اليوم الجديد

فائز أبا

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فائز أبا, اليوم الخميس 15 مايو 2025 03:38 صباحاً

فائز أبا

نشر بوساطة هناء حجازي في الرياض يوم 15 - 05 - 2025


أرسل لي ولدي يخبرني أن أباه قد انتقل إلى مستشفى جديد، أرسل عنوانه وصورته، وأصابني حزن شديد، كذلك الذي يصيبني كلما زرته. فكرت أن أتصل بصديق، أخبره بحزني لكنني قررت أن أفعل ما أبرع فيه، أحكي على الملأ، ولا أعرف كيف ستكون الكتابة، لكنها ستكون عن حياتنا الثقافية، لأن الأمور الأخرى لنا وحدنا فقط.
عرفت فائز في بداياتي، كنت قد نشرت نصاً أو نصين أدبيين في مجلة اليمامة، وسمعت من إحدى الصديقات أن فائز أبا، المحرر الثقافي في مجلة اقرأ كان يسأل عني، كان فائز في ذلك الوقت ملء السمع والبصر، كان معروفاً جداً ومتألقاً جداً في الساحة الثقافية، أتحدث عن الثمانينات، وأنا اتصلت به عام 87. كان مندهشاً من طريقتي في الكتابة، كانت عكس السائد في ذلك الوقت، كنت أكتب بتلقائية وبساطة شديدة، كان يسألني كيف ومتى بدأت، لم يقتنع أنني بدأت في ذلك الوقت بلا مقدمات، لكنه اقتنع حين أخبرته أنني كنت قارئة للأدب العربي والعالمي من طفولتي. بدأت أرسل له ما أكتب، مازالت لدي ورقة كتبت عليها قصة، وعليها ملاحظاته هو ومصطفى إدريس -يرحمه الله-، لم أنشر تلك القصة، لكنني كنت مستمعة جيدة لكل الملاحظات.
أعطاني قائمة بالكتب والكتّاب الذين يجب أن أقرأ لهم، حتى الموسيقى، والفنانين الذين يجب أن أستمع لهم، أصحاب موسيقى جديدة ومختلفة في ذلك الوقت.
عرفني على المجتمع الثقافي في جدة، وفي غيرها من مدن المملكة حين كانوا يقومون بزيارة جدة، التقيت بالكثيرين، كانت فترة خصبة، كان المثقفون يلتقون ويستمعون إلى بعضهم، يختلفون ويضحكون ويتسامرون. كان الوقت صعباً، لكنهم كانوا يعيشون.
كان يحب القاهرة، ويذهب إليها بشكل دائم، عرفني هناك على الكتاب الكبار الذين نسمع عنهم، كانوا أصدقاءه، فائز لديه كاريزما طاغية، لا يستطيع أحد أن يفلت من حبه، بشرط، أن يحبه هو. أصبحت أذهب وأجلس على قهوة زهرة البستان المعروفة للمثقفين المصريين حتى في غير وجوده، بعد مرضه ووفاة إبراهيم منصور، انقطعت علاقتي بذلك المجتمع تماماً.
كان هو من أدخلني إلى عالم الترجمة، ولم أكن لأستمر لولا تشجيعه الدائم، كان يختار لي المقطوعات المهمة، حتى ترجمتي لكتاب بورخيس نمور الحلم كان اقتراحه، كان يؤمن بي كمترجمة، عرفت ذلك حين سمعته يتحدث إلى صديق ويخبره كم أنا دقيقة وحريصة في اختيار المفردات حين أترجم، شعرت بأنه وسام قلده لي، لأنه، فائز أبا، الذي كان أول من ترجم الأدب اللاتيني في السعودية.
كان يذهلني، كان عقله يذهلني، لا أعرف كيف أصفه، كان موسوعة في كل شيء، الأدب العربي القديم والحديث والمعاصر، الأدب العالمي، القديم والمعاصر، كان يتابع الدوريات المهمة في الأدب العربي والعالمي، كان يترجم من الإنجليزية مثلي لكنه كان مؤمناً أن اللغات اللاتينية تتشابه ولا يجد حرجاً في الترجمة عبرها وأقنعني بذلك.
هذه شهادتي التي تأخرت، لا أعرف يا فائز لو كنت تستطيع قراءتها، لكنني سأزورك وهي معي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار متعلقة :