نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: معمرة يونس.. 257 عامًا من الزيوت المباركة في قلب قوص, اليوم السبت 9 أغسطس 2025 06:03 مساءً إنها ليست مجرد معصرة تُنتج الزيوت. بل متحف حي ينبض بالحياة والتراث. وواحدة من أقدم المعاصر في مصر والعالم العربي. حيث لا تزال تُستخرج الزيوت بنفس الطريقة التي اتبعها الأجداد منذ نحو 257 عامًا هجريًا. عندما أسس الجد الأكبر "زارع" أول حجر في هذا المكان. الزيت.. تراث يُعصر من بذور الأرض يؤكد الحاج محمود يونس زارع. صاحب المعصرة. أن تاريخها يعود إلي عام 1190 هجريًا. أي قبل أكثر من قرنين ونصف. حين كانت مدينة قوص تحتضن 13 معصرة يدوية. تخصصت في إنتاج زيوت الطعام والطبية. وعلي رأسها زيت السمسم والخس. واليوم. لم يبقَ منها إلا "معصرة يونس" التي لا تزال صامدة. تعمل كما كانت: بالعرق والإتقان والتراث. في الداخل. تُنتج المعصرة زيوتًا طبية وعطرية من 33 نوعًا من البذور. أبرزها: حبة البركة. الثوم. الجزر. الخس. الجرجير. اليانسون. البصل. الحلبة. الفجل. القرع. الخردل. وغيرها. كل هذه الزيوت تُعصر يدويًا دون أي تدخل من آلات حديثة. حفاظًا علي الزيوت الطيارة التي تُفقد في وسائل العصر السريعة. زيت حبة البركة.. نفط المعصرة المقدس يوسف يونس. مدير المعصرة. يشرح: "الطلب الأكبر حاليًا علي زيت حبة البركة. بننتج منه حوالي 5 كيلو يوميًا. وبيتسوق بالكامل.. أما باقي الزيوت فبنعصرها حسب الطلب. ومواعيد العصر يوميًا من 8 الصبح لـ10 بس.. ساعتين شغل فيهم بركة سنين." ويُضيف بابتسامة واثقة: "مفيش عندنا تخزين. اللي بنعصره بيتباع في نفس اليوم. واللي بييجي يشتري مرة بيبقي زبون دائم.. السر مش في المنتج بس. السر في الصنعة والنية." رحلة داخل آلة الزمن خالد محمود يونس. أحد أحفاد المؤسسين. يصحبنا في جولة داخل المكان. غرفتان فقط. الأولي تضم حجر الطاحونة الذي يدور بالبقرة. والثانية مخصصة للمكابس وتخزين الزيوت. الجدران مشبعة برائحة الحلبة والثوم واليانسون. والأرضية ملونة بآثار الزيوت المتنوعة. وكأنها سجادة من تراث الزمن. يقول خالد: "الناس بتشتري زيت حبة البركة مش بس عشان فوائده. لكن لأنه جزء من تراثنا.. المكان نفسه بيجمع ناس من كل الفئات. فيه نوستالجيا ودفا مش هتلاقيهم في أي محل عصري." "كل نقطة زيت فيها قصة".. حكاية العامل جمال داخل المعصرة. يقف جمال أبو المجد. أحد أقدم العاملين. وقد قضي أكثر من 32 عامًا في هذا المكان. يقول وهو يضغط بذور اليانسون داخل المكبس: "الشغل هنا صعب لكنه كله بركة.. بنطحن البذور علي المدور. نضيف شوية مية. وبعدها نكبسها ونعبّي الزيت.. كله يدوي.. كله من القلب." ورغم مشقة العمل وقِدم الأدوات. إلا أن جمال لا يري نفسه في مكان آخر: "هنا في ريحة الجدود. ومفيش ماكينة بتعصر الإخلاص." التراث لا يموت.. بل يتوارث رغم أن الإعلام سلّط الضوء علي المعصرة أكثر من مرة. إلا أن العائلة ترفض فكرة التوسع الصناعي أو الاستعانة بآلات حديثة. يقول الحاج محمد يونس: "اللي خلي المكان يعيش مش الإعلام.. التوريث هو السر. كل جيل بيسلم اللي بعده مش بس المهنة. لكن سر المهنة." ويؤكد يوسف: "مش محتاجين دعاية.. اللي يعرفنا بييجي. واللي بيجربنا بيرجع. وده يكفينا." حين تصنع البركة يدويًا "معصرة يونس" ليست مصنعًا بالمعني التقليدي. بل أيقونة تراثية تنبض بالحياة في قلب الصعيد. إنها شهادة حية علي أن الحرف اليدوية لا تزال قادرة علي الصمود. بل وتحقيق النجاح وسط عالم رقمي سريع ومكتظ بالمصانع. في زمن تلهث فيه الآلات خلف الربح. تظل معصرة يونس واقفة كـ"عمود نور" يُضيء ممرًا من الوفاء للماضي. والتمسك بأصالة الحرفة. وكأنها تهمس لنا: "البركة مش في التكنولوجيا.. البركة في النية والصنعة." يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل