اليوم الجديد

إغلاق نوافذ احتكار العقار.. وفتح مجالات النمو

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إغلاق نوافذ احتكار العقار.. وفتح مجالات النمو, اليوم الأحد 4 مايو 2025 01:01 صباحاً

إغلاق نوافذ احتكار العقار.. وفتح مجالات النمو

نشر بوساطة منير النمر في الرياض يوم 03 - 05 - 2025


توقع كبار العقاريين في المنطقة الشرقية أن تسهم التعديلات الأخيرة على نظام رسوم الأراضي البيضاء في تحفيز حركة التطوير العقاري، وزيادة المعروض من الأراضي داخل النطاقات العمرانية، لا سيما في المدن التي تعاني من تضخم في الأسعار واحتكار طويل الأمد للمساحات غير المستغلة، مثل محافظة القطيف، التي تجاوز سعر المتر في بعض أحيائها عتبة ال 3000 ريال، وهو ما يعد رقمًا مقلقًا بالنسبة للأسر الساعية إلى امتلاك مسكن، وبخاصة للطبقة الوسطى المقبلة على التملك.
وعلى رغم وجود مشاريع تابعة لوزارة الإسكان تعد منخفضة في مناطق عدة من المحافظة، إلا أن تلك الأسعار التي يصفها شبان ب"الفلكية وغير المبررة" لا تزال تعمل في مناطق القطيف لتصبح الأرض بعيدة المنال على تلك الطبقة، بيد أن التغييرات الأخيرة الضاغطة على محتكري الأراضي لقيت ترحيبا قويا من المواطنين المتأملين حدوثا للتغيير بعد دخول تلك القرارات حيز التنفيذ.
ورصدت "الرياض" تحولات لافتة في سلوك السوق العقاري، تمثلت في بروز توجهات عملية جديدة لدى بعض ملاك الأراضي، خاصة من يمتلكون بلكات تفوق مساحتها 2500 متر مربع، إذ بدأ عدد منهم في تأسيس شركات تطوير عقاري، أو الدخول في شراكات مع مطورين، بهدف البدء في استغلال أراضيهم قبل فرض الرسوم الفعلية، هذا التوجه يكشف عن تغير جوهري في النظرة إلى الأرض، فبعد أن كانت يحتفظ بها لسنوات دون حراك، أصبحت الآن عنصرًا فاعلًا في منظومة الاستثمار العمراني، وأصحاب الأراضي باتوا يدركون أن تكلفة الانتظار ستصبح أعلى من تكلفة التطوير، وأن تأخير استثمار الأرض قد يعرّضهم لعبء مالي سنوي لا يمكن تجاهله، هذا التحرك المبكر يشير إلى أن الرسائل التنظيمية بدأت تصل إلى السوق، وتُحدث صدى حقيقي، ليس فقط على مستوى السياسات، بل في سلوك الأفراد والمستثمرين، فيما يعد الأهم من ذلك أن الفائدة من هذه التحولات لن تقتصر على أصحاب الأراضي، بل ستنعكس إيجابًا على كامل سلسلة القيمة العقارية، من المطور إلى المقاول، ومن المشتري إلى الجهات التمويلية، في دورة اقتصادية متكاملة تؤدي في النهاية إلى تحفيز العرض وتحقيق استقرار سعري حقيقي.
نظام محدث
