أكد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق أن مصر تبنت استراتيجية شاملة لحماية الصحة النباتية، لضمان استدامة الإنتاج الزراعي وحماية الثروة النباتية من المخاطر المتزايدة، وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي.
جاء ذلك في كلمة وزير الزراعة، اليوم، خلال الاجتماع الرفيع المستوى “لدعم الاستراتيجية الإقليمية لمنظمة الأغذية والزراعة بشأن إدارة الآفات والأمراض النباتية العابرة للحدود، المنعقد في مدينة باري الإيطالية، على مدار يومي 12 و13 مايو الحالي، حيث ترأس الاجتماع فرانشيسكو لولوبريجيدا وزير الزراعة الإيطالي، وشو دنيو المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو”، وماوريتسيو رايلي مدير مركز الدراسات الزراعية المتقدمة لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، وعبدالحكيم الواعر المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأدنى لمنظمة “فاو”، فضلا عن مشاركة وزراء الزراعة في بلدان الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، وممثلي الجهات المانحة الدولية والإقليمية.
وأشار الوزير إلى أهمية هذا الاجتماع الدولي الذي يجمع نخبة من المسئولين والخبراء في مجال الزراعة من مختلف الدول؛ بما يمثل فرصة كبيرة لتبادل الرؤى وتعزيز التعاون المشترك من أجل مواجهة التحديات الخطيرة التي تمثلها الآفات والامراض النباتية العابرة للحدود على الأمن الغذائي والتنمية الزراعية في المنطقة.
وقال الوزير إن مصر – كبقية دول المنطقة – تواجه تحديات متزايدة في قطاع الزراعة، ناتجة عن الكثافة السكانية الكبيرة، ومحدودية المساحات الزراعية، بالإضافة إلى محدودية الموارد المائية.. لافتا إلى أنه في ضوء هذه التحديات، أصبح من الضروري اتخاذ خطوات جادة وفعالة لضمان استدامة الإنتاج الزراعي وحماية ثرواتنا النباتية من المخاطر المتزايدة، والعمل على توفير غذاء آمن وكافٍ وعالي الجودة يلبّي احتياجات المواطنين، ويتوافق مع الشروط والمعايير الدولية.
وأضاف أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في مصر، تبنت استراتيجية شاملة لحماية الصحة النباتية تقوم على عدد من المحاور الأساسية، في مقدمتها: التوعية والإرشاد.. مشيرا إلى أنه تم العمل على تعزيز وعي الجهات المعنية من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وتنظيم ورش العمل، والمؤتمرات، والزيارات الميدانية، بالإضافة إلى بناء القدرات المستمرة للعاملين في مجالات الصحة النباتية، بهدف ضمان التنفيذ الفعّال والمستدام للمنظومة.
ولفت وزير الزراعة إلى محور منع انتشار الآفات النباتية، حيث تم وضع مجموعة من الإجراءات الوقائية والدورية، لاسيما تلك المتعلقة بالآفات الخطيرة والمهاجرة مثل: الجراد الصحراوي، ودودة الحشد الخريفية، وسوسة النخيل.. مشيرا إلى نجاح مصر في إدارة هذه التحديات، حيث كانت مثالاً يحتذى به في التصدي لدودة الحشد الخريفية، وهي إحدى الآفات الأكثر تدميرا للمحاصيل الاستراتيجية، وذلك بشهادة منظمة “فاو”.
وأكد فاروق أنه تم تأسيس مناطق زراعية خالية من الآفات، وصيانتها باستمرار، بما يضمن إنتاج محاصيل نظيفة ومتوافقة مع المعايير الدولية، وكذلك مع معايير الاتفاقية الدولية لوقاية النبات، واتفاقية الكوميسا والاتحاد الأفريقي، فضلا عن انضمام مصر إلى الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية “يوبوف”، بهدف تعزيز استخدام الأصناف النباتية الحديثة وعالية الإنتاجية، والمقاومة للظروف المناخية المعاكسة.
وقال إنه فيما يتعلق بتتبع جودة المحاصيل التصديرية ومراقبتها، تم إدخال منظومة تكويد المزارع، وهي خطوة مهمة تتيح ربط المنتج الزراعي بالمزرعة المنتجة، مما يعزز الثقة بالمنتجات المصرية في الأسواق العالمية، حيث تشمل المنظومة حاليا أكثر من 11 محصولا تصديريا من بينها الموالح، والعنب، والفراولة، والمانجو، والبصل، والفول السوداني .. إلخ.
