2.3 مليون فلسطيني تحت النيران.. من الرابح في حرب غزة؟
القاهرة – ايمان مندور
يصادف اليوم الاثنين الذكرى السنوية الأولى لهجوم حماس في 7 أكتوبر، والذي أعقبه مباشرة القصف الإسرائيلي على غزة واندلاع الحرب، التي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 45 ألف فلسطيني، ويعيش الآن 2.3 مليون فلسطيني تحت القصف. في البلاد. ظروف صعبة للغاية، في وقت يزداد الوضع سوءا. وفي هذا السياق، هاجمت إسرائيل حزب الله بشدة، وهو ما ينذر بتداعيات خطيرة على منطقة الشرق الأوسط، خاصة وأن الجيش الإسرائيلي نقل قتاله إلى الشهر الثاني عشر من الحرب في لبنان. وتحديداً مواجهة حزب الله، مما تسبب في نزوح أكثر من مليون لبناني.
ولم يقتصر الأمر على أن التبعات الإنسانية الكبرى للحرب حدثت بعد مرور عام على اندلاعها، بل كان العالم على وشك تحول جذري في نظام العلاقات الدولية، مما يثير التساؤلات نفسها: كيف تغير المشهد السياسي في المنطقة؟ هل تغير منذ 7 أكتوبر؟ فهل خلق الهجوم مناخا مثاليا لولادة تغييرات ستؤثر تداعياتها على منطقة الشرق الأوسط بل وعلى المجتمع الدولي برمته. من فاز؟ من خسر؟
أسوار الحرب والفقر
كشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، مشيراً إلى أن 2.3 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، الذي تبلغ مساحته 365 كيلومتراً مربعاً. تتمتع هذه المنطقة بأعلى كثافة سكانية، حيث يزيد عدد سكانها عن 6000 نسمة. لكل كيلومتر مربع يعيشون في ظروف صعبة للغاية.
وقال في تقرير: إن سكان غزة اضطروا مراراً وتكراراً إلى الفرار من منازلهم تحت الإكراه، وفقدوا منازلهم ووجدوا أنفسهم بلا مأوى في الخيام والمدارس، محاصرين بين أسوار الفقر والحرب. إلا أنهم لم يسلموا من القصف، لأنهم لم يسلموا من القصف. وقصفت الملاجئ التي كان يلجأ إليها المواطنون واستشهدت النساء. ونتيجة لذلك، تيتم أكثر من 17 ألف طفل وفقدت 15 ألف امرأة على الأقل حياتهن.
النظام الصحي
وتعرضت المستشفيات والمراكز الصحية للتدمير بسبب القصف، مما أدى إلى انهيار قدرة الأنظمة الصحية على تلبية احتياجات السكان. كما انخفض الوصول إلى الخدمات الصحية بشكل كبير، حيث أصبح الحصول على العلاجات والأدوية صعباً للغاية، مما زاد من معاناة المرضى. وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة كالسكري وأمراض القلب والذين يحتاجون إلى رعاية مستمرة.
تشير الإحصائيات إلى أن الأزمة الصحية تهدد حياة النساء الحوامل في قطاع غزة بسبب نقص الرعاية الصحية، حيث أن حوالي 60,000 امرأة حامل معرضة للخطر بسبب نقص الرعاية الصحية في القطاع، ومن المتوقع أن يصل عدد 13,649 امرأة حامل. ومن المقرر أن تلد في الشهر المقبل، وتواجه 5,522 امرأة في قطاع غزة و8,127 امرأة في الضفة الغربية، كما تواجه 155,000 امرأة حامل ومرضعة صعوبات صعبة في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية قبل وبعد الولادة.
سوء التغذية يهدد صحة النساء والأطفال
وأظهر التعداد أن 96% من سكان قطاع غزة (2.15 مليون نسمة) يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد حتى سبتمبر 2024، بما في ذلك حوالي 49,300 امرأة حامل، وأكثر من 495,000 شخص (22% من السكان) يواجهون مستويات كارثية. من انعدام الأمن الغذائي. انعدام الأمن الغذائي الشديد (المرحلة الخامسة)، بينهم 11 ألف امرأة حامل و3500 طفل معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، واستشهد 36 طفلاً بسبب المجاعة وسوء التغذية.
شبكات الطرق
تم تدمير 65% من إجمالي شبكة الطرق، مما أثر على الوصول إلى المرافق الصحية والملاجئ، وكذلك وصول المرضى إلى المستشفيات. وقد أدى شلل الحركة بين المدن إلى عزل المجتمعات وزيادة مشاعر الخوف وانعدام الأمن.
وبحسب وزارة التربية والتعليم العالي، حتى نهاية سبتمبر 2024، تم تدمير 122 مدرسة وجامعة بشكل كامل، و334 مدرسة وجامعة بشكل جزئي. ولم يكن الوصول إلى التعليم متاحاً للطلاب في المدارس التمهيدية والمدارس الثانوية في غزة لمدة عام دراسي كامل تقريباً. وقبل الحرب، كانت هذه المدارس تستوعب أكثر من 606 آلاف طالب و22 ألف معلم في العام الدراسي 2023-2024، حيث تعرض 31 مبنى جامعي للدمار الكامل، بالإضافة إلى 55 مبنى جامعي للتدمير الجزئي، مما أدى إلى عجز 88 ألف طالب و5000 شخص. المعلمين للتسجيل والوصول إلى جامعاتهم.
انهيار النظام الاقتصادي
وأوضحت الإحصائيات أن فلسطين تعاني من كارثة اجتماعية وإنسانية وبيئية واقتصادية أدت إلى انكماش القاعدة الإنتاجية وتشويه البنية الاقتصادية لفلسطين، في حين تراجعت مساهمة قطاع غزة في إجمالي الاقتصاد الفلسطيني . وبعد ذلك أقل من 5%، كانت تمثل نحو 17% قبل 7 أكتوبر.
