شهدت السنوات الخمس الأخيرة، قفزة هائلة في الاعتماد على التكنولوجيا، ما جعلها جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية بدءاً من التواصل والتعليم، وصولاً إلى التسوق وإدارة الأعمال.
أصبحت التجارة الإلكترونية في قلب الحياة اليومية، بعد أن تحولت من رفاهية إلى ضرورة يعتمد عليها الأفراد والشركات على حد سواء.
جاء ذلك نتيجة التطور التكنولوجي السريع، وتغيّر أنماط سلوك المستهلك، إلى جانب التحديات والضغوط الاقتصادية العالمية.
وأصبحت التجارة الإلكترونية من أسرع القطاعات نموًا عالمياً ومحلياً، نتيجة الدمج المتزايد للتكنولوجيا في حياتنا اليومية.
اليوم، يمكن لأي شخص التسوق في أي وقت ومن أي مكان بضغطة زر عبر الهاتف المحمول بدون الحاجة إلى زيارة المتاجر، وإتمام عمليات الشراء في دقائق.
وهذا الأمر لا يقتصر على الأفراد، بل يمتد إلى شركات تعقد صفقات بملايين، بل بمليارات الدولارات عبر الإنترنت في لحظات معدودة.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تضاعف حجم سوق التجارة الإلكترونية ثلاث مرات تقريباً بين عامي 2018 و2021، ليصل إلى 28.5 مليار دولار في 2022 ومن المتوقع أن يواصل هذا النمو حتى عام 2030 وفقًا للتقارير الدولية الرسمية، مدفوعاً بانتشار الهواتف الذكية، وتحسن خدمات الإنترنت، وزيادة الوعي بأهمية التسوق الرقمي، إلى جانب تطور البنية التحتية اللوجستية.
ومع تجاوز نسبة انتشار الهواتف المحمولة 90%، والإنترنت 72%، أصبح الوصول الرقمي في متناول الجميع، وساعدت هذه البنية في توفير تجربة استخدام أكثر سلاسة على المنصات الإلكترونية.
أما في مصر، فقد شهد القطاع طفرة حقيقية، ووفقاً لبيانات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فقد تجاوز حجم التجارة الإلكترونية 93 مليار جنيه فى 2021، وارتفع إلى 121 ملياراً في 2022، بنسبة نمو تصل إلى 30%.
وقد قُدر حجم السوق في 2024 بنحو 9.05 مليار دولار أمريكي، مما يعكس الدور المتنامي لهذا القطاع في دعم الاقتصاد، وزيادة الاستثمارات والصادرات. كما أتاحت التجارة الإلكترونية للشركات المصرية الوصول إلى الأسواق العالمية بسرعة وسهولة، ما يفتح آفاقاً كبيرة للنمو على المستويين المحلى والدولي.
وفقاً لأحدث الإحصائيات الصادرة عن Statista، من المتوقع أن يصل حجم السوق إلى 9.7 مليار دولار أمريكي بنهاية 2025، مقارنة ب 4.9 مليار فقط في 2021، مع توقعات بأن يتضاعف حجم السوق إلى 18.04 مليار بحلول 2029، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.80 %.
ساعدت عدة عوامل في هذا النمو، منها ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت، وتحسن البنية التحتية الرقمية، وزيادة الوعي بالشراء الإلكتروني. واليوم، تُعد مصر من أكبر دول المنطقة من حيث عدد مستخدمي الإنترنت، ومن المتوقع أن يصل عددهم إلى 53.5 مليون شخص بحلول 2029، 8 % منهم يستخدمونه بشكل يومي.
وقد شكلت أيضاً جائحة كورونا نقطة تحول حاسمة، إذ دفعت المستهلكين نحو التسوق عبر الإنترنت، وشجعت الشركات العالمية على التوسع في السوق المصري، كما ساهمت الأزمات الاقتصادية العالمية في تعزيز نمو القطاع، إذ بات المستهلكون يتجهون إلى التسوق عبر الإنترنت بدلاً من الشراء من المتاجر التقليدية، لما يوفره من القدرة على مقارنة الأسعار وتوفير الوقت والمال.
