نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عبدالعزيز آل الشيخ.. القيادي الفذ, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 03:45 صباحاً
نشر بوساطة صلاح الزامل في الرياض يوم 09 - 05 - 2025
من الشخصيات المشهورة التي تقلبت في عدة مناصب عليا، ومن حملة العلم والمعرفة وهو رجل دولة، وذو شخصية، وكاريزما، وعندما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- وزارة المعارف عام 1373ه عيّن شخصيتنا وكيلاً ونائباً له، فهو الرجل الثاني فيها -أول وزارة للمعارف- وقبلها كانت إدارة المعارف، وأمضى فيها ثمانية أعوام تقريباً، حيث أصبح فيما بعد ثاني وزير لها بعد الملك فهد، إنه الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ -رحمه الله-، إمام وخطيب المسجد الحرام وعرفة بجامعها، تربى في بيت علم، فوالده رئيس القضاة الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ، واستفاد من مجالس والده العلمية طوال هذه السنوات في علوم الشريعة، فكانت هذه المجالس والدروس دعماً له في تكوينه العلمي والمعرفي، فمعلوماته الشرعية مؤسسة على هذه الدروس، إضافةً إلى التي نهل منها من علماء آخرين بالمسجد الحرام، وكانت النشأة والميلاد في مدينة الرياض، تعلم فيها في حلقات الدرس في المساجد، وكل هذا سوف نورده في بدايات تعليمه ومرحلة طلبه للعلم إبان شبابه في مدينة الرياض؛ لأنها هي المرحلة الأولى، وقبل ذلك انتقاله مع والده إلى مكة المكرمة، حيث مكث فيها ملازماً لوالده حتى عام 1373ه.
وُلد عبدالعزيز آل الشيخ عام 1336ه، تعلم في مدرسة عبدالرحمن بن مفيريج -رحمه الله- القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة، وهذه المدرسة قد كتبت عنها تقريراً مفصلاً قبل أربعة أعوام، فهي مدرسة خرجت الأمراء والعلماء وجمهرة من أهالي الرياض، ومكثتْ ما يقارب أكثر من نصف قرن وهي تؤدي دورها التعليمي في الرياض، فجزى الله خيراً القائمين عليها المقرئ عبدالرحمن بن مفيريج وأخاه عبدالله مساعده الأيمن خيراً.
تعليم وتحصيل
كان عبدالعزيز آل الشيخ -رحمه الله- أحد العلماء الذين خرجتهم مدرسة عبدالرحمن بن مفيريج العتيقة المباركة، وقد درس على الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ والمفتي محمد إبراهيم آل الشيخ، وهذا طلبه للعلم حينما رجع إلى مدينة الرياض بعد انتقاله مع والده إلى مكة المكرمة، أمّا المدارس النظامية فقد درس الابتدائية في مكة ثم انضم إلى المعهد العلمي السعودي وبعدها رحل إلى جامعة الأزهر ودرس فيه، وبهذا التعليم والتحصيل المعرفي كان أحد العلماء الكبار ليُعيّن إماماً وخطيباً بالمسجد الحرام وخطيباً بعرفة.
مرجع مهم
وعُيّن عبدالعزيز آل الشيخ -رحمه الله- برئاسة القضاء مساعداً لوالده ونائباً له، وكان من المشرفين على تنظيم القضاء، إذ عاصر جميع التنظيمات القضائية، وألّف في القضاء بالمملكة وتاريخه كتاباً يعد أحد المراجع المهمة لنشأة القضاء ومراحله، حتى أنه مع توليه وكالة وزارة المعارف لم يترك رئاسة القضاء، فهو شخصية قضائية عارفاً وعالماً بهذا الأمر الحساس، فرئاسة القضاة التي كان يرأسها والده هي بمثابة وزارة العدل، وهي مختصة لكل ما يتعلق بالدوائر الشرعية القضائية وكتّاب العدل وتعيين القضاة بالمنطقة الغربية، فنال خبرة في الجهاز القضائي، طبعاً شخصيتنا لم يتول القضاء، لكنه عالم بالقضاء نظرياً، حيث تعرض قضايا كثيرة على والده -رئيس القضاة-، إذ كانت ثمة نظر أو تصديق أو رفعة قضية من الملك للنظر فيها، فشخصيتنا عالم بالقضاء وما يدور في مجلس القضاء.
