كيف تلعب مصر دورًا فاعلًا فى تحول النظام الاقتصادى العالمى؟

البورصة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

دعا عدد من الخبراء الاقتصاديين، حكومة المهندس مصطفى مدبولي للتحرك سريعًا ومواجهة التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم حاليًا، على خلفية قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على 185 دولة.

وشدد الخبراء خلال الندوة التي عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، بعنوان «اتفاق مارالاجو.. هل يستطيع ترامب السباحة ضد التيار؟» على ضرورة وضع إصلاحات مؤسسية وتشريعية وهيكلية شاملة، وليس فقط الاعتماد على زيادة الإنتاجية.

عبداللطيف: نحتاج إلى إصلاحات مؤسسية وتشريعية وهيكلية شاملة لتنشيط التجارة

قالت الدكتورة عبلة عبداللطيف، المدير التنفيذي، مدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن ما يعرف بـ«اتفاق مارالاجو»، الذي يسعى ترامب إلى إعادة تسويقه كخطة اقتصادية بديلة، يمثل تحركًا عنيفًا ضد التيار السائد في الاقتصاد العالمي، ومحاولة للعودة إلى نزعة قومية اقتصادية تذكر بما حدث في اتفاق بلازا أكورد عام 1985.

وأوضحت عبداللطيف، أن الاتفاق الجديد، الذي لم يبرم رسميًا بعد، هو مبادرة من ترامب ومستشاره الاقتصادي السابق ستيفين ميران، يفترض أن يعيد تشكيل النظام المالي العالمي بما يخدم مصالح الولايات المتحدة على حساب الآخرين.

وأضافت أن مارالاجو، وهو اسم المقر الرئاسي الشتوي لترامب في فلوريدا، لم يكن مجرد رمز اختير مصادفة، بل يعكس طبيعة الخطة ذاتها .. فهي أحادية، ومصممة بالكامل من الداخل الأمريكي، دون تشاور دولي، أو تفاهم جماعي كما جرى في اتفاق بلازا، الذي وقع بين مجموعة الـ 5G ، أمريكا وفرنسا وألمانيا، والمملكة المتحدة واليابان.

وكشفت عبداللطيف، أن اتفاق مارالاجو المقترح يهدف إلى خفض قيمة الدولار الأمريكي مرة أخرى، لكن دون معالجة العجز المالي الأمريكي عبر الأدوات التقليدية كخفض الإنفاق أو زيادة الضرائب، بل عبر تصدير الأزمة للخارج.
أضافت أن العلاقات التجارية لمصر مع العالم ما زالت ضعيفة للغاية ونحتاج لإصلاحات مؤسسية وتشريعية وهيكلية شاملة.

ممدوح: استغلال الفرصة يتوقف على جديتنا في رفع الإنتاجية ودعم الصادرات

وحذر خبير التجارة الدولية عبد الحميد ممدوح، المدير السابق لقطاع التجارة بمنظمة التجارة العالمية، من أن الولايات المتحدة لم تعد تقود هذا النظام كما كانت .. بل تهدم أسسه بشكل غير مسبوق.

وأضاف: “إننا نتعامل الآن مع نمط جديد من الحكم في الولايات المتحدة، ليس مؤسسيًا أو قائمًا على الأطر القانونية، بل يتسم بالفردية المطلقة في اتخاذ القرار”.

واعتبر ممدوح، أن شخصية ترامب، التي ترفض القيود وتعمل بمنطق اللحظة وليس برؤية استراتيجية طويلة الأجل، تلقي بظلالها على السياسات الاقتصادية الأمريكية، مضيفًا: «نحن أمام شخصية تفضل منطق القوة والتعاملات اللحظية، وليست لديها أي التزام بالمؤسسات أو القواعد الدولية».

أكد خبير التجارة الدولية، أن الرئيس الأمريكي يركز على العجز في السلع متجاهلًا الفائض الكبير في قطاع الخدمات، لافتًا إلى أن العجز الفعلي مع الاتحاد الأوروبي لا يتجاوز 50 مليار دولار إذا ما أخذ في الاعتبار الفائض في تجارة الخدمات، وليس 350 مليارًا كما يزعم ترامب.

وأشار إلى أن قطاع التصنيع الذي يتمحور حوله خطاب ترامب، لا يمثل أكثر من 8% من الناتج المحلي الأمريكي، في حين تشكل الخدمات أكثر من 80%، معلقًا: «الاقتصاد الأمريكي هو اقتصاد خدمات، ولكن ترامب يتعامل معه وكأنه اقتصاد صناعي من القرن الماضي».

وفيما يتعلق بالتأثير الفعلي للتعريفات الجمركية التي فرضها ترامب، شكك ممدوح في فعاليتها لإحياء الصناعة الأمريكية، مؤكدًا أن الاقتصاد العالمي الآن يعمل في إطار سلاسل القيمة العالمية، إذ لم تعد المنتجات تصنع بالكامل في دولة واحدة، ومن ثمّ فإن أي تدخل في هذه السلاسل، مثل فرض الرسوم الجمركية، سيؤدي إلى تقويض القدرة التنافسية وليس تعزيزها.

وحذر خبير التجارة الدولية من أن الخطر الأكبر يكمن في إهدار النظام التجاري الدولي نفسه، معتبرًا أن القيم الأساسية لهذا النظام لا تتمثل فقط في تحرير التجارة، بل في الاستقرار والتوقعية التي يحتاجها المستثمرون لاتخاذ قرارات طويلة الأجل، مضيفًا: «التاجر أو المستثمر لن يخاطر في بيئة لا يعلم إن كانت القواعد فيها ستتغير غدًا».

وأشار إلى أن الولايات المتحدة كانت تقود النظام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، لكنها الآن «في بداية فقدان مكانتها الريادية».

وشدد على أن مصر يجب أن تلعب دورًا فاعلًا في هذا التحول، وأن تعمل على تعظيم استفادتها من أى فرص جديدة، مؤكدا أن قدرة مصر على استغلال الفرص تتوقف على مدى جديتها في رفع الإنتاجية ودعم الصادرات، بالإضافة إلى التحرك بفعالية ضمن التكتلات الإقليمية العربية والأفريقية والمتوسطية. كما دعا مصر إلى الانضمام للمبادرات العالمية لحماية النظام التجاري، باعتبار أن القواعد القانونية الدولية تحمي الدول الضعيفة وليس الأقوى.

الشنيطي: الحرب التجارية بين أمريكا والصين تغير قواعد اللعبة بالكامل

من جانبه قال عمر الشنيطي، الشريك التنفيذي لشركة زيال كابيتال والاستشاري بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن ما يحدث على الساحة الدولية حاليًا، وعلى رأسها تداعيات ما يعرف بـ«اتفاق مارالاجو»، لا يمثل مجرد توجه أمريكي نحو خفض سعر العملة لتحسين الميزان التجاري، بل يعكس تحولًا أعمق في شكل النظام العالمي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية، والذي قامت دعائمه على مؤسسات كبرى مثل الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية.

وأضاف خلال الندوة، أن الاتفاق الذي تبنى عليه السياسات الأمريكية الأخيرة يشير إلى تصعيد في التوجهات الحمائية، وتراجع واضح في العولمة التجارية، وهو ما يمثل نقطة تحول استراتيجية في الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، واصفًا الوضع بأنه «أقرب إلى تغيير في قواعد اللعبة بالكامل».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق