اشار وزير المال ياسين جابر الى انه "يؤسفني أن تتسارع التطورات السياسية في لبنان وأنا في الخارج، محكوم بارتباطات مسبقة حالت دون مشاركتي في الجلستين الأخيرتين لمجلس الوزراء، لكن ورغم غيابي عنهما، فإن مواقفي التي يعرفها الجميع واضحة لا لبس فيها، وهي أن حماية أهلنا وشعبنا أساس الأسس، ومن أولوية الأولويات، وأن الوحدة الوطنية المجبولة بالكرامة والسيادة الكاملة التي لا تحتمل أي انتقاص ولو مقدار ذرة واحدة، ثابتة من الثوابت التي ترتقي الى مستوى القدسية.
وخلال رعايته الاحتفال الذي أقامه المجلس القاري الافريقي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم لافتتاح "بيت المغترب اللبناني" في مدينة النبطية والكائن في مبنى بلدية النبطية، قال: "اليوم ومن هنا، من النبطية التي ما زالت تبكي شهداءها وتلملم آثار الدمار الحاقد، أجدد وكوزير في الحكومة، وفي هذا الظرف المصيري الذي ُوضع فيه لبنان على خط فصل تاريخي، أجدد التأكيد على موقفي الثابت منذ اليوم الأول من دخولنا الحكومة، أن أولويتنا بناء الدولة وتقوية مؤسساتها كافة وتفعيل دورها وتعزيزه، وفي مقدمها الجيش اللبناني والقوى العسكرية كافة، وحصرية السلاح بيدها، وهذا ما أكد عليه البيان الوزاري، وهذا أمر متفق عليه. وما نقوم به في وزارة المالية تحديداً، في سائر مديرياتها وكل المرافق التابعة لها في الجمارك والواردات والشؤون العقارية من تحديث وضبط لوقف التهرب وتعزيز الواردات، فإن الغاية منه، تقوية الدولة الضامنة والحاضنة والعادلة… كما وتعزيز سلطتها ورفع مستوى قدراتها العسكرية لتكون السيدة المطلقة على السيادة الوطنية والحامية لجميع أبنائها، ولتكون الجاذبة لمغتربيها ولكل طالب ملاذ استثماري آمن ومنتج، لكن السؤال ولا أقول الخلاف، لكن السؤال المعبّر والذي يحتاج الى الإجابة الواضحة التي نطلبها، هل سيدعنا الآخرون أن نبني الدولة التي بها نطالب ونعمل ونتمسك؟ ، وهل سيوقف المعتدي الإسرائيلي اعتداءاته، وهل من ضمانات بوقف هذه الاعتداءات والزامه بالانسحاب الى حدودنا لينتشر الجيش اللبناني ويبسط سلطته على كامل الحدود المعترف بها دولياً؟، وكما تنص القرارات الدولية؟ وكما المضمون الواضح لاتفاق وقف اطلاق النار؟ ليعود النازحون الى رزقهم وليعيدوا إعمار ما دمرته آلة القتل والتدمير؟".
وتابع: "هذا هو محور النقاش والمشروع الذي يدور اليوم ويتطلب حسمه أجوبة واضحة وصريحة وصادقة وملتزمة عليه، لتكون الدولة التي نسعى بكل الإمكانات لتقويتها، دولة هيبة وقوة وسيادة وبنيان. المسؤولية كبيرة اليوم وأكبر من أي يوم مضى، والمطلوب منا جميعنا كلبنانيين، مواقف صادقة، لا تشاطراً، ونوايا طيبة، وأفعالاً نابعة من إيماننا بالعيش الواحد والمصير الواحد، لأن المركب متى تعرض للغرق يغرق بمن فيه وبمن على متنه، اذ لا أفضلية في النجاة بين درجات تذاكر مقاعده وركابه. من هنا جميعنا مدعوون لتجديد الولاء للبنان وحده، والسعي يداً بيد لبناء هذه الدولة التي نطمح إليها. وعليه نعوّل على ارادة كل المخلصين الذين يريدون لهذا البلد الخير والإستقرار، بأن يجمعوا الشمل ويقدموا المصلحة العليا، وأن نعمل يداً واحدة لنصونها، كي لا تصيبنا المتغيرات التي تحيط بنا بالتشظي لا سمح الله. وهنا اسمحوا لي أن أتوجه بالتحية الى دولة الرئيس نبيه بري مواقفه الثابتة والثاقبة التي خبرها فيه اللبنانيون دائماً في أحلك الظروف، حيث بحق يبدع في المبادرة حيث لا يُقدم الآخرون على المبادرة او ابتداع الحلول، فمنه نتعلم كل يوم دروساً جديدة في الحكمة والوطنية، وفي كل يوم ندرك أبعاد الدور الذي يُثقِل ولا يُثقله لتجنيب لبنان أي انزلاقات".
