لبنان محرِّر الله

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لبنان محرِّر الله, اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025 03:05 صباحاً

في "​تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَا​" (مَرقُس 7/31)، كانَ لَهُ لِقاءٌ مَعَ أصَمَّ وأبكَمَ. أتوهُ بِهِ، مِن عُزلَتِهِ. مِن صَمتِهِ الغارِقِ في الصَمتِ كَمَن تَكَوَّنَ بِهِ جَوهَراً... فَعَهَدَ نَفسَهُ إلَيهِ وجوداً خالياً مِنَ التَواصُلِ حَتَّى الأعماقِ. حَتَّى هَولِ اللامِعنى. حَتَّى مُنتَهى اللاجَوابَ. هُناكَ، حَيثُ اللاصَوتَ دامِسٌ كالظَلامِ الأخيرِ.

في "تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَا"، صَرَخَ بِهِ بالآرامِيَّةِ-الفينيقِيَّةِ-الُ​لبنان​ِيَّةِ، بالصَوتِ-الكُلُّهُ-إصغاءٌ، بالَلفظِ-الكُلُّهُ-حُبٌّ: "إيفاتا"، أيّ "إنفَتِح" (مَرقُس 7/34). "ولِلْوَقتِ إنفَتَحَت أُذنَاهُ، وَإنحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ، وَتَكَلَّمَ مُستَقِيمًا." (مَرقُس 7/35).

في "تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَا" لَم يَصطَنِع لَهُ خُروجاً ما مِن حَلَقَتِهِ المُفرَغَةِ. كانَ هو الجَوابَ. وَلا أيَّ جَوابٍ. الجَوابَ الذي مِن ذاتِهِ الإلَهِيَّةِ الى كُلِيَّةِ الذاتِ ​الإنسان​ِيَّةِ: ​إنفَتِحي​ أيَّتُها الذاتُ التي مِن تُرابٍ الى الذاتِ التي مِن أبَدِيَّةٍ. إنفَتِحي فَوقَ كُلِّ الأصواتِ الطاغِيَةِ على صَوتِ الأُلوهَةِ. إنفَتِحي على عالَمِ الإنسانِيَّةِ فَوقَ كُلِّ الخَوفِ مِنهُ، والإنعِزالِ فيهِ. لِلمَواجَهَةِ. بالحَياةِ. لِلحَياةِ!

كانَ ذَلِكَ، لِلتَوِّ بَعدَ تَحَدِّي المَرأةِ الكَنعانِيَّةِ-الُلبنانِيَّةِ لَهُ، الشاحِذَةِ مِنهُ "فُتاتَ" أُعجوبَةٍ تَطرُدُ مِن إبنَتِها "الشَيطانَ" مُعَذِّبِها (مَرقُس 7/24-30).

كانَ ذَلِكَ، بِإصرارِ تِلكَ المَرأةِ الكَنعانِيَّةِ-الُلبنانِيَّةِ، التي أجابَتهُ: "يا رِبُّ، صِغارُ الكِلابِ تَأكُلُ تَحتَ المائِدَةِ مِن فُتاتِ الأطفالِ" (مَرقُس 7/28)، إذ إبتَغى بُلوغَ عُمقِ إيمانِها، هي الوَثَنِيَّةُ، بِهَذا الصَوتِ-الكُلُّهُ-نَهيٌ: "دَعي البَنينَ أوَّلاً يَشبَعونَ، فَلا يُحسَنُ أن يُؤخَذَ خُبزُ البَنينَ، فَيُلقى إلى صِغارِ الكِلابِ." (مَرقُس 7/27).

كانَ ذَلِكَ، لِأنَّ تِلكَ المَرأةَ الكَنعانِيَّةَ-الُلبنانِيَّةَ، في "نَواحيَ صورَ" (مَرقُس 7/24) وَمِنها، أعلَتهُ لا قَبلَهُ وَلا بَعدَهُ، لا فَوقَهُ وَلا وَراءَهُ. أعلَتهُ الى الخَلقِ بِهِ.

