نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: "جدل" انتخابات طرابلس... سيناريوهات وفرضيّات ما بعدها!, اليوم الخميس 15 مايو 2025 04:04 صباحاًما بعد الانتخابات البلدية في طرابلس ليس كما قبلها. قد لا تكون هذه "المعادلة"، إن صحّت، واقعيّة، لكنّها باتت مطروحة جدّيًا، بعد ما وُصِفت بـ"المهزلة" التي رافقت المعركة في عاصمة الشمال، منذ ما قبل يوم الاقتراع، وصولاً إلى ما بعد إعلان النتائج، مرورًا بالإشكالات اللوجستية والأمنية التي اعترت العملية الانتخابية، وما تسرّب من أخطاء، أقرب إلى "الفضائح"، خلال عمليات الفرز، التي أعيدت مرارًا وتكرارًا، في الكثير من الصناديق.ممّا قيل في هذا الصدد مثلاً، أنّ مرشحين وجدوا أنّ نتائجهم تمّ "تصفيرها" في صناديق اقترعوا شخصيًا فيها، ليتبيّن لهم بعد الفحص والتدقيق أنّ الأمر يسري على الكثير من الصناديق الأخرى، وممّا قيل أيضًا أنّ مرشحين لم يحصلوا على التصاريح اللازمة لمندوبيهم قبل يوم الاقتراع، ما حال دون مواكبتهم لعمليات الاقتراع، وممّا قيل كذلك أنّ بعض رؤساء الأقلام لم يحتسبوا الأوراق البيضاء، أو لم يقدّموا أيّ محاضر من الأساس.وبمعزل عمّا إذا كان كلّ ما قيل صحيحًا أم لا، فالأكيد أنّ المشهد الذي أعقب الانتخابات البلدية في طرابلس لم يكن مألوفًا، فعلى الرغم من نسبة الاقتراع الضئيلة، مقارنة مع مناطق أخرى، احتاجت عملية الفرز لأكثر من 48 ساعة، استنفرت معها الحكومة ممثّلة برئيسها نواف سلام، ووزير الداخلية أحمد الحجار، اللذين انتقلا إلى طرابلس لمواكبة عمليات الفرز، في محاولة لاحتواء الوضع، الذي كاد "ينهار" على الأرض، وسط الاعتراضات.أمام كلّ ذلك، قد يكون مفهومًا أن يطالب البعض بإعادة الانتخابات، كما فعلت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات مثلاً، وهي التي اعتبرت أنّ انتخابات طرابلس "لم تعد تستوفي شروط الانتخابات الحرّة والنزيهة"، متحدثة عن "شكوك جدية حول نزاهة العملية الانتخابية وسلامتها"، فهل يمكن القول إنّ "قطوع" انتخابات طرابلس سينتهي مع إعلان النتائج، وماذا عن فرضيات وسيناريوهات المرحلة المقبلة، بانتظار الجولتين الانتخابيتين الأخيرتين؟.في المبدأ، يقول العارفون إنّ ما لا شكّ فيها أنّ خللاً يصحّ وصفه بـ"الفاضح" اعترى العملية الانتخابية في طرابلس، إذ لا يمكن أن يُفهَم تحت أيّ مبرّر من المبرّرات، تأخّر إعلان النتائج لأكثر من 48 ساعة، في انتخابات بلدية، تجري وفق نظام انتخابي أكثريّ وغير معقّد، وهو ما لا يتطلّب أكثر من عدّ الأصوات وفرزها، ما يعني أنّ ثمّة ثغرات "بنيوية" أدّت إلى ذلك، إن لم يكن صحيحًا ما أثير عن عمليات غشّ وتزوير مقصودة.لكن، خلف هذا الانطباع "الجامِع"، إن صحّ التعبير، تتباين الآراء حول "السبيل الأفضل للمعالجة"، بين من يؤيد مبدأ إعادة الانتخابات، ومن يرفضه، فبالنسبة للفريق الأول، لم يعد "الترقيع" بكلّ أشكاله مفيدًا، أو كافيًا، بعدما وقعت الواقعة، ويستند أصحاب هذا الرأي إلى بيان جمعية "لادي" التي كانت للمفارقة، نوّهت بما وصفته بـ"التنظيم الجيد" في تقاريرها السابقة، ولو تحدّثت عن بعض "الثغرات" اللوجستية والإدارية، ما ينفي عنها صفة "التحيّز".ويرى هؤلاء أنّ المشكلة التي اعترت العملية الانتخابية "جوهرية"، وقد بدأت قبل يوم الاقتراع، حين امتنع بعض المسؤولين الإداريين المباشرين عن منح التصاريح اللازمة لمندوبي اللوائح المتنافسة، ما يوحي بوجود قرار متّخذ عن سابق تصوّر وتصميم بالتزوير، علمًا أنّ هذه الشكوك ازدادت، ووصلت إلى ذروتها، مع ما أثاره العديد من المرشحين عن تجاوزات "فاضحة"، سواء كانت ناجمة عن أخطاء "بشرية" واردة، أو كانت مقصودة في الأساس.