دينا الحسيني تكتب: الإخوان.. صُنّاع الفوضى ووكلاء الحروب

صوت الامة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
دينا الحسيني تكتب: الإخوان.. صُنّاع الفوضى ووكلاء الحروب, اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025 08:09 مساءً

منذ نشأتها، لم تكن جماعة الإخوان الإرهابية، مجرد تنظيم ديني يسعى للدعوة أو الإصلاح كما كانت تزعم، بل كانت منذ اليوم الأول مشروعًا سياسيًا مؤدلجًا، يُدرك أن الفوضى يمكن أن تكون أداة ذهبية للتمدد والسيطرة، وتَبنى قادتها استراتيجية تقوم على استغلال الأزمات كوسيلة لتحقيق أهدافها السياسية، ومع تعاقب الأجيال، تطورت هذه الأداة من مجرد تحريك الشارع داخليًا إلى أن أصبحت ورقة ضغط إقليمية، تُستخدم في صراعات النفوذ بين قوى دولية وإقليمية.

ومع مرور العقود، تحولت الجماعة من تنظيم محلي في مصر إلى شبكة إقليمية ودولية متشابكة، تعمل كأحد أبرز وكلاء حروب النفوذ في الشرق الأوسط، لصالح قوى إقليمية ودولية تسعى لإعادة رسم الخرائط السياسية والاقتصادية للمنطقة.

 

الفوضى كأداة سياسية

في مصر بعد 2011، استغلت الجماعة حالة السيولة السياسية والانقسام المجتمعي لإقصاء خصومها، وفرض سيطرتها على مفاصل الدولة، من البرلمان إلى الرئاسة، وبعد ثورة 30 يونيو 2013، انتقلت الجماعة إلى استراتيجية «الأرض المحروقة»، عبر موجة منظمة من العنف، شملت التحريض على الفوضى، وحرق الكنائس، واستهداف مؤسسات الدولة.

الهدف كان واضحًا، خلق حالة من الإرباك تُظهر الدولة عاجزة عن حماية شعبها، وخلق فراغ سياسي وأمني يمكن أن تستغله الجماعة للعودة عبر ضغوط خارجية أو صفقات سياسية، حيث أتقنت الجماعة اللعب في مناطق الأزمات، حتى تحولت إلى طرف رئيسي في صناعة الفوضى، سواء داخل حدودها أو في محيطها، متحالفة مع قوى خارجية ترى في التنظيم أداة مثالية لتنفيذ أجنداتها، من دون أن تتحمل هي كلفة المواجهة المباشرة.

 

حروب الوكالة: من الشارع إلى الإقليم

الإخوان لم يكتفوا بإشعال الفوضى داخل حدودهم الوطنية، بل لعبوا أدوارًا مباشرة تعمل بالوكالة في ساحات صراع إقليمية: ففي ليبيا تحالفوا مع ميليشيات مسلحة تتلقى دعمًا ماليًا وعسكريًا  من دول أجنبية، وشاركوا في تهريب السلاح إلى مصر ودول الساحل الأفريقي، مما ساهم في اتساع دائرة الصراع المسلح، أما في سوريا فقد قدموا الغطاء السياسي والإعلامي لفصائل مسلحة متطرفة، وروجوا لممارساتها عبر منصات إعلامية ناطقة باسم «الثورة»، بينما كانت تغرق البلاد في حرب أهلية دامية، وفي اليمن دعموا حزب الإصلاح الإخواني، الذي لعب دورًا براجماتيًا مزدوجًا بين التحالفات والخصومات، لإطالة أمد الصراع بما يخدم بقاء الفوضى.

 

الإعلام كسلاح استراتيجي

لم تكن القنوات الإعلامية الإخوانية في الخارج، مجرد منصات لبث الرأي، بل مصانع للتحريض والتضليل الممنهج، وبث أخبار كاذبة بهدف ضرب الثقة في مؤسسات الدولة، وتضخيم الأزمات المعيشية والاقتصادية لدفع المواطنين نحو الاحتجاج، واستخدام خطاب ديني «مسيّس» لتبرير العنف ومنحه شرعية وهمية.

 

التمويل والتحالفات الخارجية

تلقت الجماعة دعمًا ماليًا ولوجستيًا من دول تسعى لزعزعة استقرار المنطقة وإعادة توزيع النفوذ السياسي فيها، استُخدمت هذه التمويلات في السلاح، وتمويل الميليشيات، وإطلاق الحملات الإعلامية، وتنظيم مؤتمرات خارجية للهجوم على الحكومات الشرعية، فالجماعة كانت ولا تزال أداة تنفيذية لأجندات هذه القوى، التي تستخدمها كواجهة محلية تُخفي دورها المباشر في الصراعات.

 

النتيجة: فوضى ممتدة بلا أفق

حيثما وُجدت جماعة الإخوان، وُجدت الفوضى، وحيثما غابت، بدأت فرص إعادة الإعمار والاستقرار، ولعل تجارب مصر وليبيا وسوريا واليمن، تٌثبت أن الإخوان لا يمتلكون مشروعًا حقيقيًا للتنمية أو الحكم الرشيد، بل يتحركون وفق أجندة إبقاء الصراعات مشتعلة لضمان بقاء دورهم كأداة في يد مموليهم، ووقتما رحلوا بدأت فرص إعادة البناء، وإذا ظلوا، استمرت الأزمات بلا نهاية، فالفوضى التي تصنعها صنعها الجماعة ليست عبثية، بل هي جزء من استراتيجية مدروسة تخدم أطرافًا أكبر منهم، وبرغم براعتهم في لعب دور الضحية أمام الجمهور، فإن التجارب أثبتت أنهم مجرد وقود لحروب الآخرين، لا أداة للتحرر كما يزعمون.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق