نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: ترمب في الرياض.. تعاون إستراتيجي لآفاق أوسع, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 01:05 صباحاًترمب في الرياض.. تعاون إستراتيجي لآفاق أوسع نشر بوساطة طلحة الأنصاري في الرياض يوم 12 - 05 - 2025 في أول جولة خارجية له خلال ولايته الثانية، اختار الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن يجعل من المملكة محطته الرئيسة في مايو 2025م، تعيد هذه الزيارة إلى الأذهان زيارته الأولى إلى الرياض عام 2017، لكنها تأتي اليوم في سياق إقليمي وعالمي بالغ الحساسية، فالمنطقة تشهد تحولات سياسية وأمنية كبيرة، من تصاعد التوتر حول البرنامج النووي الإيراني، إلى بوادر انفراج في حرب اليمن، مرورًا بتداعيات نزاعات أوسع مثل أزمة غزة، وفي ظل هذه التحديات، تسعى المملكة إلى طرح رؤية إيجابية ومتزنة؛ إذ ترى في تعزيز التعاون مع واشنطن سبيلًا لترسيخ السلام والاستقرار ودفع عجلة التنمية، وبحسب محللون فإن اختيار ترمب للسعودية كوجهة أولى، هو تأكيد على اعتماد إدارته على الشراكات الخليجية في قضايا الاقتصاد والأمن، ويعكس أيضًا ما تتمتع به الرياض من ثقل استراتيجي متنامٍ يجعلها لاعبًا لا غنى عنه في معادلات المنطقة. الأبعاد الاقتصادية والاستثماريةواحتل التعاون الاقتصادي موقع الصدارة في مباحثات الزيارة، حيث يسعى الجانبان إلى ترسيخ شراكة اقتصادية متينة تربط أكبر اقتصاد عالمي مع إحدى أسرع الاقتصادات نموًا في المنطقة، وبحسب تقارير المجلس الأطلسي (Atlantic Council)، يشكّل الاستثمار والطاقة "ركيزتين أساسيتين" في جدول أعمال هذه الجولة، فعلى صعيد الاستثمارات الثنائية، تتطلع واشنطن إلى ضخ رؤوس أموال ضخمة في مشاريع البنية التحتية والتكنولوجيا الأميركية لتحفيز النمو، ويعكس رفع المملكة حجم استثماراتها المخطط لها في الولايات المتحدة توجّهها للمساهمة في ازدهار الاقتصاد العالمي، ضمن رؤية تقوم على المنفعة المتبادلة، فهي تسعى للحصول على أحدث التقنيات والخبرات دعماً لرؤية 2030 لتنويع الاقتصاد، وهو ما يترجمه التركيز على عقد شراكات في مجالات التقنية المتقدمة والذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع الإعلان عن صناديق تمويل مشتركة أو مراكز أبحاث تقنية بين البلدين، وكذلك مشاريع في قطاع أشباه الموصلات الذي طُرح ضمن ملفات النقاش، ما يعني فتح آفاق جديدة للتعاون تتجاوز المجالات التقليدية.وفي قطاع الطاقة لم يقتصر النقاش على النفط؛ إذ تم الاتفاق على تعزيز التعاون في مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات التكيّف المناخي، في إطار توجه مشترك لخلق مقايضة استراتيجية بين الهيدروكربونات التقليدية ومشاريع الطاقة النظيفة، ورأى مراقبون هذا التوجه يُحقق فوزًا للطرفين؛ فهو يساعد الإدارة الأميركية في تحقيق أهدافها المناخية دون التضحية بإمدادات النفط ، ويدعم مساعي الرياض لتنويع مصادر الدخل والطاقة لديها، كما حازت الصناعات المعدنية والتعدين على اهتمام خاص ضمن الحزمة الاقتصادية للزيارة، فالمملكة تمتلك رؤية طموحة للتحول إلى قوة عالمية في إنتاج المعادن الاستراتيجية، مستندة إلى ثروة معدنية تقدر بتريليونات الدولارات، تشمل معادن نادرة وحيوية للصناعات العسكرية والتكنولوجية.