اليوم الجديد

لبنان وحماس.. هل بدأت مرحلة تفكيك ترسانة الفصائل المسلحة؟

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لبنان وحماس.. هل بدأت مرحلة تفكيك ترسانة الفصائل المسلحة؟, اليوم الخميس 8 مايو 2025 01:03 صباحاً

هذه الخطوة المفاجئة فتحت الباب أمام قراءات متعددة، بعضها اعتبرها إجراءً أمنياً معزولاً، بينما ذهب البعض الآخر إلى القول إنها ربما تشكل بداية مرحلة جديدة من التعامل مع ملف السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، لا سيما مع ما بدا أنه تنسيق غير مسبوق بين مؤسسات الدولة اللبنانية والحركة.

لكن السؤال الأعمق يبقى: هل تتجه الدولة اللبنانية فعلاً نحو فرض سيادتها الأمنية على المخيمات؟ وهل ما جرى هو مقدمة لتفكيك تدريجي لترسانة الفصائل الفلسطينية، أم مجرد تسوية مؤقتة فرضتها الحسابات الضيقة؟

ملامح تحول أمني.. فرضته الضرورة؟

الخطوة التي أقدمت عليها "حماس" لم تأتِ في فراغ، بل في سياق سياسي وأمني متقلب. فبعد اجتماع المجلس الأعلى للدفاع في لبنان قبل أيام، وصدور تحذير مباشر للحركة، كُلِّف مجلس الوزراء بإبلاغ "حماس" رسالة واضحة مفادها أن "لبنان لن يتحمل مغامرات عسكرية تنطلق من أراضيه".

الحركة استجابت، وأعلنت التزامها بعدم إطلاق صواريخ من الداخل اللبناني، وأكدت احترامها للسيادة اللبنانية. وبعيداً عن التصريحات، ترجمت "حماس" موقفها على الأرض بتسليم عناصرها المشتبه بهم، بعدما كان الجيش اللبناني قد أوقف اثنين من المشاركين، وتوصل من خلال التحقيقات إلى تحديد هوية 9 آخرين ينتمون للحركة.

في تصريحات لافتة أدلى بها خلال مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، شدد الخبير العسكري والاستراتيجي خليل الحلو على أن ما يحدث اليوم هو نتيجة تغيرات جوهرية في توازن القوى داخل لبنان.

وقال: "حماس كانت في السابق تستفيد من علاقة قوية ومباشرة مع حزب الله، وهو ما منحها نوعاً من الغطاء والتسهيلات داخل المخيمات. ولكن اليوم، حزب الله لم يعد كما كان... انشغل بنفسه، وضعف تأثيره على بعض الأجهزة، وتغيرت المعادلة".

ويرى الحلو أن الدولة اللبنانية، وللمرة الأولى منذ سنوات، استطاعت أن تُوحد موقفها تجاه هذا الملف المعقد، مستفيدة من التنسيق الوثيق بين الجيش، الأمن العام، شعبة المعلومات ومديرية المخابرات.

ويتابع: "سابقاً، لم تكن حماس تتعاون بالشكل المطلوب، لا بل كانت تتجاهل أحياناً الإجراءات الرسمية. أما اليوم، فقد فهمت أن البيئة تغيرت، وأن الدولة اللبنانية جادة في ضبط الأمن، وأن المجتمع الدولي يراقب، وأن أي تصعيد قد يكلّفها الكثير داخلياً وخارجيا".

هل نزع السلاح وارد فعلاً؟

رغم أهمية الخطوة الرمزية المتمثلة في تسليم العناصر، فإن الحديث عن "نزع سلاح الفصائل" لا يزال مبكراً، وربما سابقاً لأوانه. فالمخيمات الفلسطينية، وخصوصاً مخيم "عين الحلوة"، ما زالت تضم عشرات التنظيمات والكتائب، وتخضع لتوازنات داخلية شديدة التعقيد، تتداخل فيها المرجعيات السياسية والإيديولوجية والعسكرية.

الحلو يقرّ بذلك، لكنه يصر على أن ما يحدث هو بداية مسار، لا لحظة عابرة. "صحيح أن الترسانة لا تُفكك بين ليلة وضحاها، لكن الدولة باتت تمتلك زمام المبادرة في الملف الأمني، وهذا تحول جوهري لم يكن قائماً قبل عام واحد".

وبحسب الحلو، فإن ما يميز الوضع الراهن هو أن هذه الإجراءات "تنتزع الذرائع من يد إسرائيل، التي لطالما استخدمت إطلاق الصواريخ من الجنوب لتبرير بقائها في النقاط الحدودية الخمس المحتلة".

وبالتالي، فإن مصلحة لبنان الاستراتيجية تقتضي الاستمرار في ضبط المخيمات، لا فقط لحماية أمنه الداخلي، بل أيضاً لتحصين موقفه السياسي في مواجهة الضغوط الخارجية.

هل تفتح حماس الباب لباقي الفصائل؟

بينما تراقب الفصائل الأخرى الخطوة التي أقدمت عليها "حماس"، يبقى السؤال مطروحاً: هل تكرّ السبحة؟ وهل تفتح هذه الحادثة الباب أمام تسوية أوسع، تشمل مختلف الفصائل داخل المخيمات؟

الواقع أن ما جرى يمثل اختباراً مزدوجاً، لحماس أولاً، التي أمام فرصة لإعادة التموضع كفصيل سياسي يحترم قواعد السيادة اللبنانية، وللدولة ثانياً، التي تواجه امتحان قدرتها على فرض القانون على كامل أراضيها، من دون استثناء المخيمات.

وما بين التسوية المؤقتة والتفكيك التدريجي، يبدو أن لبنان قد دخل مرحلة جديدة في مقاربة أحد أكثر الملفات حساسية وتعقيداً في تاريخه الحديث... فهل تستمر هذه الدينامية؟ أم أن التوازنات الإقليمية ستعيد تشكيل المشهد من جديد؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة.

أخبار متعلقة :