أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت، أن الهند وباكستان وافقتا على وقف النار شامل وفوري، بعد وساطة أمريكية، لتنتهي بذلك أعمالاً قتالية تصاعدت على مدار أيام، تبادلات خلالها الجارتين النوويتين الهجمات الصاروخية والمسيرات والقصف المدفعي، في أزمة هي الأسوأ منذ عقود.
ترامب يشكر الهند وباكستان
وقال ترامب في منشور عبر منصته «تروث سوشيل»: «بعد ليلة طويلة من المحادثات التي توسّطت فيها الولايات المتحدة، يسعدني أن أُعلن أنّ الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار شامل وفوري»، مشيداً بالبلدين «للجوئهما الى المنطق السليم والذكاء العظيم».
وأعلن وزير الخارجية الباكستاني إسحق دار عبر منصة «إكس»، السبت، أن إسلام آباد ونيودلهي وافقتا على «وقف إطلاق نار بمفعول فوري»، عقب إعلان ترامب.
وجاء الإعلان الأمريكي، بعدما تبادلت باكستان والهند الضربات والهجمات على منشآت عسكرية لكل منهما السبت، ما دفع الولايات المتحدة إلى دعوة الجارتين لبدء محادثات ونزع فتيل الصراع المتصاعد.
اجتماع نووي
وتصاعدت المخاوف من احتمالية وصول الصراع إلى حد استخدام السلاح النووي، عندما أعلن الجيش الباكستاني أن هيئة عسكرية ومدنية عليا تشرف على الأسلحة النووية بالبلاد ستعقد اجتماعاً، لكن وزير الدفاع نفى لاحقاً وجود أي نية لعقد مثل هذا الاجتماع.
وكان الجيش الباكستاني، أعلن السبت، شن عملية عسكرية مستهدفاً عدة قواعد جوية شمالي الهند، منها موقع لتخزين الصواريخ. جاء الهجوم الباكستاني بعد فترة وجيزة من إعلان إسلام اباد، أن الهند أطلقت صواريخ على ثلاثة قواعد جوية، السبت، منها واحدة قريبة من إسلام آباد، لكن الدفاعات الجوية الباكستانية اعترضتها.
وقال الجيش الباكستاني في رسالة للصحفيين: «دمرنا موقع براهموس لتخزين الصواريخ في منطقة بياس»، مضيفاً أنه قصف مطار بات هانكوت في ولاية البنجاب غربي الهند، وقاعدة أدهامبور التابعة للقوات الجوية في الشطر الهندي من كشمير.
وقال المتحدث باسم الجيش الباكستاني جنرال أحمد تشودري في بيان: «أطلقت الهند من خلال طائراتها صواريخ جو-سطح... قاعدة نور خان وقاعدة مريد وقاعدة شوركوت أصبحت أهدافاً». وتقع إحدى القواعد الجوية في مدينة روالبندي، التي تقع خارج إسلام اباد، والاثنتان الأخريان تقعان في إقليم البنجاب بشرقي باكستان، المجاور للهند.
«البنيان المرصوص»
وقال المتحدث باسم الجيش الباكستاني، إن عدداً من الصواريخ نجح في تجاوز الدفاعات الجوية، وإن تلك الصواريخ لم تصب أي «أصول جوية».
وقال وزير الإعلام الباكستاني في منشور على موقع «إكس»، إن العملية العسكرية تحمل اسم «البنيان المرصوص».
وقال وزير التخطيط الباكستاني، إنه تم اتخاذ «إجراءات خاصة» لتجنب الأهداف المدنية، مضيفاً أنهم يستهدفون المواقع التي استخدمت لاستهداف باكستان.
وذكر الجيش الباكستاني أن رئيس الوزراء دعا لاجتماع لهيئة الدفاع الوطني، وهي أعلى كيان يضم مسؤولين مدنيين وعسكريين، وتشرف على اتخاذ قرارات بشأن الترسانة النووية للبلاد. وسمع دوي انفجارات في سريناجار وجامو في الهند، حيث دوت صفارات الإنذار. وسُمع دوي انفجارات أيضاً في مدينتي لاهور وبيشار الباكستانيتين، مع تصاعد خطر اشتداد القتال.
