في ظل الخلافات الاسرائيلية الحادة، نتيجة فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تمرير قانون ينظم تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي، من المتوقع أن يكون يوم الأربعاء حاسمًا في المشهد السياسي الإسرائيلي، حيث سيُطرح للتصويت التمهيدي مشروع قانون لحلّ الكنيست، وهو ما سيؤدي تلقائيًا إلى إجراء انتخابات جديدة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة " جورسليم بوست" الاسرائيلية يمثل هذا القانون التهديد الأكبر لبقاء الحكومة منذ توليها السلطة في أواخر عام 2022. وقد هددت الأحزاب الحريدية في الائتلاف بدعم القانون.
تتكوّن الكنيست من ثلاثة فصائل حريدية: شاس، أغودات يسرائيل، ودغيل هتوراه، وتمثل هذه الفصائل – على التوالي – الجمهور الشرقي (السفاردي)، والحسيدي، والليتواني الحريدي.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي، تخوض أغودات يسرائيل ودغيل هتوراه الانتخابات ضمن قائمة موحدة تُعرف بـ"يهودية التوراة المتحدة"، لكن كل فصيل يعمل باستقلالية تحت إشراف مرجعية دينية مختلفة. أما شاس فلديها مجلس حاخامي خاص بها.
وكانت كل من دغيل هتوراه وأغودات يسرائيل ملتزمتين بدعم مشروع القانون، فيما لم تتخذ شاس قرارها النهائي بعد، ولم يجتمع مجلسها الحاخامي لاتخاذ موقف، بينما تستمر المفاوضات خلف الكواليس بشأن صيغة مشروع قانون التجنيد الجديد، وبدعم شاس، سيكون للائتلاف أغلبية 61 عضو كنيست، وهو ما يكفي لإسقاط مشروع القانون.
وفي محاولة لكسب الوقت، أدرج الائتلاف عشرات القوانين الأخرى على جدول أعمال الأربعاء، ويُقال إنه يخطط
من المقرر أن تبدأ الجلسة العامة للكنيست الساعة 11 صباحًا، فيما من المقرر أن يلقي الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خطابًا خاصًا الساعة 7 مساءً، مما يمنح الائتلاف حوالي ثماني ساعات لتأخير التصويت واستمرار المفاوضات.
في الوقت ذاته، نفى السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، يوم الثلاثاء، تقارير إعلامية أفادت بأنه حاول إقناع قادة الحريديم بعدم إسقاط الحكومة، في ظل الأوضاع العسكرية الحساسة.
ووفقًا لتقرير على القناة 13، تحدث هاكابي مع شخصيات سياسية ودينية حريدية بارزة، بما في ذلك الحاخام موشيه هليل هيرش ووزير شؤون القدس والتقاليد، مئير بوروش. وزُعم أنه أبلغهم بأن سقوط الحكومة سيجعل من الصعب على الولايات المتحدة دعم إسرائيل إذا قررت التحرك ضد إيران.
في البداية، لم ينفِ هاكابي التقرير، واكتفى بالقول: "السفير يلتقي بممثلين من مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي، ومحتوى الاجتماعات يبقى خاصًا".
لكن في وقت لاحق من الثلاثاء، كتب على منصة X (تويتر سابقًا): "لم تكن هناك أي محاولة للتأثير على أعضاء الكنيست الحريديم بخصوص قرار حلّ الحكومة".
وأضاف: "لقد أكدت مرارًا في محادثاتي الخاصة أن دور الولايات المتحدة أو سفيرها ليس اختيار الحكومة الإسرائيلية، بل العمل مع الحكومة التي يختارها الشعب الإسرائيلي".
حتى إذا مرّ مشروع القانون في قراءته التمهيدية يوم الأربعاء، فإن المسار التشريعي الكامل ما زال طويلًا، حيث يتطلب اجتياز ثلاث قراءات في الجلسة العامة للكنيست، إضافة إلى تمريرين في لجنة الكنيست.
وفي حال سقط مشروع القانون في التصويت التمهيدي، فلا يمكن طرحه مرة أخرى لمدة ستة أشهر. لذا، ستراقب المعارضة الموقف عن كثب، وقد تسحب المشروع من جدول الأعمال إذا لم تتأكد من امتلاكها للأغلبية اللازمة.
يعمل الفريق القانوني للجنة الشؤون الخارجية والدفاع، التي يرأسها عضو الكنيست يولي إدلشتاين (من حزب الليكود)، على صياغة قانون جديد سيُعرض على اللجنة خلال الأسابيع القادمة.
لكن قد لا يكون هناك وقت كافٍ لتمرير القانون الجديد قبل انتهاء الدورة الصيفية للكنيست في أواخر يوليو، ما يعني استمرار الوضع الحالي – الذي يُلزم جميع الحريديم بالخدمة العسكرية – حتى أكتوبر على الأقل.
وإذا تم حل الكنيست، فإن مشروع القانون لن يتمكن من الاستمرار.
أبرز ملامح القانون المقترح:
- فرض حصص تجنيد سنوية على الحريديم، تصل تدريجيًا إلى 50% من كل فوج خريجين.
- فرض عقوبات على من يتجاهلون أوامر التجنيد، مثل:
- حظر مغادرة البلاد
- حرمان من الخصومات السكنية
- إلغاء دعم رياض الأطفال
- منع الحصول على رخص قيادة
- حظر المنح الأكاديمية المدعومة من الدولة
ويُقال إن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى زيادة فورية في أعداد المجندين الحريديم، مما يخفف العبء عن جنود الاحتياط. وقد طالبت مجموعات من جنود الاحتياط بتمرير قانون حقيقي وفعال، لا مجرد غطاء شرعي لمواصلة الإعفاءات الحريدية.
لكن منتقدي المشروع يجادلون بأنه لا يوجد ضمان لاحترام القانون حتى مع فرض العقوبات، ولا مبرر قانوني لبقاء 50% من الحريديم معفيين، في حين يُجبر الإسرائيليون العلمانيون والمتدينون الصهاينة على الخدمة دون استثناءات.
وتستمر المفاوضات المغلقة بين إدلشتاين، والوزير السابق من شاس، أريئيل أتياس، وسكرتير الحكومة، يوسي فوكس.
تركّز المحادثات على نقطتين أساسيتين:
- ما هي العقوبات التي ستُفرض بالضبط؟
- وهل ستُطبق فورًا، أم بعد فترة سماح مؤقتة؟
تبقى الأيام القادمة حاسمة، خاصة في ظل الانقسامات داخل الائتلاف وتصاعد الضغوط من كل الأطراف.
انتهى
غزة-تل ابيب/ المشرق نيوز
0 تعليق