذا الحمل.
الحلول التقليدية لم تعد تكفي: سباق على الأراضي والتحالفات
- أمام هذا النقص، يلجأ عمالقة التكنولوجيا إلى حلول كانت تُعتبر "أقل مثالية". فالمواقع الذهبية، مثل شمال فيرجينيا، أصبحت مثقلة ومكتظة.
- وحتى الوجهات الجديدة في أوريجون وأوهايو بدأت تصل إلى طاقتها الاستيعابية القصوى، حيث إن المراكز المقرر افتتاحها في 2028 محجوزة بالكامل بالفعل.
- وتتمثل استراتيجية أخرى في التحالف مع المنافسين الأصغر حجمًا؛ فقد وقعت شركات مثل جوجل ومايكروسوفت صفقات بمليارات الدولارات لاستئجار سعة من "السحابات الناشئة" مثل "CoreWeave"، التي أبدعت في إعادة تأهيل منشآت تعدين العملات المشفرة القديمة لتلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي.
الثورة الكبرى: تحوّل كبرى شركات التكنولوجيا إلى شركات طاقة
- لكن الحل الجذري الذي تتجه إليه هذه الشركات هو أن تأخذ مصيرها الطاقوي بيدها، ولم يعد الأمر يقتصر على إبرام صفقات لشراء الطاقة، بل وصل إلى حد التكليف المباشر ببناء محطات توليد خاصة، في سباق تسلح طاقوي سيغير وجه الصناعة.
- مصادر طاقة خاصة: يتوقع مديرو مراكز البيانات أن 27% من منشآتهم ستمتلك مصادر طاقة خاصة بها بحلول 2030. وقد وقعت جوجل بالفعل صفقة بقيمة 20 مليار دولار لبناء مركز بيانات ضخم مع محطة طاقة شمسية ملحقة به. كما أن مشروع "بروميثيوس" العملاق سيحصل على جزء من طاقته من الغاز الطبيعي المستخرج في الموقع نفسه.
- الاستثمار في المستقبل: تستثمر هذه الشركات بجرأة في تقنيات الطاقة المبتكرة. فأبرمت جوجل اتفاقية مع "KairosPower" لتوفير الطاقة النووية من مفاعلات معيارية صغيرة بحلول 2030، بينما استثمرت أمازون في شركة "إكس إنيرجي" (X-energy) المنافسة. كما أُبرمت صفقات للحصول على الطاقة الحرارية الجوفية وأُجريت تجارب على خلايا وقود الهيدروجين.
ترويض الشبكة والنظر إلى ما وراء البحار
- لا يتوقف الأمر عند توليد الطاقة، بل يمتد إلى جعل الشبكة الكهربائية أكثر ذكاءً ومرونة. توافق مراكز البيانات على عدم سحب الطاقة في أوقات الذروة، بالاعتماد على بطارياتها الخاصة، مقابل الحصول على أولوية في قائمة انتظار الاتصال بالشبكة. كما تتعاون مع الشركات المصنّعة للمساعدة في تحديث خطوط النقل القديمة.
- أما الاستراتيجية الأخيرة، فهي التوجه نحو الخارج. وفي هذا السياق، تشهد دول الخليج، بتمويل من صناديقها السيادية، طفرة في بناء مراكز البيانات.
- وتُعد إسبانيا وجهة رائجة لوفرة طاقتها الشمسية، كما أصبحت ماليزيا نقطة ساخنة في آسيا بفضل الطاقة الرخيصة.
ضبابية المستقبل: رهانات فلكية ومخاطر كامنة
- إن اتخاذ القرار الصائب في هذا السباق المحموم أمر بالغ الصعوبة. فقد واجه مشروع "ستارجيت" العملاق، الذي تقوده شركة أوبن إيه آي، انتكاسات بسبب خلافات حول مصادر الطاقة.
- ويحذر الخبراء من مخاطر بناء مراكز بيانات متخصصة في مناطق نائية قد تصبح "أصولًا عالقة" إذا تغيرت احتياجات الذكاء الاصطناعي المستقبلية.
- وفي ظل جهل الجميع بطبيعة الطلب الدقيق على الذكاء الاصطناعي خلال العامين المقبلين، تبدو هذه الرهانات الفلكية قفزة في المجهول.
- والمفارقة الكبرى هي أنه حتى أكثر نماذج الذكاء الاصطناعي تطورًا لا يستطيع أن يقدم إجابة شافية عن السؤال الأهم: كيف نطعم الوحش الذي صنعناه بأيدينا؟
المصدر: إيكونوميست
0 تعليق