في وقتٍ لا تزال فيه وصمة السرطان حاضرة في كثير من الثقافات حول العالم، تقود «جمعية أصدقاء مرضى السرطان» في الشارقة تحولاً نوعياً في الخطاب المجتمعي نحو المرض، جاعلة من الثقافة أداة للتمكين والدعم النفسي لا الخوف والانطواء، فمنذ تأسيسها، تجاوزت الجمعية أدوارها التقليدية في تقديم الرعاية الطبية والدعم النفسي، لتصبح منصة تبني وعياً جديداً يكرّس التضامن ويحتفي بقصص الصمود، مستلهمةً تجارب عالمية تُحوّل الألم إلى أمل، والمعاناة إلى حكايات انتصار إنساني.
بين التقليد والدعم المجتمعي
يكتسب توجه الجمعية الثقافي أهمية خاصة لما تجسده دولة الإمارات العربية المتحدة، كونها موطناً لأكثر من 200 جنسية، تحمل تنوعاً ثقافيّاً غنيّاً ينعكس في اختلاف نظرة الشعوب لمرض السرطان. ففي بعض المجتمعات، يُخفي المريض تشخيصه خوفاً من نظرة وموقف الآخرين، بينما في ثقافات أخرى تعتبر المواجهة الجماعية للمرض واجباً عائليّاً ومجتمعيّاً.
في رواندا مثلاً، شكّل الوعي المجتمعي ركيزة في التعامل مع الأمراض، ومنها السرطان. حيث أسست مجموعة من الأرامل في العاصمة كيغالي مشروعاً تعاونياً اسمه «نسيج الأمل»، يجمع بين الدعم النفسي وصناعة المنسوجات التقليدية، حيث تروي كل قطعة قماش قصة نجاة وانتصار على المرض. وفي هذه المبادرة، يُحتفى بتجاوز المرض.
وفي اليابان، يتم التعامل مع المرض بقدر كبير من الصمت والخصوصية، حيث يعتبر الحديث العلني عن السرطان نوعاً من اقتحام الحيز الخاص. لكن حالات كثيرة خرقت هذا الصمت، مثل الإعلامية اليابانية الشهيرة ماساكو واكاميا، التي تحدت المرض في سن الثمانين، وأسست مبادرة رقمية توعوية لكبار السن، غيّرت بها النظرة النمطية عن الضعف والسرطان والعمر.
وفي الثقافات الإفريقية الكاريبية، كما هو الحال في ترينيداد وتوباغو، يُستخدم الفن والموسيقى كوسيلة تعبير عن المعاناة والانتصار، حيث نظّمت الناجية جانيت جوزيف مهرجاناً سنوياً بعنوان «أنغام النجاة»، تُعرض فيه قصص المتعافين في عروض موسيقية وشعرية.
الوعي والانفتاح
يؤكد راشد الأميري، رئيس قسم الاتصال المؤسسي في جمعية أصدقاء مرضى السرطان، أن تحول الثقافة العامة تجاه مرض السرطان من الصمت والخوف إلى الوعي والانفتاح لم يكن ممكناً لولا تضافر الجهود المؤسسية مع القيم الثقافية للمجتمع. ويضيف: «هذا ما نعمل عليه في الجمعية منذ تأسيسها عبر رؤية شاملة لتمكين المريض ثقافياً ونفسياً، إذ نتطلع إلى بناء بيئة داعمة وحاضنة للمرضى وعائلاتهم، تشجع على الكشف المبكر والالتزام بالعلاج».
انطلاقاً من ذلك، تعتمد الجمعية نموذجاً فاعلاً في استلهام أفضل التجارب من حول العالم، فتجمع بين جلسات التوعية الصحية والمجموعات الثقافية والدينية، وتعمل على إتاحة برامج تدريبية للطبيب والمجتمع لفهم التنوع في التعامل مع السرطان.
أخبار متعلقة :