وكيل ثم وزير
وعندما تولى الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- الحكم 1373ه تحولت إدارة المعارف إلى وزارة، وتولى الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- هذه الوزارة، وعُيّن عبدالعزيز آل الشيخ -رحمه الله- وكيلاً لوزير المعارف، وهو الرجل الثاني فيها، وقد كانت الوزارة عليها مسؤولية كبيرة في نشر التعلم بمراحله الثلاث في جميع أنحاء المملكة، ولم يألو عبدالعزيز آل الشيخ جهداً ووقتاً في مساندة وزير المعارف آنذاك الملك فهد، وكانت ثقة وزير المعارف في شخصيتنا لا حدود لها، فهو قيادي من الطراز الأول وإداري متقن، كان التحدي كبير جداً في هذه المرحلة من حيث مناهج التعليم، وتأسيس المدارس التعليم العام، وجلب وتوفير الأساتذة، خاصةً من خارج المملكة، مئات القرى بحاجة إلى مدارس ليتعلم أبناؤها، وكانت الدولة قد بدأت مرحلة التحديث وإرساء البنية التحتية لجميع المرافق في جميع أنحائها، ومن أهم ما أولته كل الاهتمام والعناية وضخ الموارد البشرية والمادية في وزارة المعارف، لقد كانت هذه المرحلة من أصعب المراحل، وكانت آنذاك الأُمية هي الغالبة على المجتمع، لكن الجهود تظافرت في وزير المعارف ووكيله والطاقم الإداري والفني، وسهلت هذا التحدي الكبير، وكانت لآل الشيخ جولات على المدارس الحكومية ومشاركات في المؤتمرات التعليمية، فهو من المؤسسين للتعليم النظامي الحديث بالمملكة ومن المشرفين على تأسيس الأنظمة التعليمية، وفي ختام رحلته في التعليم أصبح شخصيتنا وزيراً لوزارة المعارف سنة واحدة.
أمر بالمعروف
بعد وفاة عم شخصيتنا الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ الذي كان رئيساً لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، صدر مرسوم ملكي بتعيين عبدالعزيز آل الشيخ -رحمه الله- 1396ه رئيساً لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقام به أعظم قيام وأتمه، وفي 1397ه استقال من رئاسة الهيئات.
وكانت لشخصيتنا زيارات كثيرة خارج المملكة في مراكز الدعوة، وألقى عدة محاضرات، وقد ألّف الداعية سعيد بن عبدالعزيز الجندول -رحمه الله- كتاباً عن رحلاته الدعوية، وذكر أنه صحب آل الشيخ في عدة رحلات دعوية، وكان الجندول صديقا مقربا وحميما له منذ أن كان بمكة، وهو زميله في المسجد الحرام، إذ أن الجندول كان أحد خطباء المسجد الحرام.
وكانت خُطب عبدالعزيز آل الشيخ -رحمه الله- في المسجد الحرام ويوم عرفة متميزة جداً، وكان فصيحاً وخطيباً مفوهاً، وكانت نبرات صوته بديعة وجميلة، ولعل آخر خطبة كانت له بالمسجد الحرام عام 1404ه في صلاة عيد الفطر، وكان يخطب بالمسجد الحرام في غير العيدين.
متسامح كريم
وألّف عبدالعزيز آل الشيخ -رحمه الله- كتاباً عن تاريخ التعليم في المملكة، وهو من المصادر الأساسية في التعليم النظامي بالمملكة، وشاهد عصر لبدايات التعليم النظامي، وكان له دور فعال في عملية التعليم منذ أن كان وكيلاً لوزارة المعارف ثم أصبح وزيراً، وله مؤلفات عدة منها رسالة في الحج وكتاب عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
وقال المؤرخ عبدالله البسام عن شخصيتنا: كان -رحمه الله- مثالاً في الخُلق، مهيباً وقوراً، حسن المعشر متسامحاً كريماً، كما كان مثالاً للرجل العالم العاقل والعامل بعلمه، فسجاياه أكثر من أن نوفيها حقها، ونحصرها في عجالة كهذه، رحل عن ذويه ومحبيه قرير العين راضي النفس، وكان حتى آخر لحظة من عمره مشغولاً بذكر ربه محافظاً على صلواته جماعة حتى في أصعب ظروفه الصحية، وكان لسانه يلهج بشكر الله وذكره رغم ما كان يعاني من مرض عضال، حتى أن أصحابه كانوا يعجبون من صبره وجلده، فلم يَشْكُ مما أصابه؛ لأنه كان يعلم يقيناً أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، عاش عمراً طويلاً، وظل دائماً مستقيماً غيوراً على الدين والمحارم، فأكسبه ذلك هيبة ووقاراً، فأحبه الأقربون وغيرهم، وأحبه واحترمه حتى من اختلف معه في الرأي، وكانت نفسه تنأى دوماً عن سفاسف الأمور، فغدا بذلك أشبه بمن عرفناهم وقرأنا عنهم من علمائنا العاملين من سلفه، فلا غرو إذن أن يتمتع بكل تلك المكانة السامية، وأن يكون له كل ذلك الحب والإكبار، عاش عزيزاً كريماً، ومات مشكوراً مأسوفاً عليه، وعلى ما امتاز به من سمح الخصال وكريم الشمائل.
