نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الذكاء الاصطناعي يحسم مستقبل السباق بين أميركا والصين, اليوم الجمعة 2 مايو 2025 03:37 صباحاً
نشر بوساطة أ في الرياض يوم 02 - 05 - 2025
في خِضَمْ السباق المُتسارع بين القوى الكبرى للهيمنة التكنولوجية، تواجه الشركات الغربية تحدياً غير مسبوق أمام صعود الصين. فبعد التقدم اللافت الذي حققته شركة "ديب سيك" الصينية في هذا المجال، والذي أثار موجة من التساؤلات في الأوساط التكنولوجية والاقتصادية العالمية، سارعت شركة "أوبن إيه آي" الأميركية إلى الإعلان عن أداة "البحث العميق" (Deep Research) في 3 فبراير 2025، في محاولة للحفاظ على ريادتها في مواجهة المنافسة الصينية المتزايدة ولتعزيز "تشات جي بي تي". ويأتي هذا الإعلان كرد مباشر على انبثاق نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية المتقدمة، مثل "ديب سيك آر 1" الذي طورته شركة "ديب سيك"، و"كوين 2.5 ماكس" الذي أنتجته شركة "علي بابا"، وكذلك "كيمي ك 1.5" من تطوير "مونشوت إيه آي"، والتي أظهرت كفاءة لافتة تتفوق على "ديب سيك" وقدرة موازية على المنافسة. ولهذا، فقد أثار هذا التطور تساؤلات حول طبيعة الاستراتيجيات التي ستتبناها الشركات الغربية لمواجهة الصعود التكنولوجي الصيني، ومدى تأثير هذه النزعة التنافسية في النظام التكنولوجي العالمي. فبينما تتسابق الشركات الكبرى لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر تقدماً، تبرز أبعاد أخرى للمنافسة، مثل توسيع نطاق استخدام هذه التقنيات بكفاءة من حيث التكلفة؛ ولذا يبرز تساؤل جوهري: هل ستتمكن الولايات المتحدة من الحفاظ على ريادتها، أم أن الصين ستعيد تشكيل قواعد الهيمنة التكنولوجية؟
أبعاد المنافسة
تعكس المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي تحوّلات تتجاوز البعد التقني، ليمتد تأثيرها إلى الأبعاد الاقتصادية والجيوسياسية والاستراتيجية. ويتضح ذلك في تصنيع الرقائق الإلكترونية: لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تحتفظ بميزة تنافسية في هذا المجال، إلا أن الصين تشهد تقدماً سريعاً قد يؤدي إلى إعادة تشكيل موازين القوى مستقبلاً. فالقيود التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على الصين، والتي شملت حظر تصدير الشرائح المتقدمة مثل (NVIDIA H100) دفعت الشركات الصينية إلى ابتكار حلول بديلة، مثل استخدام (H800) من "إنفيديا" في تطوير نظم الذكاء الاصطناعي. فقد صممت "إنفيديا" (H800) بحيث يكون أداؤها أقل بنسبة 10 % إلى 30 % في بعض المهام مقارنة بشرائحها الأحدث؛ إذ قد يؤدي إلى مضاعفة بعض التكاليف. لكن حتى مع هذا التباطؤ؛ فإن شركات مثل "تينسنت" قدّرت أن استخدام "H800" سيخفض زمن تدريب نماذجها من 11 يوماً إلى 4 أيام فقط؛ ولذلك تقوم "إنفيديا" بتزويد "تينسنت" و"علي بابا"، و"بايدو" بهذه الرقائق، ورغم أنها لم تصل بكميات كبيرة بعد؛ فإن الشركات الصينية تستعد لاستغلالها لتسريع تطوير الذكاء الاصطناعي. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، شركة "بايت دانس" المالكة لتطبيق "تيك توك"، التي تُعد من أكبر المشترين لشرائح "إنفيديا" في آسيا. فقد تجاوزت شركة "بايت دانس" شركات كبرى مثل "علي بابا" و"بايدو" في حجم مشترياتها. هذه الاستثمارات من "بايت دانس"، والتي تشمل تخصيص 12 مليار دولار للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في 2025، تعكس الطلب المستمر والقوي على شرائح الذكاء الاصطناعي في السوق الصينية.
وفي إطار سعيها لتقليل الاعتماد على تقنيات الشركات الأميركية، تركز "هواوي" أيضاً على تطوير معالجات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، مثل سلسلة "أسيند"، بما في ذلك معالج "أسيند 910". وتهدف هذه المعالجات عامة إلى تحسين كفاءة معالجة البيانات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل التعلم العميق وتحليل البيانات الضخمة. وبرغم هذه الجهود، تواجه "هواوي" تحديات كبيرة في التوسع داخل سوق الذكاء الاصطناعي، حيث شكلت معالجاتها 6 % فقط من السوق في الصين خلال النصف الأول من عام 2023. وبالمقابل، سيطرت "إنفيديا" على السوق بحصة بلغت 90 %؛ مما يعكس التفوق الكبير لتقنيات شركة "إنفيديا" في هذا المجال. ويعود التفاوت في الحصص السوقية إلى مجموعة من العوامل، من أبرزها استثمار "إنفيديا" في تطوير معالجات متقدمة، مثل وحدات "تينسور كور" التي تُستخدم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وفي هذا السياق، جاء طرح جيل "بلاكويل" الجديد من المعالجات، في 18 مارس 2024؛ ليعكس توجهاً نحو تحسين أداء المعالجات وزيادة كفاءتها في تسريع عمليات الذكاء الاصطناعي؛ وهو ما قد يسهم في تعزيز موقع الشركة التنافسي. بالإضافة إلى ذلك، تواجه "هواوي" قيوداً نتيجة العقوبات الأميركية التي تؤثر في قدرتها على الوصول إلى بعض المكونات التقنية المتطورة.
مركز البيانات
وتُعد البيانات هي وقود الذكاء الاصطناعي، وتتطلب نماذجه المتطورة كميات هائلة ومتنوعة منها للتدريب والتعلم والتحسين المستمر. وتشير البيانات المتاحة إلى أن الولايات المتحدة تمتلك حالياً 77 % من قدرة الحوسبة السحابية العالمية، بفضل شركاتها العملاقة مثل "أمازون ويب سيرفيسز" (AWS)، و"جوجل كلاود"، و"ميتا"، و"مايكروسوفت آزور". في المقابل، تمتلك الصين 24 % من هذه القدرة، مع شركات مثل "علي بابا" و"هواوي" و"بايدو" و"تينسنت" التي تشكل منافساً صاعداً وقوياً. لكن التحدي الأكبر الذي قد يواجه الطرفين يكمن في صعوبة توفير بيانات جديدة وكافية بشكل مستمر لتدريب النماذج التوليدية المعقدة، حيث وصل حجم البيانات المطلوبة إلى مستويات غير مسبوقة.
السيادة في مجال الطاقة
يعتمد تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات الضخمة على كميات هائلة من الطاقة. ومع استهلاك مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي ما يقدر ب460 تيراواط/ساعة في عام 2022؛ أي ما يعادل 2 % من إجمالي استهلاك الطاقة العالمي، ومع توقع أن يتضاعف هذا الرقم في الولايات المتحدة بحلول عام 2028 ليصل إلى 12 % من إجمالي استهلاك الكهرباء في البلاد، يصبح تأمين مصادر طاقة مستدامة وفعالة من حيث التكلفة أمراً حاسماً لضمان استمرارية التطور في هذا المجال. وتشير بعض التقارير إلى أن الولايات المتحدة تتصدر حالياً في إجمالي قدرة الطاقة المتجددة المتعاقد عليها، بينما تسعى الصين لزيادة التزاماتها واستثماراتها في هذا المجال. وفي هذا الإطار، استثمرت الحكومة الصينية أكثر من 43,5 مليار يوان في مشروع طموح يحمل اسم "البيانات الشرقية، الحوسبة الغربية"، والذي يهدف إلى بناء مراكز بيانات متقدمة ومستدامة لدعم الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي.
تحوّلات بيئة الابتكار
يتجاوز الذكاء الاصطناعي كونه مجرد أداة تقنية ليصبح عنصراً استراتيجياً يؤثر في موازين القوى ويعيد تشكيل التفاعلات الاقتصادية والسياسية. وفي سياق بيئة الابتكار، قد يؤدي توفر الخيارات والموارد الوفيرة إلى تقليل الحافز على الإبداع والبحث عن حلول جذرية، بينما قد تفرض الندرة والقيود على الموارد تحديات تدفع الأفراد والمؤسسات إلى تطوير استراتيجيات مبتكرة للتغلب على العقبات. وعلى المستوى الدولي، قد تجد الدول الغنية بالموارد نفسها أقل اندفاعاً نحو البحث عن حلول جديدة مقارنة بالدول التي تواجه قيوداً تكنولوجية أو مالية، والتي قد تكون أكثر قدرة على توظيف الابتكار كأداة للتغلب على التحديات وتحقيق التقدم.
مخاوف الاستعمار الخوارزمي
يثير الاعتماد المتزايد للدول النامية على التكنولوجيا التي تنتجها الدول المتقدمة، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، مخاوف قد تكون جدية من تفاقم التبعية التكنولوجية؛ وهو ما قد يؤدي إلى ما يمكن تسميته ب"الاستعمار الخوارزمي"؛ ويعني هذا المصطلح أن الدول التي لا تمتلك القدرة على تطوير تقنياتها الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي Laggards قد تصبح معتمدة بشكل كامل على الدول والشركات التي تمتلك هذه التقنيات (Innovators)؛ مما قد يعرضها للاستغلال والتحكم في بياناتها وقراراتها وسياساتها.
سيناريوهات محتملة
تعكس تعقيدات المنافسة بين الولايات المتحدة والصين تشابكاً متزايداً بين العوامل التكنولوجية والاقتصادية والجيوسياسية؛ ما يجعل مسار هذا التنافس غير محسوم. ويمكن تصور عدة سيناريوهات محتملة تعكس اتجاهات التطور المستقبلي .
استمرار التفوق الأميركي
قد تحافظ الولايات المتحدة على ريادتها من خلال استراتيجيات متعددة، تشمل تعزيز الابتكار في مجال أشباه الموصلات، وتشديد القيود التكنولوجية على الصين، وتوظيف التحالفات الدولية الاستراتيجية. لكن هذا السيناريو قد يتطلب معالجة التحديات الداخلية، مثل نقص الكوادر المتخصصة، وارتفاع تكاليف البنية التحتية، والتعقيدات التنظيمية.
صعود الصين
قد تنجح الصين في تجاوز القيود الأميركية من خلال تطوير بدائل محلية للرقائق الإلكترونية، والتوسع في الهيمنة الرقمية عبر مبادرة "الحزام والطريق"، وتحقيق اختراقات في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. لكنها قد تواجه تحديات هيكلية، مثل الاعتماد المستمر على بعض التقنيات الغربية، وقيود الوصول إلى البيانات الدولية، والتحديات التنظيمية.
التوازن التقني
قد يتحقق توازن نسبي في القوى، حيث تحتفظ كل دولة بميزات تنافسية في مجالات محددة، دون أن تتمكن أي منهما من تحقيق هيمنة مُطلقة. وقد يشهد هذا السيناريو دخول أطراف جديدة إلى ساحة المنافسة، مثل الاتحاد الأوروبي والهند؛ مما يزيد من تعقيد المشهد ويقلل من فرص الهيمنة الأحادية.
هيمنة الشركات التكنولوجية
قد تصبح شركات التكنولوجيا العملاقة هي الفاعل الرئيسي والمتحكم في تطور الذكاء الاصطناعي، متجاوزة بذلك دور الدول والحكومات. وقد يؤدي هذا السيناريو إلى تفاقم الاحتكار والسيطرة على البيانات، ويثير تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية والسيادة الوطنية.
