لا أعرف سببًا واضحًا يجعل من عادل امام هو بطلي المثالى، ففي حقبة التسعينات تعرفت على السينما، ومع دخولى لمرحلة الادراك والوعي، كان جيل صاعد وجديد ينطلق في عالم السينما، يتقدمه هنيدي وعلاء ولي الدين، ثم جاء أحمد السقا وأحمد حلمي ومحمد سعد وكريم عبد العزيز، فتعلقت بأفلامهم، وكنت أنتظرها من موسم لآخر، لكن ظل عادل امام في مكانة خاصة، قبل أن يتفوق على تلاميذه في موجة أفلامه في الألفية الجديدة مع يوسف معاطى.
كثير هو الكلام الذى تغّزل في فن عادل إمام وتلك الكاريزما الساحرة، وهذا الحضور الطاغي، والكوميديا المتجددة كطاقة الشمس والرياح، والصدام الذى ينتصر للوطن والانسان، لكن يظل كل شخص في جيلي يحتفظ بما يخصه من ذكريات مع هذا النجم العملاق، كونه العامل المشترك بين أجيال سابقة، وأجيال لاحقة، في ظاهرة لا تحدث كل يوم.
في التسعينات، حيث لا مجال للتعرف على العالم من حولي، إلا التليفزيون، كانت أفلام الأبيض والأسود تُعرض يوميا، فعرفنا كل أبطال السينما المصرية العملاقة، من عمر الشريف وإسماعيل ياسين وشكري سرحان ورشدى أباظة وأحمد مظهر وصلاح ذو الفقار وكمال الشناوي، وأغلبهم كانوا قد رحلوا عن عالمنا، لكن ما كان يجمعهم هو الشكل التقليدي والكلاسيكي للنجم السينمائي كما يجب أن يكون، حيث الشياكة والأناقة والرقي، كأنهم ممن تبقوا من طبقات الأرستقراطية التى قرأنا عن وجود قبل ثورة يوليو.
أما عادل إمام، فكان حالة مختلفة تمامًا، لا يشبه هؤلاء النجوم، لا على مستوى الشكل، ولا حتى في المضمون، لكنه ابن مجتمع مختلف تماما، ليس لديه تلك الشروط "الباشاوية" في اختيار أبطاله.
يقول الكاتب الكبير سمير رجب في كتابه "اسمه.. عادل إمام": "قبل عادل إمام كان أبطال السينما في قمة الوجاهة والشياكة والوسامة وجاء هذا النحيف الهفتان لكي يعلن ظهور بطل الغلابة روبين هود فرع الحلمية، تخلى عن الزخارف الشكلية وضغط على زر الأصالة والجدعنة وخفة الظل فاستمر أكثر من غيره"
إذا تأملت قائمة أفلام "الزعيم" في مرحلة التسعينات، والتي أُسميها مرحلة "الجاكيت الجينز"، ستجد تلك الأفلام الأكثر ارتباطا بين عادل إمام وأبناء هذا الجيل، الذين وُلدوا قبل الألفية، بل أنها ستكون الأفلام المفضلة لعادل إمام بالنسبة لأبناء هذا الجيل، وستتفوق على ما قبلها، وحتى ما بعدها.
خاض جيل ما قبل الألفية مغامرات لن تتكرر في "جزيرة الشيطان" للعثور على الفردوس أو الذهب، وأخرى في أدغال الواحات للدفاع عن المستضعفين في "شمس الزناتى"، وحينما كنا صغار، رأينا "اللعب مع الكبار"، ثم أخذنا عادل إمام فى أجمل زيارة لمجمع التحرير ليطالب بأبسط حقوقه فى "الإرهاب والكباب"، فأصبح هذا الفن هو درة أعمال عادل إمام فى التسعينات بالنسبة للكثيرين، وغيرها من الدرر الفنية كالمنسي والارهابي وطيور الظلام والنوم فى العسل.
وكما بدأنا بمدى التشابه بين البطل المثالي فى أغنية عمر طاهر وفيروز كراوية، وعادل إمام، فهذا التشابه يصل حد التطابق فى نهاية الأغنية، حينما تقول كراوية وهي تصف حبيبها: "مالكش فى السياسة بس بتعشق الغلابة وكريم زي السحابة"
0 تعليق