نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خطة إسرائيلية تربط المساعدات بالتهجير, اليوم الأحد 4 مايو 2025 12:01 صباحاً
نشر في الوطن يوم 03 - 05 - 2025
أثار المقترح الإسرائيلي لإعادة هيكلة توزيع المساعدات في قطاع غزة قلقًا واسعًا بين منظمات الإغاثة الدولية، التي حذّرت من أن الخطة قد تؤدي إلى تهجير قسري للفلسطينيين، وتقويض حيادية العمل الإنساني، فضلاً عن فتح الباب أمام استخدام المساعدات كأداة لتحقيق أهداف عسكرية وسياسية.
فمنذ مطلع مارس، منعت إسرائيل دخول جميع الإمدادات الإنسانية إلى القطاع، مشترطة وضع آلية جديدة تمنحها سلطة الإشراف الكامل على التوزيع، بما يشمل الغذاء والماء والدواء والوقود، وذلك في سياق ما تصفه بمحاولات لمنع تسرب المساعدات إلى حركة حماس، غير أن تلك المزاعم، بحسب الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة، لا تستند إلى أدلة موثوقة، في ظل الرقابة الصارمة المفروضة على آليات التوزيع الحالية.
نظام مركزي
والوثائق التي حصلت عليها وكالة (AP) تكشف أن إسرائيل اقترحت إنشاء خمسة مراكز توزيع رئيسية جنوب ممر نتساريم –وهو الشريط العسكري الذي يفصل شمال غزة عن جنوبها– بحيث يتم تمرير كل المساعدات من خلال معبر واحد في الجنوب، ونقلها عبر مقاولين أمنيين إسرائيليين أو دوليين.
وترى منظمات الإغاثة أن هذا النظام المقترح لا يقلل فقط من كفاءة الوصول إلى المحتاجين، بل قد يؤدي عمليًا إلى دفع المدنيين، قسرًا، إلى الانتقال الجماعي جنوبًا للحصول على المساعدات، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، الذي يحرّم النقل القسري للسكان المدنيين.
وتشير وثيقة موقعة من 20 منظمة إغاثية إلى أن اعتماد توزيع مركزي سيضع الفلسطينيين في «ظروف احتجاز بحكم الواقع»، كما أن تركيز التوزيع في مواقع محدودة قد يعرّض المدنيين لخطر العنف، لا سيما مع وقوع حوادث سابقة أطلقت خلالها القوات الإسرائيلية النار على حشود أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات.
منظومة مسلحة
وقال ينس لايركي، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة: «المطلوب من إسرائيل تسهيل إيصال المساعدات وليس السيطرة عليها أو تحويلها إلى أداة سياسية».
وأكد أن فشل إسرائيل في تمكين الاستجابة الإنسانية قد يحمّلها المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن معاناة أكثر من 2.1 مليون شخص في غزة، وتعارض المنظمات الإنسانية بشكل قاطع فكرة التعاقد مع شركات أمنية خاصة لتنفيذ التوزيع، معتبرة أن وجود عناصر مسلحة سيقوّض الثقة بين السكان والهيئات الإنسانية، ويعرض المدنيين للخطر. وإحدى الشركات التي تم ذكرها في المحادثات هي (Safe Reach Solutions)، وهي شركة أمريكية تواصلت مع منظمات لاختبار نموذج توزيع قرب ممر نتساريم، ولم يصدر عن الشركة أي تعليق.
وفي موقف داعم لهذا التحفظ، صرح متحدث باسم المفوضية الأوروبية بأن الشركات الخاصة لا تُعتبر شركاء مؤهلين لتلقي المنح الإنسانية، وأن الاتحاد الأوروبي يعارض أي خطة تمنح إسرائيل سيطرة مباشرة على توزيع المساعدات في غزة. قيود إضافية
وإضافة إلى السيطرة على سلاسل التوريد، تسعى إسرائيل لفرض شروط جديدة على المنظمات الإنسانية، بما في ذلك إعادة تسجيلها، وتقديم بيانات شخصية عن موظفيها، مع منح نفسها سلطة منع الجهات التي تنتقد سياساتها، أو التي تُتهم ب«نزع الشرعية» عنها، هذا ما دفع جماعات إغاثة للتحذير من تحول المساعدات إلى أداة للابتزاز السياسي.
كما عبّرت منظمات إنسانية عن خشيتها من إقصاء عدد كبير من الفلسطينيين من الاستفادة من المساعدات عبر «إجراءات مبهمة»، تعطي إسرائيل صلاحية تحديد المستحقين.
سابقة خطيرة
وقالت بشرى الخالدي، منسقة السياسات في منظمة أوكسفام، إن «العمل تحت إشراف عسكري مباشر أمر مرعب»، مضيفة أن مثل هذه السوابق قد تنتقل إلى أزمات إنسانية أخرى حول العالم.
ولفتت أروى ديمون، رئيسة إحدى شبكات الإغاثة الدولية، إلى أن السلطات الإسرائيلية بدأت بالفعل بمنع دخول عاملين إنسانيين، بمن فيهم هي نفسها، دون توضيح الأسباب.
وبينما تؤكد جماعات الإغاثة أنها ستبقى موحدة في رفض أي شكل من أشكال التعاون العسكري المباشر في العمل الإنساني، فإنها تقرّ أيضًا بأن قدرتها على الصمود أمام الضغوط محدودة.
تهديد للمدنيين
والمقترح الإسرائيلي لا يُعد فقط إعادة هيكلة لآلية توزيع المساعدات، بل يمثل تغييرًا جذريًا في طبيعة الاستجابة الإنسانية في غزة، بنقلها من الإشراف الأممي إلى سيطرة عسكرية مباشرة، وإذا تم تطبيقه، فقد يشكل سابقة دولية خطيرة ويكرس استخدام المساعدات الإنسانية كأداة ضغط واستهداف جماعي، في انتهاك واضح لقوانين الحرب ومبادئ الحياد الإنساني.
حجم التأثير المحتمل لنظام المساعدات الإسرائيلي الجديد على المدنيين في غزة
1. التهجير القسري للسكان
النظام المقترح، القائم على إنشاء خمسة مراكز توزيع فقط في جنوب القطاع، يعني فعليًا إلزام مئات آلاف المدنيين، خاصة في شمال غزة، بقطع مسافات طويلة أو حتى الانتقال من مناطقهم للحصول على الغذاء والدواء، وهو ما يعتبر نقلاً قسريًا غير قانوني بموجب القانون الإنساني الدولي.
2. تصاعد مخاطر العنف والفوضى
تجميع أعداد كبيرة من السكان في نقاط توزيع محدودة، ووجود قوات أو مقاولين أمنيين مسلحين، يرفع من احتمالات اندلاع أعمال عنف أو حدوث تدافع جماعي قد ينتهي بإصابات أو وفيات، كما حدث في حوادث سابقة وثقتها منظمات دولية.
3. تآكل حيادية العمل الإنساني
فرض سيطرة إسرائيلية مباشرة –سواء عبر الجيش أو شركات أمنية– على سلاسل التوريد، يهدد بتسييس المساعدات وتحويلها إلى أداة ضغط، ويقوض مبدأ الحياد الذي ترتكز عليه عمليات الإغاثة، ما قد يؤدي إلى انسحاب بعض المنظمات الدولية.
4. إقصاء فئات واسعة من الاستحقاق
بموجب الإجراءات المبهمة التي تنوي إسرائيل فرضها لتحديد من يحق له تلقي المساعدات، يُحتمل حرمان آلاف المدنيين من المساعدات، خاصة إن استُخدمت معايير تتعلق بالانتماء السياسي أو الانتقادات السابقة لإسرائيل.
5. تعطيل الخدمات الحيوية الشاملة
التركيز على الغذاء وحده يغفل الجوانب الأخرى للإغاثة: الرعاية الصحية، المياه، البنية التحتية، وغيرها، عدم تضمينها في النظام المقترح يهدد بانهيار شامل للخدمات الأساسية، ويزيد اعتماد السكان على مساعدات غير مستقرة.
6. خلق تبعية إجبارية لمراكز خاضعة للرقابة العسكرية
التحكم الكامل في المساعدات قد يحوّل سكان غزة إلى رهائن للنظام الجديد، ويمنح إسرائيل نفوذًا مفرطًا على قرارات مدنية وحياتية، بما يضعف أي جهود مستقبلية لإعادة الإعمار أو الاستقلال الإغاثي عن أطراف النزاع.
النتيجة المتوقعة
سيؤدي هذا النظام، في حال تطبيقه، إلى تعميق الأزمة الإنسانية في غزة، وفرض نظام توزيع قسري يعكس حالة «الاحتلال المُدار عبر المساعدات»، وهو ما قد يُوثق لاحقًا كأحد أخطر أشكال تسليح الإغاثة في النزاعات الحديثة.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
أخبار متعلقة :