وأردف: "أحبائي المغتربين، لقد أخذتنا السياسة عن الهدف من احتفالنا اليوم، وأهدافه وجمالية معانيه وأبعاده، افتتاح بيت المغترب اللبناني، فقبل أن يكون للمغترب بيت يحمل اسمه على لوحة معلقة، فإن لكم في كل قلب منا بيوتاً وحدائق وواحات. صحيح أن لاحتفالنا اليوم دلالات عدة، لكن البارز فيها، أنها توثق العرى مع من أسهم في الإبقاء على بعض حياة في اقتصادنا في احلك الظروف التي مررنا ونمر بها، وأعني تدفقات أموالكم، أموال المغتربين، رغم الخسائر التي تعرضوا لها جراء الأزمة المالية، وهم على رغم ذلك لم يُعدموا الثقة بلبنان، إنها محبتكم وتعلقكم بهذا البلد وثقتكم وإيمانكم بأنه سينهض من جديد. اخواني المغتربين لا نريدكم أن تظنوا أننا بتغنينا بثروة مغتربينا أننا ننظر اليكم كصراف آلي يدرّ الأموال من الخارج الى الداخل، قطعاً لا انتم ابناء هذه الارض وجذورها وبراعمها، وأنتم صورة لبنان الجميل الى العالم، وإن كنتم العصب الأسلم والأصلب في اقتصاد لبنان، فلكم في لبنان حقوقكم في استعادة ودائعكم التي تخشون أن تكون قد أضاعت جنى أعمالكم وأعماركم، وهنا عليي أن أطمئنكم، وبصفتي وزيراً للمالية، أننا قد بدأنا وضع القطار على السكة الصحيحة من خلال سلسلة القوانين التي أقرت والتعيينات المصرفية التي تمت، لاستكمال كل خطوات التصحيح والاصلاح المالي والنقدي التي تضمن الحقوق وتعيد الانتظام المالي والنقدي في البلاد. ولأهلي أبناء النبطية، أتوجه اليكم بالتحية على تحديكم آلة الموت، وعلى صمودكم وصبركم، وعلى عزيمتكم بنفض زوبعة الدمار واعادة نبض الحياة الى المدينة وكل المنطقة، وأؤكد أن ملف الاعمار من الأولويات، ومهما اشتد الخناق والتهويل والضغوطات، فسيبقى هذا الملف في سلم الأولوية، وسنخوض معركته لنزيل وبكرامة أي عائق". وقال: "ربما أطلت الكلام، لكن لا بد لي باسمي وباسمكم، كأبناء للنبطية الوفية أن نفي من كان يفترض أن يكون بيننا ويكون راعياً لهذا الإحتفال، معالي وزير الثقافة الصديق غسان سلامة، بأن نوجه له التحية والتقدير والشكر على ما ساهم فيه سابقاً ويسعى للعمل عليه حالياً، حفظاً لتراث هذه المنطقة، فلجهوده تشهد قلعة الشقيف، يوم وضع مخططات لإعادة ترميمها مما ألحقت بها آلة الغضب، ليحمي إرثها وأثرُها منذ زمن التحرير في العام ٢٠٠٠، وما زال، كما وحفظ معالم المدينة الأثرية لتبقى على خارطة السياحة التي هي عصب أساسي في تعزيز الدخل الوطني والناتج المحلي، ولتبقى أيضاً إرثاً مضاءً تراثياً وحضارياً وإنسانياً لنا ولأولادنا. واليوم، ومن المبنى المستحدث للبلدية، علينا في أعناقنا حفظ أمانة الشهداء والمصابين في المبنى الذي استهدف لبلدية المدينة، وأدى الى استشهاد رئيسها وعدد من الأعضاء والعاملين ، من جنود الإنسانية الذين سخّروا أنفسهم للمساعدة وسط حمم النار، ولهم نقول دماؤكم لن تذهب سدى، وإن كانت سيرتكم ستبقى مخلّدة في الوجدان، فهي ستبقى الملهم لكل تضحية، والبرعم الدائم للعطاء، وكتاباً في مدرسة الوطنية ينهل منه كل شريف".
واردف "اتوجه من النبطية المدينة الصامدة الصابرة بأحر التعازي الى الجيش قيادة وضباطاً وأفرادا، والى ذويهم، وأقول لهم لقد خسرنا معاً أبناء أعزاء، ورجالاً نعوّل على مؤسستهم دوراً يحمي ليس الجنوب وأهله وحسب، وانما كل لبنان من أقصاه الى أقصاه، يحفظ حدوده ويبسط السيادة التي ننشدها كاملة، ويصون كرامة أبنائه، وهو ما دفع الجنوبيون على مدى تاريخهم في الماضي البعيد والقريب إلى أن ييبذلوا في سبيلها أرواحاً وأرزاقاً في مواجهة المحتل الاسرائيلي الذي عاث في أرضهم كل انواع الإنتهاك للسيادة الوطنية والمواثيق الدولية وقراراتها الأممية".
أخبار متعلقة :