نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: الشارع الشيعي بين استفزاز الداخل وضغوط الخارج: غضب بلا قرار؟, اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 04:09 صباحاً في لحظة سياسية وأمنية بالغة الحساسية، شهد الشارع الشيعي تحركات شعبية متفرّقة أثارت القلق لناحية إمكانية تسببها بحوادث أمنية في مناطق متنوعة، أو تكون سبباً بإطلاق فتنة لا يُحمد عقباها، فهي ورغم محدودية نطاقها وزمنها، فتحت باب الأسئلة حول خلفياتها، دلالاتها، ومآلاتها، خاصة في ظل وضع داخلي مأزوم، وضغوط خارجية متصاعدة، وسياق إقليمي لا يتحمل أي اهتزاز إضافي. بحسب مصادر شيعية بارزة فإن ما حصل في الساعات الماضية لا يُمكن قراءته كحدث منفصل أو عارض، بل كأحد مؤشرات الاحتقان المتراكم داخل بيئة سياسية وشعبية تعيش منذ أسابيع تحت ضغط ميداني وإعلامي مركّز، يتقاطع مع تحوّلات في خطاب الدولة وقراراتها، بما يتعلق بالسلاح الذي تراه هذه البيئة ضمانة لوجودها واستمرارها. انطلاقًا من هذا المشهد، يبرز السؤال الأساسي، هل نحن أمام تعبير طبيعي عن الغضب، أم بداية انزلاق إلى ما هو أبعد من ذلك، وهل في تحريك الشارع، أو حتى غضّ الطرف عن تحرّكاته، مصلحة حقيقية للثنائي الشيعي، في هذا التوقيت الدقيق؟. في الساعات الماضية، تحرك الشارع بشكل عفوي، تجزم المصادر عبر "النشرة"، مشيرة إلى أن بعض التحركات انطلقت من غضب سياسي، وبعضها من استفزاز إعلامي مركّز، وبعضها نتيجة حرب كانت ولا زالت مستمرة بوجه هذه البيئة، لكن النتيجة واحدة وهي أن هناك شوارع بدأت تغلي. تؤكد المصادر عبر "النشرة" أن ليس هناك قرار مركزي في حركة أمل أو حزب الله بتحريك الشارع، والدليل طبيعة التصريحات الوزارية التي جاءت بعد الجلسات الحكومية والتي كانت هادئة ولا تُثير المشاعر، مشيرة إلى أن الثنائي لم يكتف بعدم الدعوة لتحركات شعبية لا يرى أن وقتها مناسب الآن، بل قاد محاولات حثيثة لضبطها، دون أن يسعى لوقفها، كاشفة أن التواصل بين الجهات المعنية بالثنائي وقيادة الجيش اللبناني بالدرجة الأولى قائم منذ ما قبل جلسة الخميس الماضي الحكومية، وإجراءات الجيش التي سبقت الجلسة شاهدة على ذلك، وكان هناك تأكيد من القيادات بعدم السماح للتظاهرات في الضاحية أن تخرج منها، في تكرار لمشاهد مشابهة حصلت منذ أشهر. لتأكيد هذه المسألة، تشدد مصادر عسكرية عبر "النشرة" إلى أن الجيش كان حاسماً في إجراءاته بعد ظهر الخميس حتى ساعات الفجر الاولى من نهار الجمعة، والأيام التي تلت، إذ نفذت وحداته انتشاراً كثيفاً من خلدة حتى قلب بيروت، وكان له حضورا مدروساً على حدود الضاحية الجنوبية، وعلى خطوط التماس الطائفية الدقيقة التي لا تحتمل أي سقطة، كاشفة عن وجود قرار حاسم لدى قيادة الجيش بمنع المس بالإستقرار الداخلي، منع التصادم بين اللبنانيين، ومنع إغلاق طريق مطار بيروت الدولي. السؤال المفصلي هنا، هل من مصلحة الثنائي الشيعي أن يلعب ورقة الشارع اليوم؟ الجواب باختصار لا، ولذلك أسباب عديدة كلها تدور في المجال الأمني، علماً أن هناك رأياً بارزاً داخل الثنائي يقول أن الشارع في لبنان لا يحقق أهدافاً سياسية، وبالتالي استعماله لا يكون بأهداف سياسية، ولنا تجارب عديدة أبرزها على الإطلاق تجربة الاعتصام الشهير وسط بيروت والذي استمر لعامين ولم يُسقط حكومة فؤاد السنيورة. بالعودة إلى الأسباب، فأبرزها بحسب المصادر غياب السيطرة الكاملة، ففي لحظة غليان، لا يمكن ضبط كل الأصوات، كما أن ليس كل من ينزل إلى الشارع منضبطًا أو منتمياً أو حتى محسوباً، وهناك دائما من يركب الموجة، وقد يأخذ أي تحرك من هذا النوع إلى مكان آخر. وأيضاً تداخل الجغرافيا والطوائف في بيروت الكبرى، إذ قد يكون مفهوماً التحرك في الجنوب أو البقاع حيث البيئة شبه موحدة، ولكن في بيروت هناك مخاطر كبيرة من تحوّل أي تحرك إلى معركة طائفية أو مذهبية، وهو ما لا يخدم أحداً سوى العدو الإسرائيلي. في الموقف السياسي، الثنائي الشيعي محق في القول إن ما يجري هو استهداف منهجي لحزب الله، ومحاولة لتجريمه سياسياً وإعلامياً، لكنه في المقابل، مدرك تماما أن ترجمة هذا الغضب في الشارع الآن هو مجازفة كبرى. ومع ذلك، فإن القراءة السطحية لما جرى في الشارع تُخطئ في التشخيص، فلأن ما حدث لم يكن قراراً من الأعلى، بل عفوية من الأسفل، فهذا يُنذر بأمر ما، وفي بيئة ما بعد الحرب، حيث الناس مرّوا بتجربة يومية مع الخطر، ومع الاستهداف، ومع فقدان الشعور بالأمان، تصبح الحساسية عالية، والغضب قابلاً للاشتعال بكلمة، أو بخبر عاجل، أو بشائعة، وهذا الواقع يجعل الإنفجار الإجتماعي سهل الحصول، ولو لم تُرد ذلك قيادة الثنائي الشيعي التي تعلم بحسب المصادر أن للشارع محاذيره اليوم.