أكد قائد “أنصار الله” السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أن العدو الإسرائيلي مستمر منذ أكثر من عشرين شهراً، وتحديداً لأكثر من 600 يوم، في حرب إبادة متواصلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مشددًا على أن مأساة هذا الشعب ممتدة منذ 77 عامًا، ولا ينبغي اختزالها في أسبوع أو مناسبة واحدة.
وأشار السيد الحوثي في كلمة متلفزة حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية، إلى أن واحدة من المآسي المتكررة التي يعيشها الشعب الفلسطيني تمثلت في استهداف العدو لأطفال الطبيبة الفلسطينية التسعة، مضيفًا أن العدو يتعمد قصف النازحين في ساعات الليل المتأخرة، ويستهدف الأطفال بشكل مباشر انطلاقًا من عقيدته العدوانية.
وأوضح أن العقلية اليهودية الصهيونية تعاني مشكلة وجودية مع الشعب الفلسطيني على أرضه، وتسعى للتخلص منه بالكامل، مؤكدًا أن آلاف الأطفال مهددون بالموت جوعًا في غزة، في ظل وفيات يومية نتيجة التجويع وسوء التغذية، واصفًا خطة توزيع المساعدات التي يعتمدها العدو بأنها “أسلوب مخادع ومهزلة” تهدف إلى هندسة التجويع.
وأضاف أن العدو الإسرائيلي يسعى لحشر مئات الآلاف من الفلسطينيين في مناطق ضيقة، وإجبارهم على انتظار كميات ضئيلة جدًا من الطعام، وفق آلية توزيع إجرامية، بينما يمنع في الوقت نفسه دخول آلاف الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية، والتي ينتهي بها الأمر إلى التعفن.
واعتبر السيد الحوثي أن هذه الآلية في توزيع المساعدات تمثل مهزلة مرفوضة دوليًا، ولا يمكن لأي طرف أن يقبل بها، محذّرًا من أن موافقة أي جهة دولية، سواء الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات، تعني عمليًا القبول بانتهاك المواثيق الدولية وحقوق الإنسان.
ووصف مساعي العدو للسيطرة على توزيع الغذاء بأنها “جريمة ضد الإنسانية”، مشيرًا إلى أن العدو يواصل استهداف القطاع الصحي إلى جانب القتل والتجويع، ضمن مخطط متكامل يهدف إلى تهجير السكان من غزة واحتلالها بالكامل.
وفي ما يتعلق بالضفة الغربية، شدد السيد الحوثي على أن العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته بجميع أشكالها، حيث أعلن عن خطط لإنشاء عدد كبير من المغتصبات، بهدف تعزيز سيطرته على الضفة، بالتوازي مع أعمال القتل والاختطاف والنهب التي تمارسها قوات الاحتلال والمستوطنون.
ولفت إلى أن المغتصبين الصهاينة يهاجمون منازل العائلات الفلسطينية ويشعلون النار فيها، كما يحرقون المحاصيل الزراعية، في سياق سياسة ممنهجة لإرهاب السكان الفلسطينيين ودفعهم إلى الرحيل، مشيرًا إلى أن كل هذه الممارسات تؤكد أن الاحتلال يواصل جرائمه بحق الشعب الفلسطيني بكافة الأشكال.
وحول ذكرى احتلال القدس، وصف السيد الحوثي هذه المناسبة بأنها من أسوأ الذكريات في تاريخ الأمة الإسلامية، معتبرًا أنه كان من المفترض أن تدفع هذه الذكرى الأمة إلى مراجعة مسؤولياتها تجاه مقدساتها، خصوصًا في ظل تزايد المخاطر التي تتهدد المسجد الأقصى.
وأوضح أن العدو الإسرائيلي لا يخفي نيته في تدمير المسجد الأقصى، بل يعلن ذلك صراحة، ويخطو خطوات واضحة في هذا الاتجاه من خلال الاقتحامات المتصاعدة، والحفريات والأنفاق التي تتم بشكل مدروس تحت وحول المسجد.
وأشار إلى أن عدد الأنفاق والحفريات التي نفذها العدو في محيط الأقصى بلغ 27، ما أدى إلى جعل السور الجنوبي للمسجد معلقًا دون أساسات داعمة، محذّرًا من أن العمل في هذه الأنفاق بدأ منذ عام 2005، وتم تدشينه رسميًا قبل ست سنوات بمشاركة السفير الأميركي آنذاك.
وأكد أن ما يجري من استهداف للأقصى ليس ردّ فعل على “طوفان الأقصى”، بل هو امتداد لمسار طويل من التهويد، يشمل اقتحامات يومية متصاعدة تهدف إلى طمس هوية المسجد الإسلامية، وتحويله إلى مَعْلم يهودي.
وانتقد السيد الحوثي صمت المسلمين تجاه ما يجري في القدس، معتبرًا أنه في مقابل هذا الصمت، نفذ الصهاينة أكبر موجات اقتحام للمسجد الأقصى شارك فيها الآلاف، ورافقها أداء طقوس تلمودية تؤكد النية على التهويد الكامل.
واعتبر أن الميل نحو الصهاينة والولاء لهم من قبل بعض العرب يمثل حالة مرضية وإفلاسًا أخلاقيًا وفطريًا، مشددًا على أن من الخلل في سلامة الفطرة أن يتقرب الإنسان إلى كيان يُظهر كل هذا الحقد والإجرام.
وشدد على أن اليهود الصهاينة أعداء لكل العرب والمسلمين، وليس فقط لإيران، مذكّرًا بشعاراتهم الداعية إلى “الموت للعرب” التي يُرددونها منذ عقود، والتي تؤكد طبيعة عدائهم الشامل.
ولفت إلى أن أبواق الصهيونية في المجتمعات العربية، وبعض وسائل الإعلام التابعة لها، تحاول تصوير الصراع على أنه إيراني-إسرائيلي فقط، بينما يكشف الواقع في فلسطين كذب هذه الدعاية.
وأكد أن اليهود يهتفون بشعارات مهينة بحق الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويعتدون على المساجد بحرقها وكتابة عبارات مسيئة على جدرانها، ويحرقون المصاحف، في سياق عدائي شامل ضد الإسلام والمسلمين.
وخلص السيد الحوثي إلى أن ما يقوم به العدو يمثل حركة عدائية يجب أن تستفز المسلمين، وتدفعهم إلى اتخاذ موقف بمستوى الحدث، مؤكدًا أن العدو الإسرائيلي لا يحترم العرب ولا المسلمين، بل لا يعترف بهم ككائنات بشرية، حيث تعتبرهم العقيدة اليهودية الصهيونية “أغياراً” لا قيمة لهم، بل أقل من الحيوانات.
وشدد على أن الإسلام يمثل قيم الخير والعدالة والأخلاق الفطرية والإنسانية، وأن الصهاينة هم أعداء لهذه القيم، مما يستوجب من الأمة موقفًا حازمًا وواضحًا تجاه هذا العدو.
الصمود الفلسطيني أعاق تنفيذ المخططات الصهيونية.. ودور المسلمين لا يزال دون المستوى المطلوب
أكد قائد “أنصار الله” السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن الكيان الصهيوني يمثل حالة شر مطلقة في أفكاره وسلوكياته وممارساته، موضحاً أن ما يجري في قطاع غزة يعبّر بوضوح عن هذه الحالة الظلامية، التي تجاوزت كل القيم الإنسانية.
وقال السيد الحوثي، في كلمة تناول فيها مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية، إن “اليهود الصهاينة ظهروا أمام العالم كجهة شريرة، حاقدة، فاسدة، لا تقيم وزناً لأي من القيم المتعارف عليها دولياً”، مشيراً إلى أن “كل شعوب العالم تهتف اليوم بوقف الإبادة الجماعية في غزة، في حين يواصل الصهاينة تجاهل تلك الدعوات”.