هو الخالِقُ-الكَلِمَةُ، البَدءُ، الذي "بِهِ كُوِّنَ، كُلُّ شَيءٍ، وَبِدونِهِ ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كانَ." (يوحَنَّا 1/3). كُلُّ ما يُرى... وَما لا يُرى.

هو الذي بِهِ أُبيدَ العَدَمُ، قَبلَهُ ‒أكانَ؟‒، وَبَعدَهُ ‒أيَكونُ‒، والى النُهى.

هو... لبنانُ حَرَّرَهُ!

فَرقُ اللامُتَناهيُ

هل حَقيقَةُ الحَقيقَةِ، الى الأَبَدِ؟ لَقَد كانَ هُنا. بَل إنَّهُ دائِماً هُنا.

هو المُتَأنِّسُ، أوَّلاً كَلِمَةُ ذاتِهِ، كَلِمَةُ روحِهِ، كَلِمَةُ إنسانِيَّتِهِ. كُلُّهُ حَقيقَةُ ذاتِهِ.

في لبنانَ-المَخلوقِ-خالِقِ-نَفسَهُ، خاطَبَ لِمَرَّتَينِ مُتَتاليَتَينِ الحَياةَ مِن ذاتِهِ لِذاتِهِ، قَبلَ أن يُخاطِبَ في الآنِ عَينِهِ لبنانَ: مَرَّةً لِلأُلوهَةِ التي فيهِ لِكُلِّ الإنسانِ، وَمَرَّةً لِلإنسانِيَّةِ التي فيهِ وَفي كُلِّ إنسانٍ.

هو، هُنا، أظهَرَ لِلبنانَ وَفي الوَقتِ عَينِهِ لِذاتِهِ أنَّهُ الحَياةُ في كَلِماتِ وَقُلوبِ مَن ولِدوا وَمَن لَم يولَدوا بَعدُ. والحَياةُ التي مِنهُ فَرقُ اللامُتناهيُ في الخَليقَةِ، الَتي كانَت والَتي سَتَكونُ وَلَيسَت بَعدُ. واللامُتناهيُ أساساً سُموُّ كَمالٍ. فَرقُ إتِّحادِ الكَينوناتِ بالكائِنِ-الكَلِمَةِ. بالعَقلِ الذي هو قَلبٌ. ضَميرٌ.

أجَل! لبنانُ مُحَرِّرُ اللهَ مِن وِحشَةِ هذا العالَمِ، مِن وِحدَةِ الإنعِزالِ لِ"بَنينَ" ما كانوا إلَّا جاحِدينَ، مِن لاغَيرَ الى غَيرٍ ما هو كُلُّ إرادَةِ الأعماقِ في الإعتِرافِ بِكَينونَةِ الأرضِ بابَ السَماءِ والسَماءِ بابَ الأرضِ.

أجَل! لبنانُ-المَذبَحُ-الإلحاحُ مُحَرِّرُ اللَه من إستِغلالِ فِكرَةٍ تَنقَضيَ بِتَواتُرِ تَقَلُّباتِ الأفكارِ الماحِيَةِ لِذاتِها بِذاتِها، بالتأكيدِ انَّ الخَليقَةَ مِن أصلِ اللهِ الحَقِّ. مِن لَحمِهِ وَدَمِهِ. تَماماً كَما كِيانِيَّتِهِ الأرضِيَّةِ مِن دَمِها وَلَحمِها. كِلاهُما مِن أحشاءِ بَعضِهِما البَعضِ.

أجَل! لبنانُ-السؤالُ-الكَلِماتُ مُحَرِّرُ اللهَ وَلا تَصارُعَ وَلا مُناوَءَةَ بَل إخلادٌ راسِخٌ، واثِقٌ أنَّ فَرقَ اللامُتَناهيَ واحِدٌ في كِلَيهِما وَلِكِلَيهِما!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق