نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حراسة القلب, اليوم الجمعة 2 مايو 2025 12:57 صباحاً
نشر بوساطة أ حمزة بن سليمان الطيار في الرياض يوم 01 - 05 - 2025
ممن يجب استبعاده عن حمى القلب المفسد، الذي يسعى في قطع صلة يحب الله وصلها، سواء كانت عامة أو خاصة، فالعامة كالبيعة وميثاق الطاعة لولي الأمر، واللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية، والخاصة كالعلاقة بين الإنسان ووالديه، وأرحامه، وعلاقة الزوجين، والألفة بين الزملاء والشركاء والجيران، فيجب على الإنسان أن يحذر ممن يسعى في محاولة النيل من هذه الصلات..
قلب الإنسان منبع سعادته وشقائه، ومركز أحاسيسه وقناعاته، ومنه تستمد جوارحه أوامر الصلاح فتسير على السداد، وأوامر السوء، فتتخبط خبط العشواء في الليلة الظلماء، وعليه فالإنسان مطالب بأن يكون معتنياً بإصلاح قلبه، حريصاً على أن لا يلج فيه إلا ما ينتفع به، وإن عرضت عليه شبهة أو شهوة سوء كافح في أن لا تجد فيه مستقراً، وأن يقتلعها مباشرةً قبل أن تنمو نبتتها؛ فهو ملك البدن، وبه صلاحه أو فساده، كما يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغةً: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"، متفق عليه، والدخلاء المتطفلون على القلب لا يسع الإنسان إحصاؤهم، والوسائل المستخدمة لذلك لم تزل متكاثرة متنوعة، وتتطور على ممر الزمان، ومنها وسائل لها استعمال مزدوج، يستفيد منها الناس، ويستغلها بعضهم لبث الشر؛ إذ من مظاهر تصارع الخير والشر أن الناس لا يجدون وسيلةً توصلهم إلى ما ينفعهم في دينهم ومعاشهم، إلا وجد من بينهم من يستغلها في الإفساد بين الناس وإشعال المشكلات، وإذا كان كل حمًى يحرص على حراسته من تسور الدخلاء المتطفلين، فالقلب أولى بأن يكون له في ذلك النصيب الأوفر، ولي مع حراسة القلب وقفات:
الأولى: ليس معنى حراسة القلب أن يضيق في ولوج الأشخاص والأفكار إليه، بل معناها ألا يزاحم غير المستحق المستحق، فليفتح على مصراعيه لمحبة وإجلال الله تعالى ومحبة وتعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أمرنا بمحبته بجميع صفاتهم، ولمحبة وطاعة من أمرنا الله تعالى بمحبته وطاعته كولاة أمورنا ووالدينا، ولمودة الوطن ورجاله وحماة حماه في كل مجال، والأقارب وأهل المودة، لا سيما إذا كانت المودة متوارثة، ففي الصحيح: "إن أبرّ البر صلة الولد أهل ود أبيه"، وحب العافية والسلام للناس، كما يفتح الباب لكل شيء يعين فهمه واستيعابه على تحقيق مصالح الدارين، وفي مقدمة ذلك النصوص الشرعية من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما فهم منهما الراسخون في العلم، فهي نبراس الهدى، وكذلك أنظمتنا المرعية التي تنضبط بها الحياة، وتحفظ بها الحقوق.
الثانية: أول ما يحرس عنه القلب ما يتعارض مع إخلاص التوحيد لله تعالى، فالتوحيد هو أس الخير وغرس الصلاح، ثم يحرس عن أن يلج فيه ما ينافي التقوى والصيانة من الشهوات بأصنافها، وما ينافي السنة من شبهات الزائغين، وبدع المضلين، وإذا ألم بقلب امرئ شيء منها فعليه المبادرة للتخلص منها، بالاستضاءة بنور الكتاب والسنة على فهم الراسخين من العلم الموثوق بهم، وبالاستمساك بغرز ولي أمر المسلمين، والركون إلى ما عليه جماعتهم، فهذا -بإذن الله تعالى- هو الحصن الواقي من شر الزائغ عن الحق، الحائم حول قلوب الناس؛ ليوقع فيها الزيغ والشقاق والفرقة والبدعة، فهو بمثابة الذئب، الذي لا يقترب ما دام يرى الراعي، ومغنمه البارد ما كان في الأطراف، وفي الحديث: "فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية"، رواه أبو داود، وحسّنه الألباني، وهو وإن كان سياقه في صلاة الجماعة، إلا أنه يشمل بعمومه الاجتماع الأعم، ومما ينبغي أن يحرس منه القلب الاستغراق في تعليقه بهدف محدود من الأمور الدنيوية إلى حد أن يربط الإنسان سعادته وراحة باله بتحقق ذلك الأمر، وأن يجعل فواته سبباً لنكده وتعاسته، فهذا مخالف لمسلك الناجحين، فإنهم يهتمون بمصالحهم بصورة مدروسة معتدلة، مع اتخاذ الأسباب المؤدية -بإذن الله تعالى- إلى المقصود، وإن لم يتحقق لهم شيء من ذلك لم تذهب نفسهم عليه حسرات، بل إنما يحفز بعض الإخفاق مواهب الجادين، ويغريهم إلى تجديد الأسباب، وصقل الهمم.
الثالثة: ممن يجب استبعاده عن حمى القلب المفسد، الذي يسعى في قطع صلة يحب الله تعالى وصلها، سواء كانت عامة أو خاصة، فالعامة كالبيعة وميثاق الطاعة المنبرم لولي الأمر على الرعية، واللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية، والخاصة كالعلاقة بين الإنسان ووالديه، وأولي أرحامه، وعلاقة الزوجين، والصداقات والألفة بين الزملاء والشركاء والجيران، فيجب على الإنسان أن يحذر ممن يسعى في محاولة النيل من هذه الصلات، وألا يجعل له إلى نفسه سبيلاً، وأن يبعده عن نفسه؛ فإنه مبعد حتى عن رحمة الله تعالى، فقد قال سبحانه: "والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار"، وهؤلاء المفسدون لا يقدمون أنفسهم على أنهم أهل فساد، بل يدخلون من أبواب كثيرة، والغالب أنهم يوهمون الإنسان حرصهم على المصلحة، وأخطرهم أهل الفتن الساعون في النيل من لحمة المجتمع، وعنهم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية.."، فوصفهم بأنهم يستغلون قول خير البرية.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
أخبار متعلقة :