وانتقد السيد الحوثي ما وصفه بـ”العار الذي يلاحق المسلمين عندما يفقدون غيرتهم على دينهم ومقدساتهم”، مضيفاً أن “الصهاينة يشكلون خطراً وجودياً على الأمة الإسلامية وثرواتها وأوطانها، وأن مخططاتهم واضحة للعيان”.
ووصف الحالة التي وصلت إليها الأمة الإسلامية بأنها “متدنية ومؤسفة، وتشكّل مطمعاً للأعداء”، محذّراً من أن واقع المسلمين اليوم “يفوق في خطورته حتى حال المشركين الأوائل، الذين لم يبلغوا هذا المستوى من الاستهتار بما يقدّسونه”.
وتساءل السيد الحوثي مستنكراً: “كيف يصل حال الأمة إلى هذا الجمود، فلا تتحرك حتى مثقال ذرة من السخط تجاه الإساءة إلى رسول الله وإلى القرآن الكريم؟”، مشيراً إلى أن “الحرب الناعمة التي تستهدف فكر الأمة وثقافتها وأخلاقها تهيّئها لتكون خاضعة بالكامل للأعداء”.
ولفت إلى أن “الحرب الناعمة أوصلت الأمة إلى وضع تكون فيه الإبادة والسيطرة التامة من قبل الأعداء أمراً سهلاً”، موضحاً أن “العدو الإسرائيلي يخطط لهدم تاريخ المسلمين وحاضرهم ومستقبلهم من خلال الحفريات والأنفاق تحت المسجد الأقصى وفي القدس”.
وشدّد على أنه “لا يجوز لأي مسلم أن يتجاهل ما يحدث في فلسطين، فالمؤامرات الصهيونية تطال الجميع، ولا يستثني العدو أحداً”، محذّراً من أن “ما يُرتكب اليوم بحق أطفال فلسطين يمكن أن يتكرر مع أي شعب مسلم”.
وقال السيد الحوثي إن “المخططات الصهيونية لا تقتصر على القدس، بل تشمل مكة المكرمة والمدينة المنورة ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم”، داعياً المسلمين إلى أن يدركوا “أن آثار ما يجري اليوم ستصل إليهم لا محالة، وأن تجاهل ذلك لا يجدي نفعاً”.
وأشاد بالصمود الفلسطيني في وجه العدوان، معتبراً أنه “العائق الأول أمام استكمال العدو الصهيوني لمخططاته”، موضحاً أن “كتائب القسام نفذت تسع عمليات مهمة ضد توغلات العدو، إلى جانب عمليات لسرايا القدس والفصائل الأخرى التي قصفت المغتصبات والتحشدات العسكرية الصهيونية”.
وأضاف أن “رغم حشد العدو لخمسة ألوية عسكرية بهدف السيطرة الكاملة على القطاع، إلا أن موقفه لا يزال ضعيفاً عسكرياً أمام صمود المجاهدين”، مشيراً إلى أن “العدو يحاول تعويض هزائمه بارتكاب المجازر الجماعية، والتجويع الشديد، واستهداف المستشفيات والنازحين”.
وأكد السيد الحوثي أن “الصمود البطولي للمجاهدين في غزة أمام آلة الحرب الصهيونية، التي تستخدم التغطية النارية من الجو والبر والبحر، يستحق الدعم الكامل من الأمة”، مشيراً إلى أن “لو توفّر الدعم الكافي لهؤلاء المجاهدين لكان الوضع مختلفاً جذرياً”.
وفي السياق، حمّل السيد الحوثي الولايات المتحدة المسؤولية المباشرة في الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، قائلاً إن “الدور الأمريكي شريك كامل في الإجرام الصهيوني، إذ تقدّم واشنطن دعماً عسكرياً ومالياً وإعلامياً وسياسياً مطلقاً، وتستخدم تريليونات العرب لخدمة الصهاينة”.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق