نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في دار أخو نورة رفيع المقامات المجد والتاريخ هو له علامة, اليوم الاثنين 2 يونيو 2025 02:30 صباحاً
نشر بوساطة نوف بنت محمد بن حمد الزير في الرياض يوم 01 - 06 - 2025
العقد المثنى في سيرة نورة المهنا
نورة عليها العز بانٍ علامات
بنت الفهود أهل الوفا والكرامة
في دار أخو نورة رفيع المقامات
المجد والتاريخ هو له علامة
حظيت المرأة على مر التاريخ بمكانة رفيعة كفلها لها الإسلام وصانها الذين يطبقونه قولًا وعملًا.
وبرز ذلك جليًّا في المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، هذه المكانة التي ثمنّها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيّب الله ثراه- الذي طالما طرّز مواقفه بمقولته الشهيرة: وأنا أخو نورة! وسار على نهجه أبناؤه البررة: سعود، فيصل، خالد، فهد وعبدالله -يرحمهم الله-، وحتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسموّ ولي عهده -يحفظهما الله-.
ويبقى اسم نورة على مر العصور شامخًا عزيزًا طيّب الأثر عبق الشذى قريب الندى.
ومن شواهد العصر على ذلك سيرة النادرة نورة بنت محمد بن سليمان المهنا وهي بنت أبيها وأثيرته وسميّة أمه، فجدتها أم أبيها اسمها نورة ويسمونها الجوديّة، قالت في أبنائها الذين فقدت عدداً منهم وهم صغار:
يا حبني لعبود من جملة الناس
والله يجيره من تعوس الليالي
وعبدالعزيز القرم قطّاع الأرماس
حين محاذير وحين معازي
والا فهيّد ياالمناعير غرّاس
يمشي على الأسطار هي والسواني
والا محمد ماخذ جملة الناس
حافظ كلام الله حبيب رحابي
أما أبوها فهو الشيخ محمد بن سليمان بن مهنا المهنا قاضي سنام المتوفى سنة 1401ه -يرحمه الله- كان أول قاض في سنام، وقام.
وقد عاصرت كثيرًا من أحداث توحيد المملكة العربية السعودية وروتْ مشاركة كثير من أهل سنام في توحيد المملكة.
حرص الشيخ محمد بن سليمان المهنا على أن تتعلم بناته القرآن قبل افتتاح المدارس النظامية فدرست نورة وأخواتها على معلمة القرآن في سنام واسمها بجداء بنت شويمان أم موضي- والتي كانت تقرئهن القرآن وتعلمهن القراءة والكتابة في بيتها القريب من المسجد حيث لا يوجد في البيت إلا هي وابنتها موضي.
وكانت تبدأ بتعليمهن مستخدمة في ذلك اللوح، وبعد أن تتقن الصغيرات الحروف عن ظهر قلب تبدأ بتعليمهن القرآن والتجويد بالتلقين، حيث كان وقت الدراسة من الضحى إلى قبيل الظهر. وكانت لا تتقاضى راتبًا أو مالاً على تدريسها الفتيات ولكن بعض الأسر يرسلن لها إما حفنة من هيل أو قهوة أو نحو ذلك مع بناتهن بين كل حين وآخر.
وكانت -يرحمها الله- تقرئ كل واحدة قراءة فردية بطريقة التلقين؛ فتبدأ بقراءة آية ثم تتلوها المتعلمة ثم الآية التي تليها وهكذا حتى يكتمل النصاب اليومي للقراءة، وفي اليوم التالي تنتقل إلى آيات جديدة حسب حفظ وإتقان كل طالبة، وكانت أعمار الفتيات متفاوتة ما أدى إلى اختلاف السورة التي تقرأها كل واحدة منهن ومقدار التلاوة اليومية.
وكانت بعض الفتيات يساعدن أهلهن في أعمال الزراعة ورعي الغنم وجلب الماء -حال غياب الرعاة والمزارعين لبعض شؤونهم- فيخرجن لذلك بعد طلوع الشمس إلى قبيل الغروب، مصطحبين معهن ما يسد جوعهن، حيث كان هجيرهن تمر وأقط وزبد وحليب الأغنام من المرعى.
وكن يحتطبن -يجمعن الحطب- من أشجار السَلَم والسدر والطلح الذي يستخدمونه في الطهي والتدفئة.
ويروين الماء بعد صلاة العصر حيث تحمل كل واحدة منهن قربة أو قدر وتذهب للقليب لجلب الماء العذب لاستخدامه في الشرب والطبخ، أما الماء الهماج فإنه يستخدم للغسيل والتنظيف.
وكنّ يلعبن مع بعضهن في الهواء الطلق ألعابًا متعددة أشهرها: السباحة في الجبو -حوض يجتمع فيها الماء، أو التزحلق على الصخر الصفوان الأملس المنحدر إلى الأرض، أو عظيم ساري أو الكعابن أو الصقلة ولكل لعبة مجموعة وأسلوب وطريقة يتدربن عليها ويروّحن بها عن أنفسهن ويقضين فيها أوقات فراغهن.
ولا يكاد الداخل يفد إليها إلا وجد حسن الاستقبال وكرم الضيافة والدعاء له ولذريته وللمسلمين، ولهذا البلد المبارك وقادته بالتوفيق ودوام العز والخير، ناهيك عن الفوائد العلمية والمجتمعية التي تُعطِّر الأذان وتشرح النفوس ورواية كثير من القصص والأحداث والمواقف الجميلة والطريفة التي عاصرتها بنفسها أو رويت لها ممن حضرها بنفسه أو أحد قرابته.
وقد عاشت حياتها متنقلة بين مولدها في البرّة وعمل أبيها في سنام ثم التردد حسب حاجة أسرتها بين النقعة وسمحان والبرّة حتى اكتمل مطافها في الرياض رياض الخير والعز ولا تزال فيها حتى تاريخه.
إن وجود هذه الشخصية التي عاصرت أحداث التاريخ وعاشتها جدير بأن يكون محل عناية الجهات ذات الاختصاص بالتقدير والاستضافة ورواية التاريخ الشفوي الذي يُعدّ أحد مصادر توثيق التاريخ المهمة؛ سيّما وأنها - ما شاء الله - من النادرات التي تقرأ وتكتب وهي في هذا السن.
وما أجمل أن يُستفاد من علمها وحكمتها وتجربتها وقدرتها على التميّز في جميع أدوار حياتها، رغم مرورها بأماكن شتى والاطلاع على أحوال الناس وهم في شظف العيش ورؤيتها مواقف كثيرة تزامنت مع توحيد المملكة العربية السعودية وكيف عمّ الأمن والرخاء الأرجاء في عهد الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- وما تلاه من العهود الزاهرة.
إن وجود مثل هذه الشخصيات في مملكتنا الحبيبة لهو من نعم الله الكبرى التي نحتاج أن نشكر الله عليها، وأن نبرز سيرتها للأجيال ونستفيد من خبراتها ونقدّرها حق تقديرها ونسمع منها تاريخًا مجيدًا وحكمًا بالغة.
الفتيات يقمن برعي الغنم
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق