اليوم الجديد

ماذا ينتظر أنشيلوتي مع منتخب البرازيل بعد توقيعه رسمياً ورحيله عن ريال مدريد؟

وافق كارلو أنشيلوتي على تولي منصب المدير الفني لمنتخب البرازيل.

ويُعد ذلك التعيين من أبرز الأحداث في تاريخ كرة القدم الدولية، إذ يمثل خطوة غير مسبوقة بالنسبة لفريق يُجسد الهوية للعب الجميل، بينما يلجأ إلى مدرب أجنبي من نخبة المدربين الأوروبيين.

يعكس القرار رغبة قوية في العودة إلى طريق الانتصارات، وطموحاً لإنعاش منتخب البرازيل الذي يعاني تراجعاً واضحاً في السنوات الأخيرة.

وقال خبير كرة القدم في أمريكا الجنوبية، تيم فيكيري في حديثه مع BBC Sports:«كان أنشيلوتي الخيار الأول لأنه يمتلك سجلاً باهراً من النجاحات، حيث فاز بالألقاب في 5 دول مختلفة».

يُعد تولّي أنشيلوتي تدريب منتخب البرازيل لحظة تاريخية، حيث سيكون أول مدرب غير برازيلي يتولى هذا المنصب في تاريخ السامبا.

ويرى كثيرون أن علاقته القوية باللاعبين البرازيليين مثل فينيسيوس جونيور، ميليتاو، رودريغو، وأندريك، ستساعده كثيراً في التكيف مع مهمته الجديدة.

المدرب الإيطالي يواجه تحديات كبيرة قبل مونديال 2026

ستكون هذه المرة الأولى التي يتولى فيها كارلو أنشيلوتي تدريباً على المستوى الدولي، بعد مسيرة تدريبية شبه متواصلة استمرت 30 عاماً في عالم الأندية الأوروبية.

تتمثل إحدى أبرز نقاط قوة كارلو أنشيلوتي في قدرته على جلب الاستقرار للفرق دون إثارة أو دراما.

أسلوبه الهادئ المعروف، والذي يظهر بمجرد رفع حاجب في لحظة حاسمة ساعده في تهدئة بعض من أكثر غرف الملابس توتراً في عالم كرة القدم.

وعلى الرغم أن موسم 2024-2025 مع ريال مدريد كان صعباً، بعد الخسارة أمام برشلونة في نهائي كأس الملك والخروج من دوري أبطال أوروبا في ربع النهائي على يد أرسنال، إلا أن الإنجازات السابقة لأنشيلوتي ما زالت تحظى بتقدير كبير.

خلال فترته في العاصمة الإسبانية، زرع أنشيلوتي ثقافة ذهنية نُخبوية في الفريق، ويتجلى ذلك بوضوح في مسيرة ريال مدريد المذهلة نحو لقب دوري أبطال أوروبا 2022 تحت قيادته.

حقق الفريق انتصارات مثيرة بعد تأخره في مواقف شبه مستحيلة، ضد تشيلسي ومانشستر سيتي، قبل أن يُتوج باللقب بعد الفوز على ليفربول 1-0 في النهائي.

استفاد الفريق ليس فقط من الحنكة التكتيكية لأنشيلوتي، بل من هدوئه العاطفي الاستثنائي الذي انعكس على أداء اللاعبين.

ذلك التحدي، هو الذي يحتاج لضبطه بالفعل منتخب البرازيل، ويتمثل في اللعب بتكتيك وثبات بعيداً عن الانفعال العاطفي الفردي.

هذا النوع من الاتزان الجماعي يمكن أن يُنعش منتخب البرازيل، الذي كثيراً ما خيب الآمال تحت وطأة الضغط والتوقعات.

أنشيلوتي: «أريد نهاية ملائمة لمغامرتي مع ريال مدريد»

أكد كارلو أنشيلوتي رسمياً أنه سيغادر ريال مدريد في نهاية موسم 2024–2025 ليتولى منصب المدير الفني لمنتخب البرازيل.

سيكون يومه الأخير مع النادي الإسباني في 25 مايو 2025، وبعدها سيبدأ مهمته الجديدة مع «السيليساو».

وفي مؤتمر صحفي قبل مباراة ريال مدريد ضد مايوركا في الدوري الإسباني، عبّر أنشيلوتي عن فخره بما حققه خلال فترة تدريبه للنادي، وقال:«لو أخبرتني أنني سأفوز بـ11 لقباً خلال 4 سنوات، لما صدقتك».

وتشمل هذه الألقاب بطولتين لدوري أبطال أوروبا، ولقبين في الدوري الإسباني، وكأس ملك إسبانيا، إلى جانب ألقاب أخرى.

ورغم أن موسمه الأخير قد لا يشهد تتويجاً بالألقاب، أكد أنشيلوتي العلاقة الحافلة بالاحترام المتبادل بينه وبين إدارة النادي، موضحاً أن الطرفين اتفقا على أن الوقت قد حان للتغيير.

كما عبّر عن دعمه لخليفته المحتمل، تشابي ألونسو، وأشاد بإمكاناته كمدرب واعد.

وعلى الرغم أن ريال مدريد لم يصدر بياناً رسمياً بعد بشأن رحيل أنشيلوتي، إلا أن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم أعلن تعيينه.