وتشير التقديرات الأولية إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة بأكثر من 85% ونحو 22% في الضفة الغربية، ما يتسبب في تراجع الاقتصاد الفلسطيني بمقدار الثلث مقارنة بما قبل 7 أكتوبر. كما وصل معدل البطالة إلى 80%. في قطاع غزة و35% في الضفة الغربية… مما يرفع نسبة البطالة في فلسطين إلى 51%.
تسببت حرب غزة في تدمير معظم المنشآت السياحية كلياً أو جزئياً، حيث تم تدمير ما يقارب 4,992 منشأة تمارس النشاط السياحي، منها 3,450 منشأة لأنشطة تقديم الطعام والمشروبات (والتي تشكل ما نسبته 69.1% من المنشآت السياحية في قطاع غزة)، و921 سائحاً المؤسسات. مؤسسات النشاط الإبداعي. الأنشطة الفنية والترفيهية الأخرى (18.4% من المنشآت السياحية في قطاع غزة)، 182 منشأة لصناعة وبيع الحرف اليدوية والهدايا التذكارية، و173 منشأة لأنشطة الفنادق والإقامة والمنشآت.
الوحدات السكنية
وبلغ عدد الوحدات السكنية التي تضررت جزئياً بسبب الحرب منذ 07/10/2023 ما يقارب 297 ألف وحدة سكنية، فيما تهدم 87 ألف وحدة سكنية كلياً، وتشير بيانات مركز الأقمار الصناعية للأمم المتحدة (يونوسات) إلى أن عدد وبلغ عدد المباني المتضررة حوالي 156,423 مبنى.
نقطة تحول تاريخية
وأكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي في حديثه مع صحيفة الخليج أن الأزمة الإقليمية الناجمة عن هجوم حماس في 7 أكتوبر لا ترتبط فقط بمنطقة الشرق الأوسط.
وأوضح أن التصعيد الذي بدأ قبل عام بهجوم حماس على إسرائيل لم يعد يقتصر على أراضي إسرائيل وغزة. وفي عام واحد، حدثت أسوأ أزمة شهدتها المنطقة بأكملها منذ ما يقرب من نصف قرن.
وأشار المحلل السياسي اللبناني خالد العزي، أستاذ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، في حديثه مع صحيفة الخليج إلى أن السابع من أكتوبر لم يكن يوماً جيداً بالنسبة لطبيعة العملية التي شنتها حركة حماس لاختراق ضواحي غزة، والتي كان موضوع عملية واسعة النطاق حاولت حركة حماس من خلالها رسم إطار جديد لعملية التفاوض والصراع القائم، لأنه هو الذي يملك الكلمة الأخيرة في عملية التفاوض، ولذلك أطلق هذه العملية بشكل بطريقة متهورة، تعرض الشعب الفلسطيني وقضيته لخطر التشريح الكامل.
في الوقت نفسه، أكد المحلل السياسي اللبناني أن هذا الهجوم يشهد على فشل واضح للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي لم تأخذ في الاعتبار حجم الحركة التي تمارسها حماس طوال عام ونصف العام، لا سيما بعد انتهاء الاتفاق. الاتفاقية. في عام 2021، أن غزة تحت حماية حماس، وأنها لم تعد قادرة على تنفيذ ضربات ضد إسرائيل.
لكن المعركة غير المتوقعة كانت بمثابة ذريعة للعنف الإسرائيلي من خلال شن ضربة واسعة النطاق على غزة، وحولت غزة إلى مخيم واسع للاجئين، بحسب المحلل السياسي.
وأضاف أن هجوم 7 أكتوبر غير طبيعة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكنه ليس تغييرا إيجابيا بالنسبة للقضية الفلسطينية، بل العكس.
وتابع: “هنا كان الموقف العربي واضحا منذ اللحظة الأولى، بأن الدبلوماسية العربية للدول المعتدلة أصرت وما زالت تصر على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، من أجل إنهاء المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني. »
المتغيرات التي تؤثر على الجميع
وأوضح المحلل السياسي اللبناني خالد العزي أن هجوم 7 أكتوبر جلب لإسرائيل خصائص جديدة، أولها أن إسرائيل لم تعد قادرة على التعايش مع حماس في الجنوب وحزب الله في الشمال، وأن الاستراتيجية الجديدة بالتالي تدفع إلى الضرب و القضاء على هذه التنظيمات التي تشكل تهديداً عاماً لأمنها وحدودها.
وأكد أن إسرائيل استفاقت من الضربة والفشل الأمني والوضع الذي سادت بعد الهجوم، لتعيد تنظيم أوراقها، خاصة أنها تمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة المتطورة.
وأضاف المحلل السياسي: “هذا ما قدمته 7 أكتوبر لنتنياهو، فبعد عزلته ومواجهته حصارا في الشارع الإسرائيلي، أصبح مؤسسا لسياسة جديدة في إسرائيل، يحاول إقناع الرأي العام العالمي بالنظرية السياسية. الدفاع عن الأمن القومي الإسرائيلي.
وبالتالي تظل الدائرة مفرغة: من فاز ومن خسر؟ هل انتصرت حماس بعد أن تعرضت فلسطين لكارثة اجتماعية وإنسانية وبيئية واقتصادية؟ أم أن إسرائيل انتصرت في ظل التداعيات الدولية والاحتجاجات في العديد من الدول التي تطالب إسرائيل بوقف قتل المدنيين، بالإضافة إلى الاحتجاجات في إسرائيل ضد نتنياهو وحكومته للتوصل إلى هدنة وإنهاء الحرب في غزة؟