الهند: باكستان تشن هجمات وتنشر قواتها
من جهته، أكد الجيش الهندي السبت، أن باكستان شنّت هجمات جديدة على طول الحدود وزادت من نشر قواتها.
وقال الجيش الهندي في بيان: «يستمر التصعيد الباكستاني السافر بضربات بواسطة طائرات مسيرة وذخائر أخرى على طول حدودنا الغربية».
وأفاد بأنه «تم رصد عدّة مسيّرات تابعة للعدو تحلّق فوق معسكر في أمريتسار في البنجاب، الإقليم المحاذي لكشمير»، حيث «تعاملت معها وحدات دفاعاتنا الجوية ودمّرتها فوراً».
وكانت متحدثة عسكرية أكدت، أن الهند لاحظت تحريك الجيش الباكستاني قواته إلى مناطق متقدمة، «ما يشير إلى نية هجومية لتصعيد الوضع بشكل أكبر». وأضافت: «لا تزال القوات المسلحة الهندية في حالة تأهب عملياتي عالية».
وتابعت: «تؤكد القوات المسلحة الهندية التزامها بعدم التصعيد، شريطة أن يقابل ذلك رد فعل مماثلاً من الجيش الباكستاني».
وأكد البيان أن الجيش الهندي ألحق أضراراً بالجيش الباكستاني، رداً على استخدامه نيران المدفعية، وبعد محاولة باكستانية للتوغل جواً في 26 موقعاً هندياً.
وقالت الهند، إن الضربات التي نفذتها، الأربعاء، كانت رداً على هجوم دموي في الشطر الهندي من إقليم كشمير الشهر الماضي.
ونفت باكستان اتهامات الهند بضلوعها في الهجوم على السياح. ومنذ الأربعاء الماضي، يتبادل البلدان إطلاق النار والقصف عبر الحدود، كما أطلقا طائرات مسيرة وصواريخ في المجال الجوي لكل منهما.
دار معظم القتال الجمعة في الشطر الخاضع لسيطرة الهند من كشمير والولايات الهندية المجاورة. وأعلنت الهند، أنها أسقطت طائرات باكستانية مسيرة.
وحثت مجموعة دول السبع الجمعة، البلدين على الالتزام بضبط النفس، ودعت الطرفين إلى الانخراط في حوار مباشر.
وقالت جين ماريوت، المفوضة السامية البريطانية لدى باكستان في منشور على موقع «إكس»، إنهم يراقبون التطورات عن كثب.
وساطة أمريكية
من جهته، عرض وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، السبت، الوساطة لتهدئة الأوضاع بين البلدين، داعياً الهند وباكستان إلى استئناف الاتصالات المباشرة «تجنّباً لأي سوء تقدير» في النزاع المتصاعد بين الطرفين.
وشدد روبيو في اتصالين منفصلين مع وزيري خارجية البلدين الخصمين على «ضرورة تحديد الطرفين سبل خفض التصعيد واستئناف الاتصالات المباشرة تجبناً لأي سوء تقدير».
وقال مكتب الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية الأمريكية، السبت، إن البعثة الدبلوماسية الأمريكية في باكستان منعت تحركات موظفيها.
وذكرت وزارة الخارجية أنها ستعيد تقييم الوضع هذا المساء، مضيفة أن الجيش الباكستاني نصح سكان البلاد السبت بالبقاء في منازلهم حتى إشعار آخر.
كما حضّت الصين السبت الهند وباكستان على تجنّب أي تصعيد في القتال، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية في بكين.
وجاء في بيان صدر عن الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية:«نحضّ بقوة الهند وباكستان على حد سواء على إعطاء الأولوية للسلام والاستقرار والمحافظة على الهدوء، وضبط النفس، والعودة إلى مسار التسوية السياسية بالطرق السلمية، وتجنّب القيام بأي تحرّكات تؤدي إلى تصعيد التوتر أكثر».
أخبار متعلقة :