وفي هذا السياق، أعلنت الرياض وواشنطن عزمهما على تعزيز التعاون في قطاع التعدين وتنمية سلاسل إمداد المعادن الحرجة، وتفيد تحليلات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) بأن "دبلوماسية المعادن" باتت أولوية استراتيجية لإدارة ترمب، التي ترى في المملكة شريكًا مركزيًا لتأمين هذه الموارد، ويؤكد خبراء أن التعدين مرشح ليكون ركيزة أساسية في مستقبل العلاقات الأميركية - السعودية، مع توافق البلدين على أهمية تأمين الإمدادات المعدنية لدعم الصناعات المتقدمة، ولا أدلّ على ذلك من الشراكات البارزة القائمة بالفعل، مثل استثمارات شركات أميركية في مشاريع التعدين السعودية، والدعم الأميركي لتطوير قدرات شركة "معادن السعودية"، وهكذا، تعكس المخرجات الاقتصادية للزيارة رؤية سعودية - أميركية مشتركة قوامها التكامل الاقتصادي: استثمارات متبادلة ضخمة، وتعاون في الطاقة التقليدية والمتجددة، وشراكة تكنولوجية ومعدنية لتأسيس اقتصاد المستقبل، وهذه المقاربة الكلية تمنح البلدين فرصة تاريخية لبناء ازدهار مشترك، وتوجيه رسالة بأن التنمية هي الطريق الأنجع لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.الأبعاد السياسية والدبلوماسيةوشكلت الملفات السياسية ميدانًا محوريًا للتنسيق خلال زيارة ترمب إلى الرياض، حيث سعى الطرفان لتوحيد الرؤى حيال أزمات المنطقة بما يخدم هدف إرساء السلام والاستقرار، وفي صدارة هذه الملفات جاء البرنامج النووي الإيراني، فعلى الرغم من مواقف ترمب المتشددة تاريخيًا حيال إيران، برز خلال هذه الزيارة توجه نحو منح الدبلوماسية فرصة جديدة، إذ تزامنت الزيارة مع انخراط واشنطن في محادثات غير مباشرة مع طهران حول إحياء الاتفاق النووي على أسس جديدة، وقد رحبت الرياض بحذر بهذا المسار، حيث عبّر مسؤولون سعوديون عن دعمهم الضمني لأي اتفاقٍ يبدد الهواجس النووية طالما أنه لا يساوم على أمن المنطقة، وتؤكد تقارير دولية أن احتواء الطموحات النووية الإيرانية هو أولوية قصوى مشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة، إذ يخدم التوصل إلى اتفاق نووي مُحكم هدف منع الانتشار النووي وتجنيب الشرق الأوسط سباق تسلح خطر، ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن الرياض تدعم أي مسعى دبلوماسي يضمن سلمية برنامج إيران النووي، بالتوازي مع استمرار الضغط لكبح أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار الإقليمي عبر الحوار والتفاهمات وليس المواجهة العسكرية، وهذا الموقف السعودي المتزن ينسجم مع توجه المملكة منذ اتفاق إعادة العلاقات مع إيران بوساطة صينية عام 2023 نحو تغليب لغة الحوار مع الجوار الإيراني، على أمل أن يُسهم ذلك في تخفيف التوترات الإقليمية المزمنة.وعلى صعيد الأزمة اليمنية، حملت الزيارة رسالة سلام قوية طال انتظارها، فبعد ما يقرب من عقد على اندلاع الحرب في اليمن، بدأت تلوح في الأفق ملامح انفراجة تاريخية تمثلت في اتفاق وقف إطلاق نار قائم، وقد أكد الجانبان الأميركي والسعودي دعمهما الثابت لترسيخ هذا الهدوء الهش وتحويله إلى سلام دائم، وثمّن ترمب الدور القيادي للسعودية في التوصل إلى التهدئة الحالية عبر مبادراتها وانفتاحها على الحوار مع جميع الأطراف اليمنية، وكانت الإدارة الأميركية قد أعلنت عشية الزيارة وقف الضربات الجوية على الحوثيين في اليمن في مقابل تعهد الجماعة بوقف استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر، وهذا التطور - الذي تكامل مع مساعي السلام السعودية - اعتُبر إنجازًا دبلوماسيًا مهمًا يُظهر أن النزاع اليمني قابل للحل عبر التفاوض، ولعل الرسالة الأبرز التي تحملها الزيارة في الشأن اليمني هي أن السلام ممكن إذا توفرت النوايا الصادقة والجهود الدولية المنسقة، وهي رسالة تتوافق تمامًا مع التوجه السعودي نحو إنهاء النزاعات سلمياً وتركيز الجهود على البناء والتنمية.