الإيمان بالسحر يعد من الظواهر التي تنتشر في العديد من الثقافات المختلفة، ويرتبط ذلك بالتركبية الثقافية والبيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الأفراد، بحسب ما أوضحت الدكتورة مي حسن، أستاذ علم النفس المساعد بكلية العلوم الإنسانية بجامعة الأزهر، فإن هذا الاعتقاد يعكس مدى تأثير التقاليد الشعبية والمعتقدات الراسخة التي يتم غرسها من الصغر في أذهان الأفراد، مما يجعل الإيمان بمثل هذه الأمور أكثر قبولًا لديهم.

الإيمان بالسحر وتأثير الثقافة والمجتمع

تؤكد الدراسات النفسية أن التركيبة الثقافية والتقاليد الشعبية تلعب دورًا أساسيًا في نشر الإيمان بالسحر بين الأفراد، وبحسب ما أشار إليه الدكتور أحمد عبد السلام خلال مداخلته الهاتفية مع برنامج «للمرأة نصيب»، فإن الاعتقاد بالسحر لا ينشأ من العدم، بل يتشكل بسبب التأثيرات الاجتماعية وأساليب التربية التي تربّى عليها الشخص منذ طفولته، وتعد المجتمعات التي تعتمد على سرد قصص السحر والخرافات وسيلة لبناء مفهوم ضمني عن قوى غير مرئية تتحكم في الأحداث المحيطة، مما يعزز لدى الأفراد شعورًا داخليًا بأن ما يحدث لهم يمكن أن يكون نتيجة قوى خفية.

متى يصبح الإيمان بالسحر دلالة على مرض نفسي

بحسب ما ذكرته الدكتورة مي حسن، فإن الإيمان بوجود السحر وحده لا يعد مؤشرًا على الإصابة بأمراض نفسية، لكنه قد يكون مرتبطًا بالثقافة والتقاليد التي نشأ عليها الفرد، ومع ذلك، يعتبر هذا الإيمان أحيانًا علامة على اضطرابات نفسية في حال صاحبه أعراضًا أخرى تشير إلى وجود مشكلات نفسية أعمق، وتشمل هذه الأعراض: القلق المستمر، الوسواس القهري، بالإضافة إلى حالات مرضية مثل الفصام التي تجعل الشخص يعتقد بشكل جازم بوقوع تأثيرات السحر عليه.

علاقة الإيمان بالسحر وتشخيص الأمراض النفسية

يشدد الخبراء على أن الإيمان بالسحر قد يكون في بعض الأحيان وسيلة لتبرير الإخفاقات الشخصية أو المشكلات الحياتية التي يعاني منها الفرد، ويمكن أن يعكس هذا النمط من التفكير هروبًا من مواجهة المشكلات الفعلية، ومع ذلك فإنه في حال ظهور أعراض نفسية مثل الخوف المبالغ فيه، التصرفات الغريبة بصورة مستمرة، أو الانعزال عن المحيطين، قد يتطلب هذا الأمر تدخلاً من متخصصين في مجال الطب النفسي للتأكد من وجود اضطرابات نفسية محتملة.

أهمية التوعية في تقليل الاعتقاد بالسحر

تعتبر التوعية من أهم الوسائل لمعالجة الظواهر الثقافية غير الصحية مثل الإيمان بالسحر، حيث تساعد حملات التثقيف الاجتماعي على تعزيز وعي الأفراد وتوضيح العلاقة بين المشكلات النفسية والاعتقادات الخاطئة، يجب التركيز على تقديم المعلومات العلمية المتعلقة بالصحة النفسية، بالإضافة إلى إدخال موضوعات التفكير النقدي في مختلف المناهج الدراسية كوسيلة لتقوية مهارات التفكير العقلاني والحد من انتشار الخرافات الشعبية.