نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سَعَد البوَاردِي: المُتَرسِّلُ الأَخِيرُ, اليوم الجمعة 2 مايو 2025 05:45 صباحاً
نشر بوساطة فهد إبراهيم البكر في الرياض يوم 02 - 05 - 2025
ارتحل عنا قبل أيام قلائل الأديب السعودي (سعد بن عبدالرحمن البواردي 1348- 1446ه)، وهو شاعرٌ، وقاصٌّ، وكاتب مقالات متمرّس، ويُعَدُّ من روَّاد الصِّحافة في المملكة العربية السعودية، حصل على وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى عام 2014، وكان عمره الأدبي الثقافي مشرقاً؛ إذ اضطلع في بداياته الأولى بتأسيس مجلة (الإشعاع) في الخُبَر عام 1375ه، وهي مجلة أدبية ذات طابع اجتماعي، وقد أنشأها عندما انتقل للعمل في المنطقة الشرقية، ولعلها كانت منطلق إبداعه في عالم الصحافة، حيث استوى كاتباً عملاقاً فيما بعد، وذلك من خلال صومعته (زاويته الأسبوعية) التي كان يطلّ علينا من خلالها في جريدة الجزيرة لعقود متواصلة من الزمن، وكانت تحمل عنوان: (استراحة داخل صومعة الفكر).
على أن أديبنا الراحل -رحمه الله- كانت له زاويا أخرى متنوعة في الصحافة السعودية، وهي زوايا أسبوعية شهدت تحولات نضجه الكتابي، والفني الذي يمكن تقديره في نصف قرن من الزمن، فبين مجلة الإشعاع، وجريدة الجزيرة، ظل البواردي كاتباً مبدعاً في مقالاته، وكانت زواياه الأسبوعية تضيء عالم الصحف السعودية، كاليمامة، والمسائية، والجزيرة، واليوم. ويمكن أن نذكر منها: (من النافذة، والباب المفتوح، ومع الناس) في صحيفة اليمامة، و(السلام عليكم) في صحيفة الجزيرة، و(عالم فوق صفيح ساخن) في صحيفة المسائية، و(نافذة على عالمنا العجيب) في صحيفة اليوم، وأخيراً زاويته الشهيرة في جريدة الجزيرة (استراحة داخل صومعة الفكر).
أبدع في الشعر، وكان رائداً للمدرسة الواقعية فيه، وصدرت له عدة دواوين شعرية، منها مثلاً: (أغنية العودة وذرات في الأفق، ولقطات ملونة، وصفارة الإنذار، ورباعياتي، وأغنيات لبلادي، وإبحار ولا بحر، وقصائد تتوكأ على عكاز، وقصائد تخاطب الإنسان، وحلم طفولي)، وفي النثر، أصدر ستة كتب تناول أكثرها فن المقالة، منها مثلاً: (ثرثرة الصباح، وحروف تبحث عن هوية، واستراحة في صومعة الفكر، وإطلالة حول العالم، وللسلام كلام، وحتى لا نفقد الذاكرة، وكلمات للحياة، وفلسفة المجانين، وأجراس المجتمع، وثرثرة الصباح)، إضافةً إلى مجموعة قصصية واحدة حملت عنوان (شبح من فلسطين)، وبعض إصدارات ثقافية ذات طابع اجتماعي، كما في: (تجربتي مع الشعر الشعبي، وأبيات وبيات، ومثل شعبي في قصة)، وغيرها. وكانت آخر مؤلفاته التي كتبها في العقد الأخير من حياته: (نافذة على عالمنا العجيب، وثرثرة الظهيرة)، وكذلك سيرته (شريط الذكريات) التي أسدل بها الستار على عمر أدبي جميل.
غير أن الذي لا يُعرف كثيراً عن أديبنا البواردي رحمه الله - وأرجو أن يتوجه إليه الباحثون والمهتمون - أنه كان من طائفة المترسّلين القلائل الذين أخذوا ينضبون في هذا الزمن، ولعل كتابه (رسائل إلى نازك) الذي كتبه مخاطباً ابنته، كان خاتمة أدب الرسائل الرصين، وقد اختط فيه مسلك حمزة شحاتة في رسائله إلى ابنته شيرين.
لقد كان البواردي من أواخر الذين تفنّنوا في أدب الرسائل، سواء من جهته المضمونية، وغاياته التواصلية، أو من جهته الشكلية والفنية, وما أجمل قوله مخاطباً ابنته بهذه الرسائل، عندما قال: «ثم يا صغيرتي نازك، وأنت طفلة، أو ما دون الطفلة، إنني أخاف عليك، أخاف عليك يا صغيرتي من شيء خافه جدك على أمك، وخافه أبوك عليك، وعلى أولاده وأحفاده، وعسى أن لا يكون، أخاف عليك يا وحيدتي أن تعيشي جاهلة الفهم لما حولك..». رحم الله آخر المترسلين.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق