يعتمد الذكاء الاصطناعي على تحليل الأنماط وتوقع الكلمة التالية في سياق النصوص التي تعلّم منها، مما يجعله في كثير من الأحيان يبدو وكأنه "يفهم" المواضيع التي يناقشها. لكن في الحقيقة، ما يقوم به ليس إلا تخميناً مبنياً على بيانات ضخمة، تماماً كما قد يخمن طالب غير مستعد تواريخ الأحداث التاريخية في امتحان. تعمل نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) مثل ChatGPT على تقسيم النصوص إلى وحدات صغيرة تعرف بالرموز، ثم تقوم بربط هذه الرموز في شبكة عصبية ضخمة تتعلم بمرور الوقت تقليل الأخطاء وتوقع التسلسل الصحيح للكلمات. ورغم ذلك، فإن هذا التعلم لا يعني "فهمًا" حقيقياً للمعنى، وإنما قدرة على توقع ما يمكن أن يأتي بعد ذلك بناءً على الأنماط السابقة. لكن لماذا تخطئ هذه النماذج أحياناً أو تقدم معلومات غير صحيحة؟ الأمر ببساطة يعود إلى طبيعة عملها المعتمدة على التخمين. في بعض الأحيان، قد تنتج هلوسات معلوماتية، كأن "تخترع" مصادر أو تسرد تفاصيل غير واقعية بثقة تامة. هذه الأخطاء ليست نتيجة تعمّد، ولكنها ناتجة عن عدم قدرة الذكاء الاصطناعي على التمييز بين الحقائق والمعلومات المزيفة، خاصة في المجالات التي تتطلب دقة مثل الطب أو القانون، حيث يمكن أن تؤدي مثل هذه الأخطاء إلى عواقب خطيرة. تظل هناك أيضاً مشكلة التحيزات؛ حيث تتعلم هذه النماذج من بيانات الإنترنت بما فيها من تصورات ثقافية وسياسية وجندرية قد تكون غير متوازنة أو قديمة. ومع أن المبرمجين يحاولون تحسين هذه النماذج عبر "التعلم المعزز بالتغذية الراجعة البشرية" وتطبيق مبادئ أخلاقية في التصميم، يبقى التحديث الشامل مكلفاً ومعقداً. ورغم أن هناك مبادرات لتعزيز موثوقية الذكاء الاصطناعي، مثل "Superalignment" من OpenAI أو قوانين الاتحاد الأوروبي لتنظيم الذكاء الاصطناعي، يبقى دور المستخدمين جوهرياً في التحقق من المعلومات ومراجعتها قبل الاعتماد عليها، خاصة في المجالات الحساسة. ففي النهاية، الذكاء الاصطناعي هو مجرد أداة، والدقة في استخدامه مسؤولية بشرية قبل أن تكون تقنية.