كما أن تطور المدفوعات الرقمية وظهور شركات التكنولوجيا المالية، إلى جانب جهود الدولة في تعزيز الشمول المالي، أتاح للمستهلك خيارات دفع متعددة لم تكن متاحة من قبل.
لم يعد المستهلك بحاجة إلى استخدام بطاقات بنكية فقط، بل يمكنه الدفع من خلال المحافظ الإلكترونية، أو أنظمة “اشتر الآن وادفع لاحقًا” (BNPL)، أو أنظمة التقسيط، هذا قلل من الاعتماد على الكاش، الذي كان يمثل أحد أكبر تحديات القطاع.
وشهدت خدمات الشحن والتوصيل أيضاً تحسناً ملحوظاً، مع دخول لاعبين جدد وتطور البنية اللوجيستية، بالتوازي مع الانتشار الواسع للهواتف الذكية والإنترنت، خاصة بين الشباب تحت سن الثلاثين الذين يُشكّلون أكثر من 60% من سكان مصر.
هذه الفئة تُعد المحرك الأساسي لنمو التجارة الإلكترونية، بما تمتلكه من وعي رقمي عالي وتفاعل مع المنصات الحديثة.
وقد أدى ارتفاع تكاليف الاستيراد إلى زيادة الاعتماد على الصناعة المحلية، وظهور علامات تجارية جديدة في مختلف القطاعات، خاصة في قطاع الموضة، تحت شعار “صُنع في مصر”.
وبدأت هذه العلامات مسيرتها مباشرة عبر الإنترنت، مدعومة بحملات وطنية تشجع على المنتج المحلي، مما ساهم في تحسين توافر المنتجات وزيادة قاعدة العملاء وتسريع سلاسل الإمداد وزيادة التنافسية.
هذا إلى جانب أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دوراً جوهرياً في هذا النمو، حيث يساهم بعضها، مثل «فيس بوك» و«واتساب» في تحقيق أكثر من 20% من الإيرادات لبعض المشروعات الصغيرة، وتستخدمها نسبة كبيرة من أصحاب الأعمال كأداة تسويق رئيسية.
ووفقاً للتقارير، من المتوقع أن تشهد التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يُعرف بـ”الـSocial Commerce” نموًا متسارعًا، ومن المتوقع أن تتجاوز قيمتها 5 مليارات دولار أمريكي في مصر خلال السنوات الأربع القادمة، أي بحلول 2029.
في هذا السياق، كنا في ديفاكتو من أوائل الشركات التي تبنت هذا التحول، وأصبحنا لاعباً أساسياً في السوق، وحرصنا على تطوير منصاتنا الإلكترونية لتتناسب مع احتياجات المستهلك.
فمن خلال موقعنا الإلكتروني وتطبيق الهاتف المحمول، نقدم تجربة تسوق مريحة وآمنة لعملائنا في مصر، بالإضافة إلى تقديم عروض وخصومات حصرية، وخاصية تتبع الطلبات، ومزايا مثل “Click & Collect” التي تتيح للعملاء شراء المنتجات أونلاين واستلامها من الفرع في الوقت المناسب لهم، الدفع عند الاستلام، مع إمكانية استبدال المنتجات في المتجر.
وشملت استثماراتنا في التكنولوجيا تحسينات متكاملة داخل الفروع، منها شاشات رقمية، وأنظمة دفع ذاتي، وإدارة رقمية للمخزون، إلى جانب سياسة استرجاع مرنة وخدمة الشحن المجاني عند حد معين للطلب.
ومؤخراً، أضفنا خاصية “الدفع في المتجر” (Pay at Store – PAS)، التي تمثل نقلة نوعية في دمج الرقمنة داخل الفروع.