تواضع جم
وقال عبدالله خياط عن عبدالعزيز آل الشيخ -رحمه الله-: هو من الشخصيات العالمية اللامعة التي خدمت المملكة في مجالات عدة، وكان له الأثر البارز في تنظيم المؤسسات القضائية والتعليمية وتطويرها.
وذكر يوسف المطلق أن آل الشيخ كان أحد العلماء المجاهد بلسانه وقلمه ونصحه وإرشاده.
وأوضح الدكتور الوليد الفريان أنه كان يسعد بزيارة عبدالعزيز آل الشيخ في منزله، وينتفع بمجالسته، ويُنصت إلى نصائحه وتوجيهاته، ويجد فيه ما لا يجده في كثير من أهل وقته من صالح الرأي وبعد النظر وقوة الإدراك ودقة الملاحظة، والقدرة على متابعة الأحداث وتحليلها، والغيرة العظيمة على حرمات الله، والمحبة الخالصة لأهل العلم وطلابه، والتواضع الجم وسلامة الصدر، وصدق العاطفة، والبُعد التام عن كل ما يُدنّس النزاهة، ونقاء الأهداف، مع الحرص الشديد على المصالح العامة ونفع الآخرين.
رؤية واتزان
وقال عبدالله بن حمد الحقيل: عرفنا عبدالعزيز آل الشيخ -رحمه الله- عالماً ورعاً وتقياً ومربياً فاضلاً، تحلى بمكارم الأخلاق، ورجاحة العقل، وامتاز بأعماله البناءة، ومواقفه المشرفة، والحرص على رفعة الإسلام، وإعلاء كلمة الحق.
وأوضح عبدالمحسن بن محمد التويجري أن شخصاً فاضلاً، وعالماً جليلاً، هو الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن حسن آل الشيخ الذي اختاره الله لجواره بعد عمر قصير طويل، قضاه في الأعمال الصالحة، متجهاً إلى ربه الأعلى بعقيدة صافية، وفقه راسخ في الدين، وفهم عميق لأحكامه، ومحاولة جادة لتطبيق شرع الله بعد استيعابه، والإلمام بمقاصده الشريفة، ومراميه النافعة، بإدراك واع وبصيرة نافذة، ووعي ثاقب مع رؤية واتزان عرف بهما، ومرونة واعتدال، كانا ديدنه، ومجاراة واقعية للعصر ومستجداته في حدود المنطق السليم والعقل الحصيف. -انتهى من كتاب علماء آل الشيخ لمؤلفة أحمد بن عبد الرحمن العوين-.
مجلس عامر
وتوفي عبدالعزيز آل الشيخ بتاريخ 28/ 6/ 1410ه، وصُلي عليه في جامع الامام تركي في مدينة الرياض، رحمه الله وغفر له، وقد زرته في منزله في حي المربع بصحبة الشيخ الواعظ حمد الراشد -رحمه الله-، وكانت هي أول زيارة لشخصيتنا، وأنست بها، وسمعت حديثه وسألته بعض الأسئلة بعضها فقهي وبعضها تاريخي، ثم رأيته مرةً ثانية بعد مدة، وسلمت عليه ورجوته أن أدرس عليه بعض من العلوم الشرعية لكنه اعتذر لمرضه، لكني ندمت أنني لم أواصل زيارته في مجلسه العامر، وكانت له جلسه بعد صلاة كل عصر في منزله يومياً إذا كان حاضراً في الرياض، وأذكر من الجلساء الذين يرتادون مجلسه الشيخ عبدالرحمن الشعيل -المفتش القضائي-، والمؤرخ عبدالرحمن الرويشد، والمؤرخ إبراهيم بن عثمان، وصديقه سعيد الجندول، وغيرهم من العلماء والأعيان والوجهاء، وكلما صليت في مسجده الذي بجوار منزله -مازال قائماً- تذكرت شخصيته، مُهابه وقوية ومؤثرة.
عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ -رحمه الله-
عبدالعزيز آل الشيخ في مرحلة الشباب
آل الشيخ في المركز الإسلامي باليابان
.. وهنا في الجامعة الإسلامية بإندونيسيا
وُلد عبدالعزيز آل الشيخ في الرياض عام 1336ه
إعداد- صلاح الزامل
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق