بعد مرور أكثر من عقدين.. الوفاء يطرق باب العدل

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بعد مرور أكثر من عقدين.. الوفاء يطرق باب العدل, اليوم السبت 31 مايو 2025 06:30 مساءً

بعد مرور أكثر من عقدين.. الوفاء يطرق باب العدل

نشر بوساطة عبد الله بن حمود النفيعي في الوطن يوم 31 - 05 - 2025

1165972
في سجل الذاكرة البشرية تتوهج محطات لا تُنسى، خاصة تلك التي تشهد انتصار العدل على تحديات البيروقراطية، تبرز قصص تلهمنا وتؤكد أن العدل قد يجد طريقه إلى النور بفضل شجاعة ونزاهة القيادات. هذه قصتي أنا، أحملها معي لأكثر من عقدين من الزمن، أرويها اليوم لأشارككم كيف تميزت في دراستي، وواجهت عقبات غير متوقعة في مسيرتي الأكاديمية، قبل أن ينتصر لي الحق وتفتح أبواب الإنصاف، بفضل قيادات تتحلى بالنزاهة والضمير الحي وموقف قيادي استثنائي.
بعد مرور أكثر من عشرين عاماً على منعطف حاسم في مسيرتي الأكاديمية، شددتُ الرحال وقادتني خطاي اليوم نحو رجلٍ أضاء لي ذات يوم عتمة البدايات حين واجهتُ تحدياً في بداية مسيرتي الأكاديمية رجلٍ ما زال حضوره في ذاكرتي يضيء دربي. إنه معالي رئيس جامعة الملك سعود الأسبق أ.د. عبد الله بن محمد الفيصل المؤسس والمشرف العام لكليات الشرق العربي حاليا، صاحب الموقف النادر الذي تجسد فيه العدل بأسمى معانيه.
أتذكر جيداً تلك الأيام وكيف بدأت قصتي مع جامعة الملك سعود، حيث كنت أول طالب يحصل على تقدير امتياز في قسمي منذ تأسيسه. إنجاز أكاديمي لافت، كان من المفترض أن يفتح لي أبواب المستقبل في هيئة التدريس، وتحديداً كمعيد بجامعة الملك سعود، بعد اجتيازي كافة الإجراءات الإدارية المعتادة، من موافقات مجالس القسم والكلية وغيرها، تفاجأت بأن الوظيفة المأمولة لم تكن شاغرة حينها بقي طلبي معلقًا والانتظار سيد الموقف على أمل توفر شاغر والاتصال بي ولكن، عندما حانت الفرصة وشغرت الوظيفة، شاءت الأقدار أن يُعين بدلاً مني شخص آخر أقل مني استحقاقًا. الحجة؟ أنني لم أتابع طلبي، وأن الجامعة علمت بتعييني معيدًا في معهد الإدارة العامة – كان هذا التصرف ليدفن حلمي وطموحي، لولا خيط الأمل الذي نسجه تميزي السابق وعدل قائد استثنائي.
لحسن حظي، لم أكن غريبًا على معالي الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد الفيصل، العميد السابق لكلية إدارة الأعمال آنذاك، والذي أصبح لاحقًا رئيسًا لجامعة الملك سعود. كان معاليه يتذكرني جيدًا كواحد من الطلبة المتميزين، بل هو من نصحني بالاستمرار في القسم عندما فكرت في التحويل إلى قسم المحاسبة، ووعدني بمستقبل أكاديمي واعد إذا استمررت في تفوقي. لذا، عندما وصل الأمر إلى معاليه وعلم بتفاصيل قصتي كاملة، لم يسمح للحق أن يُهضم. بكرم أخلاقي نادر وعدل مطلق، لم يتردد لحظة في إنصافي. ولم يكتفِ بإحقاق الحق فحسب، بل تجاوزه بتوجيه استثنائي وجريء: تحوير وظيفة "أستاذ مساعد" إلى وظيفة "معيد" ليتم نقلي إليها وتحقيق الإنصاف الذي أستحقه. ذلك الفعل الاستثنائي والإنساني، الذي لا يمكن أن يمحوه الزمن من ذاكرتي، لم يكن مجرد حل إداري او مجرد إنصاف، بل تجسيد لقيم إنسانية رفيعة ومنحة كان لها الفضل بعد الله في توجيه خطواتي وبوصلة وجهتني نحو محطتي التالية جامعة الملك فيصل، وأنا راضٍ كل الرضا بما قسمه الله لي، وقلبي يحمل له دعوات صادقة بالخير والجزاء الأوفى.
زيارتي اليوم ليست مجرد لقاءاً عابرا او استعادة لذكرى، بل لأذكر معاليه بجميل صنعة وعظيم فعله ووقفة عرفان أمام موقفٍ محوري رسم ملامح مسيرتي ورسالة وفاء محملة بتقدير ممتدة عبر السنين وامتنان دائم لرجلٍ كان للعدل راية وللإنسانية نبراساً، زرع بفعله النبيل بذرة خير في حياتي ما زالت تزهر في ذاكرتي عرفاناً وامتناناً.
هذه القصة ليست مجرد حادثة فردية في حياتي، بل هي رسالة قوية تؤكد أن التميز لا يضيع أبدًا، وأن العدالة يمكن أن تتحقق بفضل القيادات التي تتحلى بالنزاهة والشجاعة لاتخاذ القرارات الصائبة، حتى وإن كانت تتطلب تجاوز الروتين. إنها قصة تذكرنا بأهمية الضمير في إدارة المؤسسات، وبأن الحق يعلو ولا يُعلى عليه، وتذكيراً بأن العدل يظل نبراساً يضيء دروبنا، وأن جميل الأفعال يبقى خالداً في الذاكرة، شاهداً على أصالة النفوس وعظيم المواقف.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق