نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بوليصات تغطّي الهلوسة.. التأمين يدخل عصر الذكاء الاصطناعي, اليوم الأحد 18 مايو 2025 05:15 مساءً
وبحسب تقرير أعدته "فايننشال تايمز"، واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فقد أطلقت شركات التأمين في سوق "لويدز لندن"، وهي سوق عالمية للتأمين وإعادة التأمين، نوعاً جديداً من بوليصات التأمين لتغطية الخسائر التي تتكبدها الشركات بسبب خلل أحدثته أدوات الذكاء الاصطناعي.
وستُغطي بوليصات التأمين هذه التي طورتها شركة "Armilla" المتخصصة في تقييم مخاطر الذكاء الاصطناعي وتسهيل التأمين عليها، تكاليف الدعاوى القضائية التي يمكن أن تواجهها الشركات المؤمّنة في حال واجهت دعوى قضائية، رفعها عميل أو أي طرف تضرر من خطأ ارتكبه الذكاء الاصطناعي، حيث سيتم الاكتتاب في هذا النوع من بوليصات التأمين، من قِبل العديد من شركات التأمين في سوق "لويدز لندن".
تأمين مشروط
ووفقاً لوثيقة صادرة عن شركة Armilla، فإن البوليصة التأمينية الجديدة لن تشمل جميع نماذج الذكاء الاصطناعي، بل ستغطي فقط النماذج التي تُظهر مستوى عالياً من الدقة في الإجابات، فعلى سبيل المثال، ستكون شركات التأمين ملزمة بدفع تعويضات إذا كان روبوت الذكاء الاصطناعي يقدّم معلومات صحيحة في 95 في المئة من الحالات، ثم انخفضت هذه النسبة إلى 85 في المئة.
وبحسب الرئيس التنفيذي لشركة Armilla، كارثيك راماكريشنان، فإن المنتج التأميني الجديد قد يشكّل دافعاً مهماً للشركات نحو تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، بعد أن كانت المخاوف من تعطل روبوتات الدردشة تحدّ من حماسها لاعتماد هذه الأدوات، في حين أكد توم غراهام، رئيس قسم الشراكة في شركة تشوسر، وهي شركة تأمين تابعة للويدز لندن، أن مجموعته لن توقع بوليصات تأمين تغطي أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتعطل بشكل مفرط.
فجوة التأمين على الذكاء الاصطناعي
وحالياً، تقوم بعض شركات التأمين بتضمين التعويض عن الخسائر الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، ضمن بند الأخطاء التقنية والإغفالات في بعض بوليصات التأمين العامة، ولكن قيمة هذه التغطية غالباً ما تكون محدودة جداً، فعلى سبيل المثال قد تغطي إحدى البوليصات خسائر تصل إلى 5 ملايين دولار، لكنها تضع حداً أدنى قدره 25 ألف دولار فقط للتعويض عن الأضرار المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وهذه الفجوة تسعى إلى تصحيحها، البوليصات الجديدة المخصصة لتغطية الخسائر الناتجة عن أخطاء الذكاء الاصطناعي.
زلاّت تثير القلق
وفي السنوات الأخيرة، تسارعت وتيرة اعتماد الشركات على أدوات وبرامج الذكاء الاصطناعي، سعياً لرفع الكفاءة وتحسين الأداء، إلا أن بعض هذه الأدوات، مثل روبوتات خدمة العملاء، تسببت في أخطاء محرجة ومكلفة، إذ غالباً ما تعود هذه الأخطاء إلى ما يُعرف بـ"هلوسة" نماذج اللغة، حيث تختلق أنظمة الذكاء الاصطناعي معلومات غير دقيقة نتيجة خلل في بنيتها أو تدريبها.
وفي يناير 2025، اضطرت شركة Virgin Money إلى تقديم اعتذار رسمي لأحد عملائها، بعدما وبّخه روبوت الدردشة الخاص بالشركة، والمدعوم بالذكاء الاصطناعي لاستخدامه كلمة "عذراء"، حيث أساء الروبوت تفسير الكلمة. وفي حادثة مشابهة، أوقفت شركة DPD للبريد السريع جزءاً من روبوت خدمة العملاء التابع لها العام الماضي، بعدما بدأ بشتم المستخدمين ووصف الشركة بأنها "الأسوأ في مجال خدمات التوصيل".
أما شركة Air Canada، فقد تم إلزامها العام الماضي بقرار قضائي يقضي بتنفيذ خصم مالي، كان قد وعد به روبوت الدردشة التابع لها، رغم أنه اختلقه من تلقاء نفسه.
باب جديد للتأمين
يقول المستشار في شؤون المصارف والتأمين جان خوري في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن "هلوسات" الذكاء الاصطناعي تفتح فعلاً باباً جديداً ومثيراً في عالم التأمين، ليس فقط كسوق محتملة، بل كسوق ناشئة قيد التشكل بالفعل، فما نشهده اليوم هو استجابة مباشرة من قطاع التأمين لحاجة ملحة تتعلق بمخاطر الذكاء الاصطناعي التوليدي، خصوصاً في التطبيقات التجارية مثل روبوتات الدردشة وخدمات الدعم الآلي، وهذا التوجّه يوفّر مظلة حماية قانونية للشركات، ويشجعها أكثر في الاعتماد على هذه التكنولوجيا في الخدمات اليومية.
ويشرح خوري أن صناعة التأمين بطبيعتها، تتوسع حيثما وُجدت المخاطر التي يمكن قياسها وتحديدها، ومع التطور الهائل في استخدام الذكاء الاصطناعي، ظهرت أخطار جديدة من نوع خاص، مثل المعلومات المختلقة، والردود العدائية، أو حتى القرارات الخاطئة، وهذه الأخطار ليست مجرد خلل تقني، بل مصدر محتمل لخسائر مالية وسمعة تجارية سيئة وقضايا قانونية، لافتاً إلى أن التوقعات تشير إلى قيمة سوق الذكاء الاصطناعي العالمي، ستنمو لتتخطى الـ 400 مليار دولار بحلول 2027، وهذا النمو يعني مزيداً من المخاطر المحتملة.
تغطية تحت شروط صارمة
وبحسب خوري ، فإن شركات التأمين لا تتحمّس عادةً لتغطية منتجات أو تقنيات يصعب قياس مخاطرها بدقة، ولهذا السبب تشترط بوليصات التأمين الجديدة على الذكاء الاصطناعي، أن تقتصر عملية التأمين على النماذج التي أثبتت أداءً عالياً ودقة تتجاوز مستويات معيّنة، مشدداً على أن هذه الشروط الصارمة توفّر إطاراً معيارياً لقبول التغطية التأمينية، وتهدف إلى تقليص احتمالات التعرّض لخسائر غير متوقعة، إذ أن شركات التأمين لا يمكنها المجازفة بتغطية نظام ذكي يفتقر إلى الحد الأدنى من الموثوقية أو يقدم معلومات غير دقيقة وعشوائية.
شركات التأمين أمام اختبار
ووفقاً لخوري فإن البوليصات التأمينية الجديدة ستغطي بشكل أساسي الرسوم القانونية وتكاليف المحاكم، إضافة إلى أي تعويضات مالية تُفرض على شركة ما، نتيجة الأخطاء التي ارتكبها روبوت الذكاء الاصطناعي الخاص بها، معتبراً أن "هلوسات" الذكاء الاصطناعي أصبحت مخاطرة يمكن تسعيرها، في حين أن الرهان الآن هو كيف ستتمكن شركات التأمين من تحويل هذا الخطر إلى فرصة اقتصادية قابلة للاستدامة.
لماذا يهلوس الذكاء الاصطناعي؟
وكانت مستشارة الذكاء الاصطناعي المعتمدة من أوكسفورد هيلدا معلوف، قد كشفت في حديث سابق لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن "هلوسة الذكاء الاصطناعي" ترجع إلى الطريقة التي تعمل بها هذه البرامج، التي لا "تفهم" المعلومات كما يفعل البشر، بل تختار الكلمات أو الإجابات بناءً على ما يبدو لها أنه صحيح، وليس بناءً على ما هو حقيقي فعلاً، وهذه الطبيعة "الاحتمالية" لنماذج الذكاء الاصطناعي ناتجة عن أنماط التدريب التي خضعت لها، لافتة إلى أن ظاهرة "هلوسة الذكاء الاصطناعي" تثير قلقاً كبيراً، ويمكن أن تُؤدي إلى عواقب وخيمة في المجالات عالية المخاطر مثل الرعاية الصحية والقانون والتعليم.
وبحسب معلوف فإن "هلوسة الذكاء الاصطناعي" تحدث لعدة أسباب، منها أن هذه الأنظمة تُدرَّب أحياناً على بيانات غير دقيقة أو متناقضة، كما أنها تعتمد بشكل كبير على "الارتباطات الإحصائية"، أي على الربط بين الكلمات بدلاً من فهم الحقيقة، إضافة إلى ذلك هناك بعض القيود التي يتم وضعها على طريقة عمل برامج الذكاء الاصطناعي، والتي تجعلها أكثر عرضة للأخطاء، مشيرة إلى أنه رغم أن شركات الذكاء الاصطناعي تستخدم تقنيات متقدمة، مثل "التعلم من ملاحظات البشر"، لمحاولة تقليل هذه الأخطاء، إلا أن النتائج لا تكون دائماً مضمونة، في حين أن انعدام قدرة المهندسين على فهم عمليات صنع القرار في برامج الذكاء الاصطناعي، يُعقّد مسار اكتشاف الهلوسة وتصحيحها.
أخبار متعلقة :