الجوانب الأمنية والدفاعيةولم تغب التفاهمات الأمنية وصفقات التسليح عن جدول أعمال زيارة ترمب للسعودية، ونوقشت بلغة متوازنة تؤكد أن الهدف هو الدفاع وردع التهديدات لا تأجيج الصراعات، فمن المعروف أن الشراكة الدفاعية بين الرياض وواشنطن ركن أساسي في علاقتهما منذ عقود، وفي هذه الزيارة، تم إقرار حزمة تسليحية ضخمة تضاهي تلك التي أُعلنت خلال زيارة 2017م، وذكرت مصادر مطلعة أن هذه الحزمة تشمل أنظمة دفاع جوي وصواريخ عالية الدقة وقطع بحرية متقدمة، بهدف تعزيز قدرات المملكة الدفاعية في مواجهة أي تهديدات إقليمية محتملة، وفي مؤشر ذي دلالة، وافقت واشنطن عشية الزيارة على صفقة لبيع الرياض صواريخ جو-جو متطورة، وتتمحور العقيدة الدفاعية السعودية حاليًا حول بناء قوة ردع تحمي سيادة المملكة ومكتسباتها التنموية دون الانجرار إلى سباق تسلح هجومي، ومن هذا المنطلق، تؤكد الرياض أن مشترياتها العسكرية تهدف أساسًا إلى التصدي لأي اعتداء وتأمين حدودها ومرافقها الحيوية.منعطف مهم في مسار العلاقاتالأكيد أنّ زيارة الرئيس ترمب إلى المملكة تمثل منعطفًا مهمًا في مسار العلاقات السعودية - الأميركية، ويرسخ نهج المملكة في طرح رؤية متفائلة ومتوازنة لمستقبل المنطقة، حيث تقدّم السعودية نفسها كشريك ناضج ومسؤول يسعى إلى تحويل التحديات إلى فرص: فرصة لتنمية اقتصادية شاملة تعم نفعها الجميع، وفرصة لإحلال السلام في بؤر الصراع المزمنة، وفرصة لبناء منظومة أمن جماعي تصون مكتسبات الشعوب، ومن خلال التركيز على المشتركات الاستراتيجية مع واشنطن كالتصدي لانتشار النووي، وإنهاء الحروب الأهلية، ومكافحة الإرهاب، وتأمين التجارة والطاقة؛ نجحت الرياض في توجيه دفة النقاش نحو الملفات التي تخدم الاستقرار الإقليمي والدولي، ولم تغفل في الوقت ذاته القضايا الحساسة عربيًا وإسلاميًا؛ فحضرت قضية فلسطين في خلفية المشهد كعامل لا يمكن تجاوزه لتحقيق سلام شامل ودائم في الشرق الأوسط، وهو ما أشار إليه القادة السعوديون بوضوح خلال لقاءاتهم، مؤكدين تمسّكهم بمبادئ السلام العادل وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.ولا شك أنّ حقبة جديدة من الشراكة قد بدأت بين الرياض وواشنطن، قوامها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، فالمملكة اليوم صانعة أجندة إقليمية تسهم بإيجابية في صياغة التفاهمات الكبرى، وإدارة ترمب وجدت في القيادة السعودية حليفًا موثوقًا يمكن الاعتماد عليه لدفع جهود إحلال الأمن والنماء في منطقة الشرق الأوسط، ولعل أبرز رسالة يمكن تلمسها من الزيارة هي تأكيد التوجه السعودي الراسخ نحو السلام والتعاون الدولي، وهذا التوجه عكسه حرص المملكة على على مد يدها لكل من يرغب في الحلول السلمية، وفي الوقت ذاته، برهنت السعودية أنها لا تتهاون في حماية مصالحها وأمنها عبر التحالف مع أصدقائها التاريخيين وفي مقدّمهم الولايات المتحدة، هكذا، وبلغة رزينة ومتزنة، أظهرت الرياض أنها تتطلع إلى مستقبل الشرق الأوسط بوصفه "منطقة تعاون وازدهار، لا ساحة حروب وصراعات"، رؤية قد تبدو للبعض طموحة، لكنها تستند إلى معطيات واقع جديد بدأت تتبلور ملامحه مع تصاعد الدور التنموي والدبلوماسي لدول الخليج. انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.