موسكو-أ ف ب
أشاد الرئيس فلاديمير بوتين، الجمعة، بـ«بسالة» الجنود الروس الذين يحاربون في أوكرانيا، أمام عشرات آلاف الأشخاص المحتشدين في الساحة الحمراء ونحو 20 زعيماً أجنبياً حضروا إلى موسكو للمشاركة في احتفالات الذكرى الثمانين للانتصار على ألمانيا النازية.
وانتهز بوتين هذه المناسبة التي تعدّ أهمّ الاحتفالات القومية الروسية لعقد مقارنات تاريخية بين الحرب العالمية الثانية والهجوم الواسع على أوكرانيا الذي أمر بشنّه في شباط/ فبراير 2022. وقال: «البلاد برمتها، مجتمعاً وشعباً، تدعم المشاركين في العملية الروسية الخاصة» في أوكرانيا، مستخدماً التعبير السائد في روسيا للإحالة إلى الحرب في أوكرانيا.
وقال: «نفتخر ببسالتهم وعزمهم وقوّة معنوياتهم التي لطالما جلبت لنا النصر»، مشدداً على أن بلاده «كانت وستبقى سداً منيعاً ضد النازية ورهاب روسيا ومعاداة السامية».
وبين الحضور، قدامى حرب ونحو عشرين من قادة الدول، من بينهم الرئيس الصيني شي جينبينغ والبرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، فضلاً عن بلدان حليفة لروسيا تقليداً مثل كازاخستان وبيلاروسيا وفيتنام وأرمينيا وكوبا وفنزويلا.
وبالرغم من سياسة عزل روسيا التي تنتهجها الدول الغربية، شارك في الاحتفالات أيضاً، رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو متحدياً بروكسل، والرئيس الصربي الكسندر فوتشيتش فضلاً عن رئيس صرب البوسنة ميلوراد دوديك المطلوب من العدالة البوسنية.
«فخر»
وأمامهم قدّم نحو 11 ألف جندي، من بينهم 1500 شاركوا في الحرب في أوكرانيا، بحسب وكالة «تاس» الرسمية، عرضاً عسكرياً ضخماً على الساحة الحمراء بمشاركة جنود من 13 دولة، بينهم قوات من الصين وفيتنام وميانمار ومصر.
ووجه الرئيس الروسي تحيّة إلى جنود كوريا الشمالية التي ساندت روسيا في حربها على أوكرانيا. وأظهرت مشاهد بثّها التلفزيون الرسمي بوتين يقول لعدّة ضبّاط كوريين شماليين بالزيّ الرسمي: «أقدّم لكم ولقوّاتكم أطيب التمنّيات».
وحفل استعراض هذه السنة بالأسلحة، من بينها دبابات «تي-90» حديثة وصواريخ «اسكندر» وأنظمة دفاع جوي «اس-400». وللمرّة الأولى شاركت هذه السنة في الاستعراض مسيّرات من نوع «أورلان» و«لانسيت» و«جيران» تستخدمها روسيا بوتيرة شبه يومية لقصف أوكرانيا.
ولم تستعرض تجهيزات عسكرية على هذا النحو في أول سنتين من الحرب في أوكرانيا عندما كانت القوّات الروسية في وضع أصعب على الجبهة.
في شوارع موسكو التي تزيّت بالأعلام واللافتات الاحتفالية، حضر فلاديمير (40 عاماً) مع زوجته وأصدقاء لمتابعة العرض. وقال: إنه أراد «رؤية المعدّات العسكرية»، موضّحاً: «أردت أن أرى بأمّ العين هذه القوّة. وهذا الاحتفال يجعلني فخوراً ببلدي».
وهي أيضاً حال تاتيانا ريباكوفا البالغة 40 عاماً التي لا تخفي فخرها ببلدها، متمنّية في الوقت عينه «السلام». وقالت: «نريده، نريد أن يعيش الناس بسعادة وبصحة جيّدة. فهذا ما يهمّ». أمّا ناتاليا تاراسوفا (45 عاماً)، فأتت خصيصاً من دونيتسك، المدينة الصناعية في شرق أوكرانيا تحت سيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا منذ 2014، على أمل أن «ينتهي النزاع قريباً وتقام عروض في كلّ المدن».
«عرض الأكاذيب»
وهذه السنة، أمر الرئيس الروسي جنوده بوقف إطلاق النار في أوكرانيا من الثامن من أيار/ مايو إلى العاشر منه بمناسبة هذه الاحتفالات المتوجة كما كل سنة، بعرض عسكري كبير أمام أسوار الكرملين.
إلا أن أوكرانيا التي تواجه منذ 2022 حرباً روسية واسعة النطاق، اتهمت الجيش الروسي، الخميس، بهجمات على طول خط الجبهة، مشيرة إلى انتهاك الهدنة مئات المرات.
وفي المقابل، أكدت القوات الروسية أنها «تحترم بصرامة» الهدنة، مؤكدة أنها تكتفي «بالرد» على الانتهاكات الأوكرانية.
وانتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاستعراض العسكري على الساحة الحمراء، واصفاً إياه بـ«عرض الأكاذيب»، ومعتبراً كلّ مشاركة أجنبية فيه «دعماً لدولة العدوان» الروسية.
وأعلنت المسؤولة عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن كييف والدول الداعمة لها ستقرّ إنشاء محكمة خاصة تنظر في «الجرائم» الروسية خلال اجتماع الجمعة في لفيف (غرب أوكرانيا). وقالت كالاس الخميس: «لن تمرّ الجرائم بلا محاسبة».
ضدّ الغرب «المتسلط»
وأكدت السلطات الروسية أن الاحتفالات هذه السنة غير مسبوقة من حيث الضخامة، إذ إن التاسع من أيار/ مايو هو محطة أساسية في السردية الوطنية في روسيا وفي جمهوريات سوفييتية سابقة أخرى.
وفي السنوات الثلاث الأخيرة، كثيراً ما استشهد بوتين بالانتصار على ألمانيا النازية للدفاع عن هجومه على أوكرانيا، مشدداً على أن روسيا تريد «اجتثاث النازية» من هذا البلد المجاور الذي يسيطر الجيش الروسي 20 % من أراضيه تقريباً.
وخلفت الحرب العالمية الثانية التي حصدت أكثر من 20 مليون قتيل في الاتحاد السوفييتي وتطلبت تضحيات جمة من سكانه، صدمة لا تزال تردداتها ملموسة في المجتمع وغدت حساً وطنياً يستغله الرئيس الروسي.
وبعيد بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، منعت السلطات الروسية أي انتقاد للجيش، مشددة القمع ما أدى إلى اعتقال مئات الأشخاص وسجنهم ودفع الآلاف إلى اختيار المنفى.
والخميس، التقى الرئيسان الصيني والروسي في موسكو وأظهرا وحدتهما أمام الغرب «المتسلط».
وتتهم الصين بمساعدة روسيا في الالتفاف على العقوبات الغربية لا بل توفر لها أسلحة كما قالت كييف قبل فترة قصيرة، الأمر الذي تنفيه بكين.
0 تعليق