اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ألاسكا، لعقد قمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الجمعة 15 أغسطس/آب الجاري، في قرار يحمل دلالة تاريخية، للولاية التي اشترتها واشنطن من روسيا القيصرية، قبل أكثر من قرن ونصف من الزمان لتصبح الولاية الأمريكية رقم 49 رسمياً. وأكد ترامب في منشور عبر منصات التواصل الاجتماعي، أن القمة المرتقبة في ألاسكا تستهدف وقف الحرب في أوكرانيا، وأن الاتفاق سيشمل تبادل أراضٍ لصالح الطرفين. في المقابل، رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التنازل عن أي أرض قائلاً: «الأوكرانيون لن يهدوا أرضهم لأحد»، فيما تشير التقارير إلى احتمال غيابه عن اجتماع ألاسكا، ليقتصر على الجانبين الأمريكي والروسي فقط. سر اختيار ألاسكا لاجتماع ترامب وبوتين اتفقت موسكو وواشنطن على ألاسكا بسبب موقعها الاستراتيجي القريب من روسيا عبر مضيق بيرينح، حيث تبلغ المسافة بين سواحلها والبر الروسي 86 كيلومتراً فقط، وسيكون فلاديمير بوتين أول رئيس روسي يزور الولاية الأمريكية. وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي، إن المنطقة تمثل تقاطعاً للمصالح الاقتصادية وفرصة لمشاريع مشتركة بين البلدين. تحذيرات من إفشال الاجتماع الأمريكي الروسي حذر رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديمترييف من محاولات دولية لعرقلة القمة عبر الاستفزازات، ونشر المعلومات المضللة. فيما أكد حاكم ألاسكا مايك دانليفي، جاهزية الولاية، واستعدادها لتأمين اللقاء، المرجح عقده في مدينة أنكوريدج. ألاسكا.. من أرض روسية إلى ولاية أمريكية استكشف الروس ألاسكا عام 1732، وسيطروا عليها لمدة أكثر من قرن، قبل أن تقرر روسيا بيع الإقليم بسبب ضعف الدفاعات والحاجة إلى المال. وقع وزير الخارجية الأمريكي ويليام سيوارد صفقة شراء إقليم ألاسكا مع المبعوث الروسي إدوارد دي ستوكل، في 30 مارس/آذار 1867 مقابل 7.2 مليون دولار، في خطوة وصفتها الصحافة الأمريكية وقتها بـ«حماقة سيوارد»، لكن كل ذلك تغير بعد اكتشاف الذهب عام 1896، لتبرز أهميتها الاقتصادية. ألاسكا.. قلب الصراع الدولي تحولت الولاية خلال الحرب الباردة إلى قاعدة أمريكية متقدمة لمراقبة الاتحاد السوفييتي، واحتفظت بأهمية عسكرية واقتصادية في القطب الشمالي بفضل النفط والغاز والمعادن النادرة.ويحمل انعقاد القمة في أرض كانت روسية، يملكها الأمريكيون اليوم رسالة سياسية للطرفين، حيث يستعيد الروس ذكرى نفوذهم في أمريكا الشمالية، بينما تتذكر واشنطن صفقة عززت قوتها قبل 158 عاماً، والآن تعود ألاسكا إلى دائرة الضوء العالمية، لكن هذه المرة كمنصة لاختبار فرص السلام في واحدة من أعقد أزمات القرن الحالي.وعلى مدار السنوات الماضية طالب سياسيون روس موسكو باستعادة ألاسكا مجدداً، باعتبارها أرضاً روسية، وكانت عملية بيعها غير قانونية، ويتحتم إعادتها للوطن الأم.وتقدر مساحة ألاسكا بـ1.5 مليون كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حالياً 740,000 نسمة، منهم 120,000 من السكان الأصليين، ولا يبدو أن واشنطن ستكون مستعدة في أي وقت لمجرد التفكير في التفاوض مع موسكو حول أحد أغنى ولاياتها، والتي حسم أمرها رسمياً قبل أكثر من قرن ونصف، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من أراضي الولايات المتحدة .