ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية أن الرئيس دونالد ترامب تجاوز صلاحياته الرئاسية عندما شن حربًا تجارية دون الحصول على موافقة من الكونغرس، مشيرةً إلى أنه أعلن حالة طوارئ وطنية لفرض رسوم جمركية طالت معظم دول العالم. وكشفت الوكالة أن ترامب يواجه سبع قضايا على الأقل، تُتهمه بتجاوز نطاق صلاحياته واستخدام سلطات ليست من حقه في ما يتعلق بفرض الرسوم الجمركية. وعقدت هيئة قضائية مكونة من ثلاثة قضاة في “محكمة التجارة الدولية” الأمريكية أولى جلسات الاستماع أمس الثلاثاء في نيويورك، حيث طالبت خمس شركات صغيرة المحكمة بوقف تنفيذ الرسوم الجمركية الشاملة التي أعلنها ترامب في 2 أبريل، والذي أطلق عليه اسم “يوم الاستقلال”. وقد استند ترامب في قراراته إلى “قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية” الصادر عام 1977، وفرض بموجبه رسومًا بنسبة 10% على عدد من الدول، كما فرض معدلات أعلى وصلت إلى أكثر من 50% في صورة رسوم “تبادلية” على الدول التي تصدر إلى الولايات المتحدة أكثر مما تستورد منها. (وقد قام ترامب بتأجيل تطبيق هذه الرسوم المرتفعة لمدة 90 يومًا). وأثرت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في الأسواق العالمية، وأثارت المخاوف من اضطراب حركة التجارة وتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والعالم. وفي هذا السياق، صرّح جيفري شواب، المستشار العام ومدير التشريع بمركز “العدالة والحرية” للمحاماة، بأن الرئيس تجاوز حدود سلطته القانونية. ووصفت الشركات حالة الطوارئ التي أعلنها ترامب بأنها “نتاج خياله الشخصي”، مشيرة إلى أن العجوزات التجارية، التي استمرت لعقود دون أن تُحدث ضررًا اقتصاديًا يُذكر، لا تُعد طارئًا. وقد استشهدت إدارة ترامب بسابقة تعود للرئيس ريتشارد نيكسون، الذي استُخدمت خلالها الرسوم الجمركية بشكل طارئ لمواجهة الأزمة الاقتصادية عام 1971. وقد جذبت المعركة القانونية ضد رسوم ترامب أطرافًا متعددة، إذ توحدت ولايات يقودها حكام ديمقراطيون مع جماعات ليبرالية، من بينها “مركز العدالة والحرية”، وهي منظمة غير ربحية. كما رفعت أكثر من 10 ولايات دعاوى قضائية ضد رسوم ترامب أمام محكمة التجارة في نيويورك، ومن المقرر أن تبدأ جلسة الاستماع في تلك القضية في 21 مايو الجاري. وترى البروفيسورة كاثلين كلاوسن، خبيرة القانون التجاري في كلية القانون بجامعة “جورجتاون”، أن جلسة الاستماع التي عُقدت أمس، بالإضافة إلى الجلسات المقبلة للولايات، من المرجح أن ترسم ملامح المعركة القانونية القادمة بشأن الرسوم الجمركية. وإذا وصلت القضايا إلى المحكمة العليا، بحسب ما يرى خبراء قانونيون، فمن المحتمل أن يستخدم القضاة المبادئ القانونية المحافظة نفسها التي استشهدت بها إدارة الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن لإلغاء الرسوم التي فرضها ترامب خلال ولايته الأولى. وينص الدستور الأمريكي على أن سلطة فرض الضرائب، بما في ذلك الرسوم الجمركية، تعود إلى الكونغرس. ويسعى بعض المشرعين حاليًا إلى استعادة بعض الصلاحيات التي سبق أن فوّضوها للرئاسة. وفي هذا الإطار، قدّم السيناتور الجمهوري عن ولاية “آيوا” شاك جراسلي، والسيناتور الديمقراطية عن ولاية “واشنطن” ماريا كانتويل، مشروع قانون يُلزم الرؤساء بتبرير أي رسوم جمركية جديدة أمام الكونغرس. ومع ذلك، فإن فرص تحوُّل هذا المشروع إلى قانون تظل ضئيلة، نظرًا لاحترام غالبية الجمهوريين لترامب، إضافة إلى حق النقض الذي يتمتع به الرئيس الأمريكي.