وأكد أنشيلوتي التزامه الكامل بإنهاء الموسم مع ريال مدريد بأفضل شكل ممكن.

الاتحاد البرازيلي يعوّل على خبرة أنشيلوتي لإعادة بريق السامبا

تراجعت هيمنة البرازيل الكروية بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين.

وعلى الرغم من تتويجها بلقبي كوبا أمريكا في عامي 2007 و2019، فإن سجلها في كأس العالم وهو المعيار الأعلى للنجاح، كان مخيباً للآمال.

لم تفز البرازيل بالبطولة منذ تحقيقها اللقب الخامس في عام 2002، وكانت الخيبات المتتالية منذ ذلك الحين مؤشرات مؤلمة على تراجعها.

أقسى تلك اللحظات كانت في عام 2014، عندما استضافت البرازيل المونديال وتعرضت لهزيمة مذلة بنتيجة 7-1 أمام ألمانيا في نصف النهائي.

وفي نسخة 2018، أُقصِيَت البرازيل من ربع النهائي على يد بلجيكا، بينما انتهت آمالها في نسخة 2022 على يد كرواتيا بركلات الترجيح في الدور ذاته.

وقال الخبير الكروي تيم فيكيري:«أي تصدر منذ 2002 ينتهي بمجرد أن يواجه المنتخب البرازيلي فريقاً أوروبياً في الأدوار الإقصائية».

«لقد أصبح الأمر أشبه بلعنة يريدون كسرها، وهو سبب آخر جعلهم يختارون هذه المرة مدرباً أوروبياً..الرسالة واضحة: إذا أردنا هزيمتهم في المرة القادمة، نحتاج إلى شخص يعرفهم جيداً. بحسب فيكيري في حديثه مع بي بي سبورتس.

تثير مجموعة البرازيل الحالية في تصفيات كأس العالم القلق.

وفي حين أن المنتخب يُتوقع أن يتأهل بسهولة، إلا أن سلسلة من النتائج السيئة أبرزها الهزيمة المُذلة بنتيجة 4-1 أمام الأرجنتين، دفعت المسؤولين للبحث عن إجابات عاجلة.

شهدت السنوات الأخيرة تغييرات متكررة في الجهاز الفني، وسط مطالب متزايدة بتشكيل فريق قادر على الفوز.

تيتي، الذي نال احترام الجماهير لإعادته النظام والكرامة للمنتخب، استقال كما كان مخططاً بعد مونديال قطر 2022.

تفعيل مشروع أنشيلوتي

على مدار أكثر من قرن من كرة القدم الدولية، تجنب الاتحاد البرازيلي لكرة القدم إلى حد كبير تعيين مدربين أجانب لتولي قيادة المنتخب الأول.

فقط ثلاثة مدربين غير برازيليين قادوا المنتخب في تاريخه، وجميعهم أشرفوا على الفريق في 7 مباريات فقط.

كان الأوروجوياني رامون بلاتيرو أولهم عام 1925 وقاد المنتخب في 4 مباريات، تلاه البرتغالي خوركا في مباراتين عام 1944، ثم الأرجنتيني فيلبو نونيز الذي تولى مباراة واحدة فقط عام 1965، ليكون آخر مدرب أجنبي قبل كارلو أنشيلوتي.

وشهدت الدوري البرازيلي (سيري آ) قصة مشابهة.

إذ ظل الاعتقاد السائد أن فقط المدرب البرازيلي يمكنه أن يفهم حقاً روح الكرة هناك، وما تعنيه ممارسة اللعبة في هذا البلد الفريد كروياً.

لكن هذا المفهوم بدأ يتغير بعد تعيين المدرب البرتغالي جورجي جيسوس، الذي ارتبط اسمه مؤخراً بالمنتخب، حين تولى قيادة فريق فلامنغو عام 2019.

ووسط الشكوك في البداية حول إمكانية نجاح المدرسة الأوروبية البراغماتية في البرازيل، قاد جيسوس فلامنغو إلى لقب الدوري وكأس ليبرتادوريس، في واحد من أفضل مواسم النادي عبر تاريخه.

وحقق الفريق تحت قيادته الفوز في 43 مباراة من أصل 57 قبل أن يغادر في يوليو 2020.

ومنذ ذلك الحين، شهدت البرازيل تحولاً داخلياً في قبول المدربين الأجانب، وبدأ هذا التوجّه ينعكس الآن على المستوى الدولي.

أما المدرب الأحدث للمنتخب، دوريفال جونيور، فقد أُقيل بعد الهزيمة الكارثية أمام الأرجنتين.

وقد دفع ذلك الاتحاد البرازيلي لكرة القدم لتفعيل خطة جريئة تستهدف إعادة السامبا لعرشها وهي: مشروع أنشيلوتي.

ومن المقرر أن يبدأ هذا المشروع رسمياً في 26 مايو، مع انتهاء فترة أنشيلوتي التدريبية مع ريال مدريد، حيث من المتوقع أن يخلفه تشابي ألونسو.

وسيكون أنشيلوتي أول مدرب أوروبي كبير حقاً يقود المنتخب البرازيلي، مع سجل حافل من البطولات، أبرزها 5 ألقاب لدوري أبطال أوروبا، ونجاحات محلية في إيطاليا، إنجلترا، فرنسا، إسبانيا، وألمانيا.

أخبار متعلقة :