في المقابل، يعترض البعض على القفز سريعًا إلى فكرة إعادة الانتخاب، في حين أن التأخير في إعلان النتائج لا يدلّ سوى على حرص وزارة الداخلية على ضمان صحّتها وسلامتها، إذ كان يمكن للوزارة أن تسارع لإعلان النتائج وفق الأرقام الواردة من الأقلام، من أجل احتواء الموضوع، بعدما بدأ بالتصاعد شعبيًا، لكنها اختارت الذهاب إلى النهاية، عبر التدقيق بالنتائج والأرقام بالمُطلَق، ولو تطلّب ذلك إعادة الفرز لساعات وساعات، وهو ما حصل.بين هذا الرأي وذاك، يقول البعض إنّ المسار القانوني واضح، فلا قرار بإعادة الانتخابات يمكن أن يصدر عن وزارة الداخلية، أو حتى عن مجلس الوزراء، عملاً بالمادة 20 من قانون الانتخاب، التي تنصّ صراحة على أنّ المجلس الدستوري هو صاحب الصلاحية بإبطال النتائج من عدمه، وذلك بناءً على طعون تقدَّم أمامه، خلال خمسة عشر يومًا من إعلان النتائج، ما يعني أنّ الوزارة "ملزمة" بإعلان النتائج في المقام الأول، وقبل أيّ بحثٍ آخر.وبالفعل، يتحدّث العارفون عن بدء الإعداد للطعون والمراجعات من قبل العديد من اللوائح والمرشحين، استنادًا إلى التجاوزات التي تمّ توثيقها، ما سيضع الكرة في ملعب المجلس الدستوري، لكن، أبعد من هذه الطعون، وأبعد من التقديرات بإمكانية قبولها أو رفضها، ثمّة أسئلة تُطرَح عن المسار السياسي المُنتظَر، فأيّ انعكاسات لما جرى في طرابلس على الجولات الانتخابية المقبلة، وخصوصًا في بيروت، وما هو المطلوب من السلطات في هذا الإطار؟.يتحدّث العارفون عن مجموعة من "الفرضيات" حول المسار الانتخابي المقبل، فثمّة من يعتقد أنّ الأمور ستسير كما هو مخطَّط له، على أن يُبنى على كلّ شيء مقتضاه، ولا سيما أنّ الوزارة نجحت في التنظيم رغم كلّ شيء، وثمّة من يرى أنّ قرارًا بالتأجيل لا بدّ أن يصدر، على الأقلّ لمناطق بعينها، كالعاصمة بيروت، وسط تساؤلات عن "مصير" انتخابات الجنوب المهدَّد، في وقت لم تنجح الأجهزة المعنية بضمان انتخابات "آمنة" في الشمال وعكار بالدرجة الأولى.وإذا كانت "الأرجحية" لا تزال للخيار الأول، ايّ بالمضيّ بالانتخابات كما هو مقرّر، مع نقاش مستمرّ حول المعركة في بيروت تحديدًا، في ظلّ الهواجس الطائفية والأمنية، فإنّ العارفين يشدّدون على أنّ هذا الخيار يجب أن يقترن بخطوات ملموسة من قبل وزارة الداخلية لتفادي تكرار "سيناريو" انتخابات طرابلس وما قبلها، خصوصًا على مستوى تدريب هيئات أقلام الاقتراع، لمنع حصول أخطاء "كارثية" تشوّش على العملية الانتخابية.في هذا السياق، ثمّة من يقول إنّ ما جرى في طرابلس عائد بالدرجة الأولى، إلى "ضعف" رؤساء الأقلام، الذين لم يكونوا مدرّبين كما يجب لإدارة العملية الانتخابية والإشراف عليها، وهو ما أقرّ به وزير الداخلية عمليًا، ما يتطلب العمل سريعًا من أجل معالجة هذه المشكلة الجوهرية، وإلا سيصبح من الواقعي التشكيك بنتائج الانتخابات في كلّ لبنان، لأنّ الدور المنوط برؤساء الأقلام يبقى أساسيًا، ولا يمكن الاستخفاف به أو القفز فوقه.في النهاية، صحيح أنّ مسؤولية ما جرى على مستوى انتخابات طرابلس قد لا تكون على عاتق وزارة الداخلية وحدها، لكنّها ينبغي أن تكون "عِبرة" تتعلّم منها الوزارة الدروس، قبل التجربتين الانتخابيتين "الأصعب" في بيروت والبقاع والجنوب، مع كلّ الهواجس المشروعة التي ترافقهما. فهل تكون الوزارة على قدر "التحدّي"، أم أن مشهد انتخابات طرابلس سيتكرّر في مناطق أخرى، مع كلّ ما ينطوي على ذلك من "خطورة" لا جدال بشأنها؟!.