نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: جلسات الحكومة: مخرج أم مدخل للصدام؟, اليوم السبت 9 أغسطس 2025 04:08 صباحاً من باريس بدأت القصة، أو على الأقل فُتحت فيها أهم صفحاتها عندما زار رئيس الحكومة نواف سلام العاصمة الفرنسية وتبلغ من الرئيس إيمانويل ماكرون بلغة واضحة أن لا وقت للترف السياسي، وأن الأميركيين ليسوا بصدد التسامح بخصوص الوقت هذه المرة، وأن الفرنسيين ليس باستطاعتهم تغطية لبنان في لعبة الوقت، وهذا ما نقله سلام إلى مسامع رئيس الجمهورية ومجلس النواب في لبنان، وبدأ الحديث عن جلسة حصر السلاح في الحكومة. قبل هذه الزيارة كان لبنان الرسمي قد تبلغ أيضاً تهديدات إسرائيلية نقلها المبعوث الأميركي توم باراك وفيها أن منشآت الدولة ومقارها ومطارها سيكونوا ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية بحال حصل التصعيد ولم تكن الدولة قد حسمت أمرها بموضوع السلاح، بالإضافة إلى حديث جدي حول نية عدم التجديد لعمل قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان. هذا ما تكشفه مصادر سياسية مطّلعة على مسار التفاوض الّذي كان يقوده رئيس الجمهورية، مشيرة عبر "النشرة" إلى أن هذه الضغوط لم تكن أميركية وفرنسية وإسرائيلية فقط، فهذه المرّة، كان الحضور العربي في منتهى الوضوح، وعلى نحو غير مألوف منذ سنوات، متحدثة عن رسائل وُجهت مباشرة إلى رئيس الحكومة بأن "لا يمكنكم إدارة المرحلة بالسلاحين، والمطلوب قرار واضح بحصر السلاح بيد الدولة". بحسب المصادر كانت اللغة العربية سياسية، لكن خلفها خريطة تمويل، ودعم، وشروط، فلا مساعدات بلا تنازلات، ولا تغطية بلا تموضع جديد في المعادلة الإقليمية. تذكر المصادر كل هذا لترسم الصورة التي مهّدت للحديث الجدي بضرورة نقل ملف السلاح والأوراق الأميركية على طاولة مجلس الوزراء، علماً انه بحسب المصادر كان الأميركي يتحدث عن ضرورة إقرارها بالإجماع داخل الحكومة، وهو ما سنعود إليه لاحقاً. في الورقة الأميركية مهلة تبدأ في الأول من آب وتنتهي في 15 منه لإقرار المرحلة الأولى منها، قرار حكوميّ واضح بحصر السلاح بيد الدولة وموافقة على أهداف الورقة، وهو تماماً ما التزمت به الحكومة، رغم معارضة مكون أساسي فيها هو المكون الشيعي. وبحسب المصادر فإن التواريخ ليست تفصيلًا، بل هي الترجمة الزمنية لتفاهم ضمني أو تفاهمات متعدّدة، صيغت لمحاولة ترتيب البيت اللبناني، وهذا ما يؤمن به فريق لبناني، ينتظر الآن أن تُبادر إسرائيل بضغط أميركي لاحترام الشق المتعلق بها بالورقة وهو وقف الإعتداءات اليومية، ولا يؤمن به فريق آخر يرى أن هدف كل ما يجري هو نزع سلاح حزب الله دون أي ضمانات، ولكن كان لا بد من حديث جدّي يسمح بتمرير المرحلة. لا تنفي المصادر أن ما حصل خلال جلسات الحكومة كان بمثابة مخرج شهد بعض التعديل غير المتفق عليه، ولكن هذه التعديلات لم تُسقط أصل الهدف، وهي تمحورت حول تحديد مدة زمنية للجيش لحصر السلاح في لبنان بيده، بعد أن كان الإتفاق مع رئيس الجمهورية يقضي بعدم تحديد مُهل زمنية وربط هذه المسألة بالخروج الإسرائيلي من لبنان، وعندها كان يمكن لوزراء الثنائي أن يوافقوا داخل الحكومة على ما هو مطروح. هذه الخلافات لم تجعل الثنائي الشيعي يخرج عن هدوئه، فالحكومة أقرت حصر السلاح ورمت الكرة بملعب الجيش من جهة لتحديد المهل والمراحل، دون الإلتزام بالمهل التي حددها باراك بالورقة الأميركية، والملعب الأميركي-الإسرائيلي حيث تكون قامت بما عليها بانتظار أن يبدأ الأخرون بالقيام بما عليهم، مع الإشارة إلى أن لبنان الرسمي لا يعلم ما إذا كانت الورقة مُوافق عليها من قبل الأطراف المعنية بها، أي سوريا وإسرائيل. هكذا تكون "الحكومة" قد حيّدت نفسها عن أي تصعيد إسرائيلي، وهو ما يشكل مصلحة للجميع حتى الثنائي الشيعي نفسه، ومهّدت الطريق أمام السعي الفرنسي لدعم التجديد لقوات الطوارئ الدولية نهاية آب، والثنائي الشيعي من جهته يكون قد اعترض ولم يُشارك بالقرار، والحزب اعتبره كأنّه غير موجود، وبذلك يكون الجميع قد ساهم بمخرج يؤجل المشكل والصدام ويمنع الإنفجار الداخلي ولو لفترة معينة، ويمنحهم المزيد من الوقت المعول عليه لحصول تغيير ما على صعيد الإقليم والحرب الدائرة فيه. ما يعزز فرضية المخرج بحسب المصادر هو ردة الفعل الشيعية على قرارات الحكومة، رغم أن احداً لم يكن يتوقع أن تحصل ردة فعل عسكرية وأمنية بسبب كل الظروف المحيطة بلبنان والمنطقة، إلا أنّ المواقف السياسية للوزراء كانت "لطيفة" إلى حدّ ما بعد الخروج من الجلسات، علماً أن أصل المشاركة بالجلسة الثانية تحديداً كان بمثابة رسالة واضحة بأن الإتجاه لن يكون للتصعيد، فوزراء الثنائي شاركوا وناقشوا وطرحوا وجهة نظرهم ثم غادروا قبل دقائق من القرارات. بمقابل هذا الموقف هناك من يعتبر أن ما حصل لم يكن تخريجة، وأن الموقف الشيعي لم ينطلق من تفاهم بين رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، إنما من ظروف الثنائي الراهنة التي لا تسمح له بتصعيد داخلي بظل حرب إسرائيلية قائمة، ولا تسمح له بالخروج من الحكومة لأن لا مصلحة له بذلك، وهذا التحرك بحال حصوله لن يؤدي إلى سقوطها كونها تحوز على دعم عربي ودولي مطلق، وبالتالي فإنه فضّل الهدوء على اعتبار أن القرارات لا تحمل، حتى اللحظة، إجراءات تنفيذية، وبالتالي يمكن المضيّ بها بانتظار ما ستحمله قيادة الجيش. السؤال المشروع اليوم ليس عن الجلسة ومقرراتها، بل عن سياقها ومآلاتها. هل ما جرى هو جزء من اتفاق أوسع لتقطيع المرحلة بأقل الخسائر، بانتظار لحظة تفاهم إقليمي أكبر؟ أم أن ما جرى هو تمهيد لتصعيد داخلي قد يُفضي إلى مواجهة سياسية أو حتى أمنية أكبر؟!.