وجاء النظام الجديد ليكسر هذا الجمود، تأكيدا لمعالجة التشوهات السعرية، فالتعديلات التي طرأت على رسوم الأراضي البيضاء كانت أشبه بعملية جراحية في جسد السوق العقاري، إذ تحوّل الرسم من نسبة ثابتة سنويا تبلغ 2.5 % من قيمة الأراضي البيضاء إلى نسبة متحركة تصل إلى 10 % من قيمة تلك الأراضي، وفق معايير دقيقة تراعي مصلحة السوق العقاري، منها الأخذ بعين الاعتبار موقع الأرض، ومدى جاهزيتها للتطوير، وطول فترة تعطيلها عن الاستخدام، كما تم فرض رسم سنوي على العقارات الشاغرة غير المستغلة لمدة طويلة دون مسوغ مقبول، وهو تطور نوعي يهدف إلى مواجهة واحدة من أكبر مشكلات السوق، إذ يميل العقاريون سابقا للترقب والاحتفاظ بالعقارات دون تطوير، تحت مظلة الترقب أو المضاربة، ولم يعد بإمكان مالك الأرض تفتيت ملكيته للهرب من الرسوم، فكل من يملك أرضًا أو مجموعة أراضٍ تتجاوز مساحتها 5000 متر مربع فأكثر داخل النطاق العمراني، أصبح معنيًا بالدفع أو التطوير، النظام الجديد تخلّى عن قصر الرسوم على الأراضي ذات الاستخدام السكني، ليشمل كل أرض قابلة للتنمية داخل النطاق العمراني، ما يجعل من التعديل أداة ضغط فعالة لكسر احتكار الأراضي، وفتح أبواب التطوير العقاري على نطاق أوسع، إذ سيتم تطبيق كل ذلك خلال 90 يوما، وللعقارات الشاغرة خلال عام، مما يعكس جدية الدولة في تفعيل هذه الأداة الإصلاحية في مدة قياسية مراعاةً لمصلحة السوق والمواطن
سوق متغير
وشهد السوق العقاري خلال الأعوام الماضية تقلبات حادة، تشير إلى اختلال في معادلة العرض والطلب، فمنذ النصف الأول من عام 2019، حين كان متوسط سعر العقار يبلغ نحو 916 ألف ريال، وحتى منتصف 2024 حيث قفز المتوسط إلى نحو 1.7 مليون ريال، فيما تشير الإحصاءات لتحقيق العقار ارتفاعا بلغ نسبة 3.6 % للربع الرابع من العام الماضي (2024)، وسجلت القطاع السكني 3.1 %، والتجاري 5.2 %، وسجلت العمائر ارتفاعا بلغ 5.1 %، كما سجل السوق العام الماضي ارتفاعا بمؤشر السوق العام السنوي بنسبة 2.3 %، إذ كان في الفترة نفسها عام 2023 منخفضا عن ذلك، وتشير الأرقام إلى تسجيل القطاع السكني ارتفاعًا بنسبة 1.0 %، والقطاع التجاري 6.1 %، والقطاع الزراعي المتمثل في الأراضي الزراعية بنسبة 1.4 %، وفقا للمؤشر العام حسب هيئة الإحصاء.
وتعد محافظة القطيف التي قفز سعر المتر فها لمستويات فلكية حالة نموذجية تعاني من احتكار الأراضي الكبيرة، وتأخر دخولها حيز التطوير، مما ساهم في رفع الأسعار وتراجع قدرة المواطنين على تملك سكن داخل محافظتهم، في حين أن التعديلات الأخيرة على الرسوم تمثل فرصة لكسر هذا الاحتكار، خاصة أن بعض الأحياء لم تشهد تطورًا عمرانيًا يُذكر منذ سنوات، رغم وجود طلب متنامٍ.
وأكد عبدالله آل نوح أحد كبار العقاريين المطورين بالمنطقة الشرقية أن رفع رسوم الأراضي البيضاء إلى 10 % سنويًا يمثل تطورًا مهمًا لتحفيز التنمية العمرانية والحد من الاحتكار، مشيرًا إلى أن زيادة كلفة الاحتفاظ بالأرض غير المطوّرة ستشجع العديد من الملاك على تسريع قرارات التطوير أو البيع، ما يسهم في تنشيط حركة العرض.