لحظات حاسمة
واجهت الولايات المتحدة لحظات حاسمة من قبل، مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الباردة والكساد الاقتصادي في السبعينيات وصعود اليابان في الثمانينيات وهجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، لكن المنافسة الحالية مع الصين مختلفة تماما. فالصين تنافس الولايات المتحدة على صعيد حجم الاقتصاد والتطور التكنولوجي والنفوذ العالمي والطموح الجيوسياسي. في المقابل لا يمتلك صناع السياسة في واشنطن استراتيجية متماسكة لمواجهة هذا التحدي غير المسبوق، وإنما يدورون في حلقة خطيرة من القرارات التي تأخذ شكل رد الفعل، وهو ما يصب في النهاية في صالح بكين على حد قول ديوي مورديك المدير التنفيذي لمركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة في جامعة جورج تاون الأميركية ووليام هاناس المحلل الرئيسي في المركز في التحليل المشترك الذي نشره موقع مجلة ناشونال إنتريست الأميركية.
وتعتمد الولايات المتحدة حاليا في مواجهة التحديات على أدوات تشمل الإكراه من خلال العقوبات الاقتصادية والتهديد بالعمل العسكري. ورغم فعالية هذا النهج إلى حد ما في الماضي فإنه غير كافٍ لمواجهة التحدي الصيني، خاصة وأن الولايات المتحدة تتعامل مع تحركات الصين على أساس رد الفعل، بدلا من السعي الإيجابي وراء تحقيق أهدافها.
وتحتاج واشنطن إلى استراتيجيات جديدة، مدعومة بالبحث والرصد المستمر، لتقييم قدرات الصين التنافسية، وتتبع تقدمها التكنولوجي، وتقييم المخاطر الاقتصادية، وتمييز أنماط تعاملها مع الدول الأخرى. وكلما اتخذت واشنطن تدابير أفضل وحققت فهما أعمق للتحديات التي تواجهها الصين كلما نجحت في بلورة رؤية استباقية لضمان نجاح طويل الأمد في ظل المنافسة الجيوسياسية. في حين أن النهج الحالي الأمريكي وهو مزيج من ردود الفعل التي تُشعرنا بالرضا، وتعالج الأعراض وتتجاهل الأسباب الكامنة يعتبر وصفة للهزيمة.
ويرى ديوي مورديك ووليام هاناس في تحليلهما أن فكرة إمكانية احتفاظ الولايات المتحدة بالريادة العالمية إلى أجل غير مسمى من خلال إبطاء صعود الصين من خلال قيود التصدير وغيرها من العقبات هي فكرة قصيرة النظر. فالقدرة النووية للصين ومكانتها المرموقة في مجال الذكاء الاصطناعي تظهران مدى سخافة الاعتماد على مثل هذه الأساليب.
وعلى صناع القرار في واشنطن إدراك حقيقة أن عواقب سوء فهم الصين باهظة بالنسبة للولايات المتحدة التي قد تجد نفسها في مواجهة حرب أو نشر لمسببات الأمراض أو هجمات على البنية التحتية في أسوأ السيناريوهات، لذلك يجب التواصل المستمر وبناء الثقة مع بكين للتخفيف من حدة هذه المخاطر، كما يجب على واشنطن التخلي عن الغطرسة التي صبغت موقفها تجاه الصين ومعظم دول "العالم الثالث" السابق.
لكن لا يعني ذلك أن الصين تخلو من نقاط الضعف، وفي مقدمتها سيطرة الحزب الشيوعي الحاكم واعتماده جزئيا على شبكة من المراقبة والقمع تُجرّم التفكير والتعبير غير التقليديين. ومقابل القمع والطاعة يضمن الحزب للشعب استمرار الرخاء. لكن هذه الصفقة تُصبح هشة عندما تبدأ تناقضات الديكتاتورية والاقتصاد الموجه بالظهور، أو كما يُقال في الصين التقليدية، عندما يفقد الحاكم "تفويض السماء".
وبالفعل تشهد الصين اليوم تصدعات في هذه المعادلة، حيث يكافح الشباب لإيجاد وظائف، ويواجه قطاع العقارات، حيث تدّخر العائلات الصينية ثرواتها، صعوبات. والحكومات المحلية التي اقترضت بكثافة غارقة في الديون. ويعاني المجتمع الصيني من الشيخوخة المتسارعة، مع تناقص عدد العمال الذين يعيلون المزيد من المتقاعدين.
