تتعرض حياة 50 ألف سيدة حامل ومرضعة للخطر وسط انهيار عمل مختبرات وبنوك الدم في غزة، فيما يمنع الاحتلال أكثر من 12 ألف مريض سرطان من تلقي العلاج ما يؤدي إلى وفاة 5 منهم يومياً إلى جانب استشهاد عدد كبير من مرضى غسيل الكلى بسبب عدم توفر العلاج اللازم لهم وتقليص جلسات غسيل الكلى نظرا لشح الإمكانيات.
وقال الناطق باسم مستشفى شهداء الأقصى خليل الدقران، إن الاحتلال ماض في سياسة استهداف المنظومة الصحية التي باتت على شفا حافة الانهيار بعد خروج أكثر من 23 مستشفى عن الخدمة وعمل باقي المشافي بشكل جزئي في ظل الشح بالأدوية والمستلزمات الطبية والوقود.
وحذر الدقران من تعرض حياة 50 ألف سيدة حامل ومرضعة للخطر نتيجة عدم توفر الغذاء والأدوية المناسبة، وتزايد حالات الإجهاض 6 اضعاف ما قبل الحرب إلى جانب الولادة المبكرة بالوقت الذي تعاني فيه المشافي من امتلاء الحضانات.
في السياق وصفت مديرة وحدة المختبرات وبنوك الدم في قطاع غزة، صوفيا زعرب، واقع مختبرات الدم الحالي بأنه “كارثي جدًا ويفوق الوصف”، مشيرةً إلى أن الاحتلال أحدث دمارًا واسعًا في البنية التحتية الصحية، ما أدى إلى شلل شبه تام لخدمات التحاليل الطبية ونقل الدم.
وحذرت زعرب من توقف عمل المختبرات خلال الأيام القليلة المقبلة في حال استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المستلزمات الطبية والأدوات المخبرية، مؤكدةً أن ذلك سيعني “انهيارًا كاملًا للمنظومة الصحية في غزة”.
وتُعاني المختبرات من نقص حاد في المواد والمحاليل بسبب استئناف حرب الإبادة في مارس الماضي بالتزامن مع الإغلاق الكامل للمعابر، ما منع دخول أي إمدادات ضرورية.
وقالت زعرب، في تصريحات صحفية: إن هذا الوضع يجبر الطواقم الطبية على العمل “بإمكانات قليلة متوفرة” و “في ظروف مستحيلة”، مبينة أن معظم أجهزة المختبرات، خصوصًا أجهزة العدّ الدموي الكامل (CBC)، دُمرت أو أصبحت متهالكة لغياب قطع الغيار.
كما يوجد نقص تام في مستلزمات التحاليل الكيميائية وفحوصات الفيروسات والهرمونات، وجميعها على وشك النفاد، مشيرة إلى توقف مختبر قسم الميكروبيولوجي في مجمع ناصر الطبي بشكل كامل لعدم توفر المواد اللازمة، رغم أهميته البالغة في ظل تزايد الإصابات والجروح.
وبينت زعرب أن بنك الدم في قطاع غزة يحتاج إلى حوالي 400 وحدة دم يوميًا، وهي كمية لا يمكن توفيرها حاليًا بسبب أمراض سوء التغذية المنتشرة بين المواطنين، ما أدى إلى ضعف قدرة المواطنين على التبرع.
وتصف زعرب المتبرعين بأنهم “منهكون جسديًا” ويتم إطلاق مناشدات يومية للتبرع، “ورغم التواصل مع وزارة الصحة في الضفة لتجهيز وحدات دم، إلا أن الاحتلال منع تنسيق دخولها”.
ولفتت إلى أن الفرق الطبية تُجري فحوصات للتأكد من لياقة المتبرعين بدنيًا وصحيًا وخلوهم من الأمراض المزمنة وعدم التبرع خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. ومع ذلك، يعاني العديد من المرضى من ضعف شديد في الدم وانخفاض في نسبة الهيموغلوبين، مع أعراض كالصداع الحاد والدوخة.
وأضافت مديرة وحدة مختبرات الدم، بأن المشكلة لا تقتصر على وحدات الدم نفسها، بل تمتد إلى المستلزمات الأساسية مثل أكياس الدم، وأجهزة فحص تطابق الدم بين المتبرع والمريض، ومواد فحص الفيروسات. شددت زعرب على أنه “إذا لم يتم إدخال هذه المواد فورًا، فلن نتمكن من نقل الدم أو إجراء أي فحص مخبري”.
من أصل 50 مختبرًا طبيًا تابعًا لوزارة الصحة، خرج أكثر من 55% منها عن الخدمة بسبب التدمير المباشر أو الإخلاءات القسرية، مبينة أن ما لا يزيد عن 30% فقط من المختبرات “يعمل حاليًا بكفاءة محدودة”.
وعلى صعيد محافظات قطاع غزة، فصلت زعرب بأنه في محافظة خان يونس، يعمل فقط مختبر مستشفى ناصر الحكومي، بينما أُغلقت باقي المختبرات. وفي المحافظة الوسطى، لا تزال ثلاثة مختبرات تعمل بكفاءة محدودة في مستشفى شهداء الأقصى وبعض مراكز الرعاية الأولية. أما في شمال القطاع، فتبقى مختبرات الشفاء والرنتيسي وبعض المختبرات التابعة للمؤسسات الأهلية والمستشفى الأهلي العربي (المعمداني).
على الرغم من الظروف المستحيلة، تُبذل الفرق الطبية كل ما بوسعها لتأمين الاحتياجات الأساسية. وقد وجهت زعرب نداءً عاجلًا للمجتمع الدولي وكل أحرار العالم بضرورة الضغط على الاحتلال لوقف حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وفتح المعابر الحدودية فورًا لإدخال المساعدات الطبية والمخبرية، بهدف تفادي الخطر الذي يهدد المختبرات وبنوك الدم والمنظومة الصحية برمتها.
انتهى
غزة-تل ابيب/ المشرق نيوز
0 تعليق