وأضاف "مع تطبيق القرار بعدالة وصرامة، يمكن أن يتحقق أثر ملموس، خاصة في المناطق التي تعاني من تجميد مساحات واسعة داخل النطاقات السكنية". وتابع "التعديلات الأخيرة تحمل إمكانات واضحة لرفع المعروض العقاري، غير أن نجاحها يرتبط بعوامل تنفيذية وتنظيمية، من أبرزها تسهيل إجراءات التراخيص، ودعم التمويل البنكي، وتوفير مرونة تتناسب مع واقع السوق"، مشيرا إلى التحديات المحتملة وقال: "إن محاولات الالتفاف على النظام، من خلال نقل الملكيات الصورية أو التأجيل المتعمد للتطوير، وهو ما يستدعي رقابة دقيقة".
وعن المدن التي تشهد ارتفاعًا في أسعار الأراضي، قال آل نوح: "تضم محافظة القطيف مساحات ملحوظة من الأراضي غير المستغلة داخل النطاق العمراني، إلا أن المشهد العقاري فيها يتأثر بعدد من العوامل الموضوعية، مثل تعدد الورثة، وتعقيد بعض الملكيات، وتأخر استكمال الصكوك، ما يتطلب مقاربة مرنة تراعي خصائص المدينة".
وتابع "الرؤية التطويرية طموحة، لكن تسريع التنفيذ أو توفير حلول مرحلية سيسهم في تلبية الطلب السكني". وأوضح آل نوح أن "تراجع النشاط الزراعي وتحوّل العديد من الأراضي إلى مساحات غير مستثمرة، يستدعي النظر في إعادة تصنيف بعض هذه الأراضي وفقًا لحاجات التنمية"، مضيفا "بعض الأراضي الزراعية لم تعد صالحة للزراعة، لكنها لا تزال خارج نطاق الخطط العمرانية، مما يعيق استثمارها في مشاريع الإسكان"، مؤكدا أن نجاح التعديلات في نظام الرسوم يتطلب تنسيقًا أكبر بين الجهات المعنية، ومواصلة الجهود التطويرية، وتسريع وتيرة إصدار التصاريح، بما يحقق المصلحة العامة ويراعي خصوصية كل منطقة"، مشدداً على أن النظام الجديد لا يترك مجالًا للمماطلة، وقال: "إنه تحرك شجاع من الدولة لفرض الانضباط على السوق".
توازن مرتقب
وشدد عبدالمجيد النمر أحد كبار العقاريين بالمنطقة الشرقية على أن التحولات الأخيرة في سياسات الإسكان، ومنها رفع الدعم عن الأراضي غير المستغلة، وتوجيه الرسوم نحو تعزيز الكفاءة العمرانية، تسير ضمن إطار رؤية السعودية 2030، وقال: "إن التعديلات على نظام الرسوم تكمّل برامج مثل سكني، ومبادرات المطورين العقاريين، لتشكل منظومة متكاملة تسعى إلى تحقيق التوازن بين الكلفة والطلب".
وأضاف "إن الأثر الإيجابي للتعديلات سيظهر تدريجيًا، لكنه سيكون ملموسًا في المناطق التي شهدت تضخمًا غير مبرر في الأسعار، مثل بعض أحياء الرياض، وجدة، والقطيف، فالملاك أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يدفعوا رسومًا سنوية مؤلمة، أو يفتحوا المجال للسوق كي يتنفس".
يشار إلى أن السوق العقاري يدخل اليوم مرحلة جديدة، عنوانها الشفافية والمساءلة، ومن يرغب في الحفاظ على قيمة أرضه، لم يعد أمامه سوى خيار واحد يكمن في تحويلها إلى منتج يخدم الناس، ويسهم في تنمية الوطن، وتلك هي المعادلة التي أرادتها الدولة حين عدّلت نظام الرسوم، وهو التعديل الذي قد لا يُرضي بعض المضاربين، لكنه بلا شك يُرضي مستقبل المدن.
عبدالمجيد النمر
عبدالله آل نوح

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار متعلقة :