وأضاف أنه تم أيضا تأسيس اللجنة التنسيقية للصحة والصحة النباتية، والتي تضم ممثلين عن مختلف الجهات ذات العلاقة من وزارات وهيئات فنية، حيث تقوم تلك اللجنة بمهام المتابعة والتقييم لأنشطة المنظومة محليا ودوليا، بالإضافة إلى كونها نقطة الاتصال الرسمية لمصر في هذا المجال.. مشيرا إلى تكثيف استخدام الوسائل الحديثة لرصد الآفات، من مصايد ذكية وفحوصات حقلية، وحملات استكشافية منظمة، وكذلك تم اقرار قانون الزراعة العضوية في عام 2020 مع لائحته التنفيذية، الأمر الذي يمثل نقلة نوعية في تنظيم هذا القطاع.
وشدد الوزير على حرص وزارة الزراعة على مواكبة التغيرات المناخية وتداعياتها على صحة النبات، من خلال تطبيق الزراعة الذكية، والزراعة الخضراء، والممارسات الزراعية الجيدة.. لافتا إلى الدور الحيوي للمعاهد البحثية، كمعهد بحوث وقاية النباتات ومعهد أمراض النبات، للتعريف العلمي للافات الحشرية والمرضية، وتقديم حلول فعالة لرصدها ومكافحتها، مع إجراء التحاليل المخبرية اللازمة لضمان منتج آمن وصحي، يلبي متطلبات السوق المحلية والدولية.
وأشار إلى أن وزارة الزراعة تسعى إلى إدارة الآفات ومبيداتها بشكل مستدام يحمي صحة النبات ويحافظ على البيئة، من خلال تطبيق أسس المكافحة المتكاملة، واستخدام المبيدات الكيميائية والبيولوجية الآمنة والمعتمدة، بالإضافة إلى مواصلة تشجيع الاستثمار في البحث العلمي الزراعي والابتكار عبر استنباط أصناف جديدة، وتطوير البنية التحتية للمعامل المرجعية التي أصبحت ركيزة أساسية لتقديم الدعم الفني والعلمي في هذا المجال.
وأوضح وزير الزراعة أن هناك حاجة ملحة لتعزيز التعاون الإقليمي في مواجهة الآفات والأمراض النباتية، فضلا عن ضرورة مراجعة التشريعات الزراعية الحالية بدول المنطقة وتحديثها، بما يتناسب مع التحديات الحديثة، وتوفير غطاء قانوني للحملات الوطنية لمكافحة الآفات الاقتصادية.. مؤكدا أهمية وجود سياسات زراعية شاملة ومدعومة من الحكومات، تشمل تطوير البنية التحتية، وتوفير برامج تدريبية للعاملين في الحجر الزراعي، وتمكينهم بالصلاحيات اللازمة لحماية الأمن الغذائى.
وشدد فاروق على ضرورة الالتزام الصارم بالمعايير الدولية، وعلى رأسها اتفاقية الصحة والصحة النباتية، والاتفاقية الدولية لوقاية النبات، وتطبيقها بشكل عادل ومتوازن دون تعسف، مع تجنب فرض قيود مبالغ فيها تؤثر سلبًا على انسياب التجارة الزراعية.. لافتا إلى أهمية وضع استراتيجيات وطنية لإنتاج شتلات خالية من الآفات، بمشاركة من القطاعين العام والخاص، وتفعيل دور المختبرات الوطنية لتطبيق الإجراءات الصحية، فضلا عن التوسع في إنتاج الشتلات الخالية من الفيروسات ومسببات الأمراض.
ولفت الوزير إلى أهمية تطوير نظم الإدارة المتكاملة للآفات ضمن منظومات المحاصيل، وتوفير دعم مالي من الجهات المانحة لتأمين استدامة هذه الجهود، فضلا عن التوسع في استخدام المكافحة الحيوية والفرمونات، وتطوير نظم إرشاد زراعي حديثة تعتمد على التكنولوجيا الرقمية لتوصيل المعلومات للمزارعين في الوقت المناسب، إضافة إلى دعم البحث التطبيقي لتطويع الممارسات الزراعية بما يتماشى مع التغيرات المناخية، وتطوير أنظمة تنبؤ بالمخاطر النباتية في ظل المناخ المتغير.
جدير بالذكر أن هذا المؤتمر تنظمه منظمة “فاو” بالتعاون مع المركز الدولي للدراسات الزراعية المتقدمة لمنطقة البحر الأبيض المتوسط “سيام”، وذلك في إطار التعاون مع دول إقليم الشرق الأدنى.
0 تعليق