تتيح هذه الخاصية للعملاء طلب أي منتج غير متوفر في المتجر – سواء من حيث المقاس أو اللون أو الموديل – ليتم توصيله مباشرة إلى منازلهم، مما يجمع بين مزايا التسوق الرقمي والتجربة الفعلية داخل المتجر، ويمنح العملاء تجربة مرنة وسلسة تعتمد على أحدث حلول التكنولوجيا في قطاع التجزئة.
هذا التوجه ليس فقط استجابةً للطلب الحالي، بل هو جزء من استراتيجيتنا طويلة المدى لتعزيز تجربة التسوق الرقمي في مصر.
من المؤشرات المبشرة أيضاً دخول الذكاء الاصطناعي إلى ساحة التجارة الإلكترونية، وهو ما سيحدث نقلة نوعية في تجربة التسوق، حيث يتيح للشركات تقديم عروض وتجارب تسوق مخصصة بناءً على تحليل البيانات وسلوك المستخدم وفهم تفضيلات العملاء، ما يجعل تجربة التسوق أكثر دقة.
فاليوم، أصبح المستهلك المصري أكثر وعيًا وثقة بالتسوق عبر الإنترنت، بفضل سياسات الأمان التي تطبقها الشركات.
ومع دخول تقنيات مثل الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) إلى المشهد، يتوقع أن تتحول تجربة التسوق الرقمي إلى تجربة تفاعلية بالكامل، تتيح للمستخدم تجربة المنتجات افتراضياً قبل شرائها، مما يعزز من ثقة المستهلك ويقلل من معدلات الإرجاع.
كذلك، من المتوقع أن تلعب تقنيات التحليلات التنبؤية دوراً محورياً في تحسين إدارة المخزون وتخصيص العروض. هذه التطورات ستعيد تعريف تجربة التسوق وستفتح آفاقاً جديدة للابتكار والنمو في السوق المصري.
ورغم هذا النمو، لاتزال ثمة تحديات قائمة، مثل ضعف الدعم المؤسسي، صعوبة التعامل مع العملات المتعددة وحلول الدفع المعقدة، صعوبة إصدار الفواتير الرقمية، بالإضافة إلى ضعف الثقة وانخفاض الوعي المالي التي تحد من توسيع نطاق التكنولوجيا المالية، ووجود تهديدات أمنية مثل الهجمات السيبرانية التي قد تسبب خسائر ضخمة. كما أن الدفع النقدي “الكاش” لايزال يمثل نحو 80 % من المعاملات، مما يشير إلى أهمية تعزيز الثقة في المدفوعات الإلكترونية.
ورغم هذه التحديات، بدأت الدولة المصرية في اتخاذ خطوات ملموسة لتهيئة بيئة رقمية متكاملة تدعم التجارة الإلكترونية وتسهم في نموها المستدام لأهميتها في دفع عجلة الاقتصاد، عبر إطلاق مبادرات مثل “مستقبلنا رقمي”، وتحسين البنية التحتية، وتنظيم السوق لحماية حقوق المستهلك، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من دخول العالم الرقمي.
ومع تسارع هذا النمو، تملك مصر فرصة حقيقية لتقود مستقبل التجارة الإلكترونية في المنطقة. وهنا نعود للسؤال: كيف يمكن لمصر أن تستثمر هذا النمو لتصبح مركزاً إقليمياً للتجارة الرقمية؟.
في ديفاكتو، نؤمن بأن المستقبل يُبنى اليوم، وأن الابتكار ليس خياراً بل التزام، لذلك نحن ملتزمون بأن نكون في طليعة هذا التحول، نُعيد تعريف تجربة التسوق لتلبي تطلعات الجيل الجديد من المستهلكين ونُسهم في بناء اقتصاد رقمي تنافسي يعكس طموحات الدولة المصرية.
0 تعليق