وإذا كان الفوز هو الهدف، فهناك فرصة أمام إدارة ترامب لاستغلال نقاط الضعف الصينية من خلال شن نفس الحرب النفسية التي تمارسها الصين ضد الولايات المتحدة وحلفائها من خلال عمليات "الجبهة المتحدة"، أو على الأقل، بتأكيد التمييز بين الشعب الصيني والنخبة التي تحكمه. كما يمكن أن تستفيد الولايات المتحدة في مواجهتها مع الصين من خلال منع وصول التكنولوجيا الأجنبية المتقدمة إلى الصين، وتشجيع الدول والشركات الأجنبية التي تتعاون مع الصين على وضع مصالح الولايات المتحدة في الاعتبار عند اتخاذ قراراتها بشأن التعاون مع الصين.
في الوقت نفسه فإن استغلال نقاط ضعف الصين لترجيح كفة الولايات المتحدة يُبعد السياسة الأميركية عن دائرة رد الفعل التي تدور داخلها منذ سنوات، لكي تركز على أهداف محددة. ومع ذلك يظل على واشنطن إدراك ثلاث نقاط أساسية وهي:
أولًا، على إدارة ترمب، وقادة الشركات، والمتبرعين في الولايات المتحدة ضخ استثمارات عامة وخاصة غير مسبوقة في تنمية المواهب، بما في ذلك المهارات الصناعية التي لا تتطلب شهادات جامعية، وفي البحث والتطوير عالي المخاطر-عالي العائد.
ثانيًا، الاعتراف بأن التكنولوجيا غير كافية لضمان هيمنة الولايات المتحدة. فالصين تدرك ضرورة تحويل الاكتشافات إلى منتجات، وقد صقلت مهاراتها في ذلك على مدى آلاف السنين. حاليًا، تُشغّل الصين مئات "مراكز الأبحاث" الممولة من الدولة في جميع أنحاء البلاد ، بعيدا عن المدن الكبرى الساحلية لتسهيل ترجمة الأفكار الجديدة إلى منتجات. كما تُنشئ "سلاسل صناعية متكاملة للذكاء الاصطناعي" لتوفير تقنيات الحوسبة والذكاء الاصطناعي للشركات المحلية، بما في ذلك الشركات العاملة في المناطق الداخلية، وهو ما يضمن لها تحقيق قفزات كبيرة في هذا المجال ويزيد خطورتها على الولايات المتحدة، حيث أصبح من الواضح أن التفوق في ميدان الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسم مستقبل التنافس الجيوسياسي والاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة.
ثالثا، تحتاج إدارة ترامب إلى آلية فعّالة لجمع وتحليل البيانات العلمية الأجنبية تُشبه في جوهرها، وإن لم تكن بنفس نطاق الآلية التي تستخدمها الصين لتحديد أساس تطورها. فالجهود الأميركية الحالية لتتبع العلوم الأجنبية من خلال وكالات متخصصة في جمع المعلومات السرية لا تُناسب مهمة رصد المعلومات "السرية". وستساعد هذه النافذة التي تطل على البنية التحتية التكنولوجية الصين في توجيه قرارات الاستثمار وتعزيز أمن البحث العلمي من خلال كشف الثغرات التي يسعى المنافسون إلى سدّها من خلال التعاملات غير المشروعة للحصول على التكنولوجيا الأميركية أو الغربية المحظور تصديرها إلى الصين.
أخيرا يمكن القول إن الولايات المتحدة لن تنجح في التصدي للصين بمجرد العمل على وقف صعودها، فهذا أمر غير محتمل وغير ضروري. ولكن ستنجح إدارة الرئيس ترامب في تحقيق الهدف من خلال إعادة بناء الطاقة الإنتاجية الأميركية لخلق فرص لكل الأمريكيين. ويتطلب هذا النهج الصبر والاستثمار المستدام، لكن البديل الذي يعتمد على تعليق الآمال على المعرفة المجردة، والرد على تحركات الصين، في حين تتدهور المجتمعات الأميركية، أسوأ بكثير.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
أخبار متعلقة :