من كوينسي إلى نيوم.. "ترمب" يعود إلى الرياض

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من كوينسي إلى نيوم.. "ترمب" يعود إلى الرياض, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 02:06 صباحاً

من كوينسي إلى نيوم.. "ترمب" يعود إلى الرياض

نشر بوساطة محمد المسعودي في الرياض يوم 13 - 05 - 2025

2131836
ترمب لا يعود للرياض فقط، بل يعود إلى معادلة الشرق الأوسط من بوابتها الكبرى.. والرياض، كعادتها، لا تكتفي بأن تكون مضيفة للحدث، بل صانعة له، وموجّهة لمساره، بكتابة فصل جديد من الشراكة السعودية - الأميركية، في زمن لا يعترف بالثابت، ولا يُراهن إلا على من يصنع الفرق..
في التاريخ السياسي لا تُقاس اللحظات العظمى بعدد كلمات الخطابات، بل بمقدار ما تحمله من رمزية، وما تُخلّفه من أثر. حين وطئت أقدام الرئيس الأميركي دونالد ترمب أرض المملكة العربية السعودية في مايو 2017، لم تكن تلك زيارة عادية تندرج ضمن البروتوكولات الدبلوماسية المعتادة، بل كانت لحظة مفصلية تُعيد تشكيل الخارطة السياسية وتبعث برسائل تتجاوز الجغرافيا واللغة.
واليوم التاريخ يعيد نفسه، وبنفس السيناريو الضخم السابق، فحينما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بولاية ثانية، فإن زيارته الأولى إلى السعودية ستكون محمّلة بدلالات كبيرة لا تحتمل التوقعات أو التأويل، ورسائل تتجاوز المجاملات الدبلوماسية. فالرجل الذي جعل الرياض وجهته الأولى في ولايته الأولى، يعود إليها اليوم لا باعتبارها محطة ضمن جولة سياسية، بل بوصفها مركز الثقل، ومفتاح التوازن، وميزان القوى في عالم يعاد ترتيبه من جديد.
زيارة ترمب، في هذه المرحلة، تأتي محمّلة بالوعي الجديد لتغير ملامح العالم. فالصراع في أوكرانيا، وتصاعد التوتر في شرق آسيا، والتحولات في أسواق الطاقة والتقنية، جعلت من الرياض لاعبًا لا يمكن تجاوزه. لم تعد السعودية مجرد "حليف تقليدي" كما تصفها أدبيات البيت الأبيض القديمة، بل أصبحت "شريكاً في صياغة المعادلات الكبرى"، وهذا ما يدركه ترمب جيدًا، رجل الصفقات والحسم والمفاجآت!
هذه الزيارة الثانية لرئيس أميركي يعيد انتخابه، تأتي في ظرف أكثر حساسية، ومناخ دولي أكثر تعقيدًا. لكنها، في الوقت ذاته، تعكس نضج العلاقات السعودية - الأميركية، وانتقالها من العلاقة التبادلية إلى الشراكة التفاعلية ذات الأبعاد المتعددة.. أمنيًا، واقتصاديًّا، وسياسيًا، وتقنيًا.
منذ اللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت على متن البارجة كوينسي عام 1945، والعلاقة السعودية - الأميركية تسير في منحى تصاعدي، يتجاوز تقلبات الإدارات واختلاف السياسات. ومن البارجة العتيقة إلى آفاق مدينة نيوم الذكية، تتجدد الرؤية، ويتعمّق الفهم، ويترسّخ الدور السعودي كشريك استراتيجي، ومركز إقليمي، ورائد عالمي في مجالات الطاقة والتقنية والتحول الأخضر.
زيارة ترمب، بعد عودته إلى الرئاسة، ستعيد ضبط السرديّة الأميركية تجاه الشرق الأوسط. فالمملكة اليوم ليست فقط دولة نفط، بل دولة قرار. والزيارة ستؤكد أن التحالف مع السعودية ليس خيارًا تكتيكيًا، بل ضرورة استراتيجية لواشنطن في عالم ما بعد الحرب الباردة، وما بعد الأحادية القطبية.
وفي المنعطف نفسه، فإن المملكة تنظر لهذه الزيارة بمنظور رؤيتها 2030، حيث تتحول إلى منصة دولية للاستثمار، والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة. وبالتالي، فالتعاون مع أميركا لم يعد مقتصرًا على السلاح والنفط، بل بات يشمل الاقتصاد الإبداعي، وحوكمة البيانات، وصناعة المستقبل وأكثر.
قد تكون هذه الزيارة مفصلية في استشراف المرحلة المقبلة، ورسم خارطة تحالفات جديدة، تُعلي من منطق المصالح المتبادلة، وتبني على احترام الدول الكبرى لبعضها. كما أنها تحمل مؤشرات على رغبة أميركية في إعادة تموضعها في المنطقة، عبر شريك موثوق مثل السعودية، يتمتع برؤية واضحة، واستقرار داخلي، وحضور إقليمي مؤثر.
ترمب لا يعود للرياض فقط، بل يعود إلى معادلة الشرق الأوسط من بوابتها الكبرى. والرياض، كعادتها، لا تكتفي بأن تكون مضيفة للحدث، بل صانعة له، وموجّهة لمساره. وبين حفاوة الاستقبال، وثقل الملفات، يُكتب فصل جديد من الشراكة السعودية الأميركية، في زمن لا يعترف بالثابت، ولا يُراهن إلا على من يصنع الفرق.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق