في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية خانقة، وواقع مناخي صعب أفرز أزمة جفاف وارتفاعًا غير مسبوق في أسعار المواد الأساسية، جاء قرار السلطات الجزائرية بإحياء شعيرة عيد الأضحى هذه السنة غير متناسب مع حجم المعاناة التي يعيشها المواطن.
المشاهد الصادمة التي انتشرت من ولاية بومرداس، والتي أظهرت مئات المواطنين يتدافعون في طوابير طويلة من أجل اقتناء أضاحٍ مستوردة من رومانيا، تلخّص فشل مقاربة الدولة في التعامل مع هذه المناسبة الدينية الهامة.
أضاحٍ صغيرة الحجم، مدعّمة من الدولة، لكنها تحوّلت إلى سلعة نادرة تتطلب الوقوف لساعات، وربما المبيت في العراء، من أجل الحصول عليها، فيما يبدو أقرب إلى سباق من أجل البقاء منه إلى أداء شعيرة دينية في أجواء كريمة.
في السياق ذاته، لم تأت هذه الخطوة من فراغ، بل ترافقت مع تقارير تؤكد ارتفاعًا مهولًا في أسعار الأضاحي المحلية، ما جعل الغالبية من المواطنين غير قادرين على اقتنائها، واضطرارهم إلى البحث عن الأضاحي المستوردة كخيار أخير, كل ذلك في بلد يعاني من نسب بطالة مرتفعة، وتضخم ينهك القدرة الشرائية، وأزمة مياه تزداد حدّة سنة بعد أخرى.
في المقابل، اختار المغرب -في خطوة وُصفت بالحكيمة- إلغاء شعيرة النحر، مراعيًا واقع الجفاف وارتفاع أسعار العلف، ومفضلًا الحفاظ على التوازن الاجتماعي والاقتصادي للمواطن، على التمسك بشكليات لا تراعي الجوهر الحقيقي للشعائر الدينية المتمثل في الرحمة والعدل.
ما كان منتظرًا من السلطات الجزائرية هو اتخاذ قرار شجاع يضع كرامة المواطن في المقام الأول، ويجنّب البلاد مشاهد الفوضى والانفلات التي شوهت صورة المناسبة، بدلًا من تقديم حلول ترقيعية تتمثل في استيراد كميات محدودة من الأضاحي، لا تغطي الطلب ولا تحل أصل المشكلة.
إحياء الشعائر لا يجب أن يكون على حساب كرامة الناس، ولا أن يتحوّل إلى مسرح للإذلال الجماعي. إن قرار الجزائر هذا العام لم يكن صائبًا، لأنه لم يضع في الحسبان الواقع المعاش، ولم يقدّم حلولًا واقعية تراعي ظروف المواطنين، بل كان نكاية في الجار المغرب، فكانت النتيجة بهذا الشكل الفوضوي المذل لكرامة المواطن الجزائري (الفيديو):
0 تعليق