هل تكفي الشعارات الجوفاء لمناصرة القضية الفلسطينية؟

أخبارنا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في الوقت الذي يستمر كابرانات عسكر الجزائر في مناصرة القضية الفلسطينية عبر ترديد الشعارات الجوفاء بدون طائل، ويحرصون على منع الشعب الجزائري من التعبير الحر عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني الجريح، وتنظيم مسيرات للتنديد بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على الفلسطينيين العزل في قطاع غزة على وجه الخصوص، تشهد عشرات المدن المغربية الصغرى والكبرى وقفات أسبوعية تضامنية مع الشعب الفلسطيني بعد صلاة الجمعة منذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، تطالب بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية الأمريكية، وما يتعرض إليه الغزاويون من تطهير عرقي وسياسية التجويع والحصار، وتدعو بقوة إلى التعجيل بإسقاط التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

      فقد أصبح معظم الجزائريين يعتبرون شعار "نحن مع فلسطين، ظالمة أو مظلومة" الذي أطلقه الرئيس الراحل هواري بومدين مجرد شعار فارغ وبلا جدوى إثر فقدانه إشعاعه في الساحة الدولية. إذ أنه وبينما كانت الحرب على أشدها في قطاع غزة، والشعوب تتظاهر في الشوارع بمختلف مدن العالم وخاصة في مدن المملكة المغربية، خلال تلك الليالي العصيبة التي يباد فيها أهل غزة ويضحي فيها رجال المقاومة بأرواحهم من أجل تحرير وطنهم والدفاع عن الأقصى والأمة كلها، تبدو العاصمة الجزائرية هادئة مستسلمة لقدرها بعد أن تمكن النظام العسكري من إحكام قبضته وتدجين الجميع، حيث تم منذ يوم 13 أكتوبر 2023 قمع محاولات التظاهر لدعم الفلسطينيين، حيث أبت السلطات الجزائرية إلا أن تتذرع بكون دعم القضية الفلسطينية لا يستدعي الخروج إلى الشوارع وتنظيم مسيرات الاستنكار والتنديد بالعدوان الإسرائيلي مهما كانت سلمية...

      ثم أين نحن من تلك الشعارات البراقة الداعية إلى مناصرة القضية الفلسطينية، إذا ما علمنا أنه كلما كانت هناك نية لدى المواطنات والمواطنين الجزائريين بالخروج للتظاهر وسط العاصمة وغيرها من المدن، إلا وانتشرت قوات الأمن بشكل لافت في الشوارع للحيلولة دون أي تجمع؟ فطالما تم اعتراض سبيل المواطنين وعدم السماح لهم ببلوغ الساحات الكبرى، بالإضافة إلى اعتقال أعداد كبيرة منهم، نساء ورجالا، واقتيادهم إلى مراكز الأمن لترهيبهم. حيث تصر السلطات الجزائرية على حرمانهم بالقوة من كل أشكال التظاهر والاحتجاج منذ وقف مسيرات الحراك الشعبي في ربيع عام 2020، خوفا من عودة الحراك أو استغلال مظاهرات دعم القضية الفلسطينية لتحويلها إلى مظاهرات مناوئة للنظام العسكري الجزائري. حيث أنه ومنذ انتفاضة "طوفان الأقصى" لم تسمح السلطات الجزائرية للقوى السياسية والمدنية بالتظاهر سوى مرة وحيدة في العاصمة الجزائر يوم 19 أكتوبر 2023 تحت حراسة جد مشددة...

      ففي هذا السياق لا يمكن لأي كان أن ينكر مدى التزام ملك المغرب ورئيس لجنة القدس محمد السادس بدعم القضية الفلسطينية قولا وفعلا وعلى أرض الواقع، حيث ظلت هذه القضية حاضرة ضمن اهتماماته وأولوياته منذ توليه عرش أسلافه الميامين، لإيمانه الثابت بعدالتها وبواجب نصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة. كما أنه بقي حريصا على تجديد الالتزام باحترام القانون الدولي وإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، الذي لن يستقيم إلا عبر التوصل إلى حل عادل وشامل ودائم، بإقامة دولة فلسطينية حرة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ومعارضة كافة الإجراءات الأحادية الجانب، التي تجهض آمال وأحلام الفلسطينيين في التحرر من قيود الاحتلال ومعانقة الحرية الحقيقية. أليس هو من قال في أول خطاب له سنة 1999 بمناسبة الذكرى الأولى لتوليه العرش بعد وفاة والده الراحل الحسن الثاني طيب الله تراه، بأنه يسعى لتحقيق الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط على أساس الشرعية الدولية، وطبقا لما تم إبرامه من اتفاقيات " حتى يتمكن إخوتنا الفلسطينيون من العيش في سلام وحسن الجوار داخل دولتهم المستقرة الآمنة، وحتى تعرف أقطار المنطقة كلها ما هي جديرة به من تقدم ورقي، وما هي له مؤهلة من دور إشعاعي كبير"؟

      وها هو جلالته، أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، يعود اليوم في ظل المحنة والظروف الصعبة التي يمر منها الفلسطينيون في قطاع غزة، وفي إطار التضامن الملموس والمتواصل للمملكة المغربية، والتزامه الراسخ تجاه فلسطين وشعبها الأبي، لإصدار تعليماته السامية بإرسال مساعدات إنسانية وطبية لفائدة الشعب الفلسطيني الشقيق الذي يعيش تحت النار والحصار والتجويع. وهي المساعدات التي يقدر حجمها الإجمالي بحوالي 180 طنا من مواد غذائية أساسية، والحليب والمواد الموجهة بالخصوص للأطفال، وكذا أدوية ومعدات جراحية لفائدة السكان الأكثر هشاشة، بالإضافة إلى كم هائل من الأغطية والخيم المهيأة وتجهيزات أخرى...

      إن ملك المغرب محمد السادس على عكس النظام العسكري الجزائري الذي يكتفي برفع الشعارات، لم يفتأ يؤكد أن القضية الفلسطينية تندرج في صلب انشغالاته، ويصر في عديد المناسبات على عدم التخلي عن دوره في دعمها والدفاع المستمر عن حقوق الفلسطينيين المشروعة، ويشدد كذلك على أنه يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وسيظل بمعية الحكومة والشعب المغربي إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق، حتى تحقيق النصر وإقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط...

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق